بارت 6( أصطدام)
"بين مفترق الحياة والموت وقفت شامخة كنور لا يخمد اختارت أن تكون القوة التي تتحدى الانكسار والصوت الذي يشق صمت الظلام بصراخه العنيف لم يكن خوفها ليكون سلاحهم ولم يكن موتها ليكون نهايتها في عالمهم المظلم أصبحت هي الشعلة التي لا يمكن إطفاؤها."
______________________________________
في غرفة الاستجواب داخل السجن كانت الإضاءة الخافتة تعكس بوضوح الجو المكبوت والقمعي الذي يلف المكان كنت أجلس على كرسي بارد متكئة إلى الوراء وأنتظر وصول الأستاذ فيليب الذي تأخر عني عشر دقائق بالفعل كان لدي إحساس متزايد بالقلق والحيرة بشأن هذه القضية التي ألقيت على عاتقي صحيح أنني أهتم بالعدالة خصوصًا عندما يتعلق الأمر بحقوق النساء وأؤمن بأن القانون وسيلة قوية لتحقيق العدل لكن لكل محامي جانب آخر من ذاته لا يمكن إنكاره الآن ومع ذلك أنا مجبرة على قبول قضية فيليب.
لم يكن هناك من يرغب في التورط معه اسمه وحده كان كافي لإثارة الرعب في نفوس المحامين الأكثر شجاعة شخصيته الغامضة والخطيرة جعلته شخصية غير مرغوب فيها حتى في دوائر القضاء بل إن أحد المحامين الذين حاولوا التعامل مع قضيته انتهى به الأمر في المستشفى بسبب أتباع فيليب وهو لقب لم يكن يتزين به فقط بل كان واقع مؤكد فيليب ليس مجرد سجين عادي إنه زعيم مجموعة خطيرة داخل السجن وربما خارجه أيضًا.
تنفست بعمق وتنهدت بملل هذه هي المرة الأولى التي سألتقي فيها وجهاً لوجه مع فيليب ولم أكن أتوقع شيء جيدًا بعد ربع ساعة بالضبط فتح الباب بصوت عال وثقيل وكأنه إعلان عن قدوم حدث مثير للتوتر دخل الرجل الذي كان وجوده يكاد يكون ملموسًا قبل أن يظهر.
فيليب كان ضخم البنية عضلاته مشدودة ومفتولة كما لو كان يتدرب يوميًا رغم الظروف الصعبة داخل السجن ذراعاه كانتا ممتلئتين بالوشوم المعقدة التي تغطيهما حتى أطراف أصابعه وكان كل رسم منها يبدو وكأنه يحمل قصة أو رسالة تحذيرية تلك الوشوم إلى جانب طريقة وقوفه ونظراته الثاقبة كانت تبعث في النفس شعورًا بالرهبة الهالة التي تحيط به كانت قوية ومخيفة لكنها لم تؤثر علي لم أكن لأدع أي شيء يهزمني خاصة مجرد مظهر.
ما أثار استغرابي أكثر هو أنه لم يكن مقيدًا بالأصفاد أو أي نوع من القيود هذا التفصيل الصغير كان كافي لتأكيد الشائعات فيليب ليس مجرد سجين عادي هو الشخص الذي استحوذ على السجن بطريقة ما وسيطر على النظام الداخلي له حسناً في النهاية هو من المافيا أيضاً بالطبع سيكون هكذا .
وقفت مددت يدي له لكي أصافحه و قلت له :-
_ مرحباً سيد كاسترو أنا المحامية صوفيا مارتنيز الجديدة الخاصة بك .
نظر ألي بكل برود الأرض كله و نظر الى يدي لثواني الممدودة و لكنه تجاهل يدي الممدودة له ليجلس في المقعد بكل شموخ أغمضت عيناي للحظة وأغلقت أصابعي بقوة على بعضها البعض حتى شعرت بالألم كان ذلك الألم هو الوسيلة الوحيدة التي يمكنني من خلالها السيطرة على الغضب الذي بدأ يتفجر بداخلي هذه هي المرة الأولى التي يتجرأ فيها أحدهم على وضعني في هذا الوضع المهين لكن ماذا يمكنني أن أفعل؟ محاميته الآن... ومهمتي أن أدافع عن هذا الرجل الذي يبدو أنه ليس سوى وحش مافيا متغطرس اللعنة عليه وعلى مؤسسة المحامين أيضاً .
جلست على المقعد المقابل له وهو يحدق بي بنظرة تشبه السيف الحاد مليئة بالبرود والاستهزاء قال بعد لحظات صمت طويلة بنبرة استفزازية تخترق أعماقي :-
_ هل نفذوا المحامين من الكرة الأرضية ليأتو لي بطفلة مثلك؟
كان صوته هادئ لكن كلماته كانت كالرصاصة التي تصيبك دون سابق إنذار تجمدت للحظة ثم رفعت حاجبي باستغراب بحق الجحيم ما الذي قاله الآن وأجبت بنبرة تملؤها الإهانة :-
_ عفواً ؟
لم يكلف نفسه عناء الرد بشكل مباشر بل أدار عينيه ببطء معبراً عن نفاد صبره وقال بكل بساطة :-
_ أنتي صغيرة جداً لتكوني محاميتي .
كلماته تلك ضربت كبريائي في الصميم كيف يمكن لهذا الشخص أن يحكم علي بهذه الطريقة الساخرة؟ كنت أرغب في الصراخ لكنني قمعت غضبي وبدأت أقلب بعصبية في الوثائق أمامي بينما فيليب أو كما يجب أن أسميه الآن سيد الاستفزاز واصل النظر إلي بلا أي مبالاة وكأن وجودي هنا ليس أكثر من مزحة سيئة.
بدأت بتفحص بعض الوثائق بينما فيليب يتابع النظر إلي بلامبالاة لأرد على كلماته بنفس أسلوبه :-
_ وأنت كبير جدًا لتكون لديك هذه النبرة المستفزة.
أجاب فيليب متجاهل نبرتي :-
_ ما الذي يمكن أن تفعليه لي؟ هل يمكنك إخراجي من هنا؟
نظرت أليه بطريقة مباشرة لأقول له بنبرة رسمية :-
_ ذلك هو هدفي ولكن لن يكون ذلك سهلًا التهم الموجهة إليك خطيرة عنف، غسل أموال، تهريب... قائمة طويلة.
لكن ما حدث بعدها فاجأني ابتسم فيليب بابتسامة خفيفة شبحية وكأنه يرى في تلك القائمة المروعة التي عددتها شيء يستحق الاحتفال وليس الخوف رد بنبرة هادئة لكنها مشبعة بالسخرية :-
_ وهذا ما يجعل الأمور أكثر إثارة أليس كذلك؟
تنهدت بنفاذ صبر لأقول له بجدية :-
_ انت لديك الكثير من السلطة في هذا السجن و يبدو أن خروجك سهل بهذا التحديد فلماذا لا تستخدم سلطتك في أن تخرج من هذا السجن لماذا تقوم بصرف الكثير من المال لأجل توكيل محامي لك لا أفهم .
_ لقد تم ترفيع قضيتي للنيابة العامة لهذا أحتاج الى محامي أما القاضي أستطيع رشوته بسهولة .
_ أذاً لماذا جعلتها تصل للنيابة العامة لماذا لم تنكر كل شيء .
صمت قليلاً ليرد بعدم مبالاة :-
_ ببساطة لأني لم أنكر التهم الموجهة نحوي .
بقيت صامتة لثواني هل هو مجنون أم اذا كيف لرجل مافيا أن يكون بهذا الأحترام الغير رسمي فقط لعدم نكران أعماله الغير قانونية تكلمت كأنني أستفسر منه و ليس لأعادة ما قاله أحاول تفهيم نفسي فقط :-
_ لم تنكر التهم الموجهة لك ؟
_ لم أنكر هذا و لما أنكر وهو شيء حقيقي .
رمشت عدة مرات أحاول أن أستوعب ما قاله هو مجنون حقيقي :-
_ هل تمزح معي كيف سأدافع عنك أن كنت لا تنكر جميع ما تفعله .
رفع حاجباه لي :-
_ أنا لا أكذب و لا أحب الكذب و لست مجبر عليه .
_ أنت مجبر على الكذب سيد كاسترو كيف يمكنني أن أدافع عنك و أخرجك من السجن أن لم تنكر جميع ما فعلته و تساعدني على أخراجك من هنا .
قال كلمة واحدة فقط غير مهتم بأي شيء :-
_ أنا لا اكذب و لست مجبراً على هذا .
شعرت بالغضب من كلماته لكني أحاول أن أسيطر عليها :-
_ نحن لسنا في فيلم سينمائي درامي هذا العالم الحقيقي والناس هنا يحكمون عليك بناء على الأدلة والقوانين وليس بناء على معتقداتك الشخصية إذا لم تساعدني في الدفاع عنك فإن كل ما ستفعله هو تسليم نفسك للقضاء دون مقاومة هل هذا ما تريده؟ لا احد سيهتم أن كنت تكذب ان تقول الحقيقة فحتى السلطات الكبيرة تكذب على شعبها بحق الجحيم .
نظر إلي وكأن كلامي مجرد ضوضاء لا تستحق الاهتمام :-
_ أنا لا أهتم بأحد حتى السلطات الكبيرة أنا فقط أفعل ما أريد و لست مجبر على أرتداء قناع بشخصية أخرى لأجل حريتي .
أخذت نفس عميق محاولة تهدئة غضبي المتزايد كان واضح أنني أمام شخص يعتقد أنه فوق الجميع حتى فوق النظام نفسه ولكنني لن أستسلم بسهولة قلت بصوت أكثر حدة :-
_ اسمعني جيدًا قد تكون لديك مبادئك الخاصة وقد تكون واثقًا من نفسك بشكل لا يصدق لكن الواقع يقول شيء مختلف إذا لم تتعاون معي الآن فإنك ستضع نفسك في موقف لا عودة منه ستقضي سنوات طويلة خلف القضبان وستفقد أي فرصة للحرية التي يمكنك استعادتها إذا عملنا معًا.
نظر ألي و كأن محاولاتي في أقناعه فاشلة لكنني لاحظت لمعة صغيرة من التفكير في عينيه أكملت :-
_ أنت تقول إنك لا تكذب حسنًا لكن أحيانًا الكذب ليس سوى استراتيجية أنت لست مضطر لتغيير من أنت بل تحتاج فقط لإعادة تقديم نفسك بطريقة مختلفة هل تريد أن تبقى هنا وتتظاهر بأنك "بطل"؟ أم تريد الخروج والاستمرار في حياتك؟
_ لماذا وظفك ألكسندر أذا لكي تكوني محامية لا لكي تعطني دروس .
خرجت من طور كضم الغضب و قلت له بنبرة عدائية :-
_ بحق الجحيم أن جلسة المحاكمة الخاصة بك بعد يومين كيف تريدني أن أخرجك أنت رجل مافياااا و متهم بتهم كبيرة جداً كيف لا يمكنك أن تكذب أنت تقتل الناس و تهرب الأشياء الغير قانونية و تتاجر بأشياء غير قانونية كيف لا تستطيع الكذب بهذا الشيء البسيط الى الآن حاول 13 محامي لأخراجك لكنك دائماً تخرب عملهم بحق خالق الجحيم كيف سأقوم أنا بالدفاع عنك أن كان هذا هو ما تقوله
لم يجب على أي كلمة قلتها حاولت تهدئة نفسي و التكلم معه بطريقة أكثر أقناع شعرت بالإحباط يتسلل إلى صوتي لكنني حاولت السيطرة عليه :-
_ المشكلة ليست في الحقيقة المشكلة هي أنك تتعامل مع الأمر وكأنه لعبة شخصية العالم الحقيقي لا يعمل بهذه الطريقة القضاة هيئة المحلفين النظام القانوني... كلهم يرون فقط ما يقدم لهم إذا أعطيتهم الحقيقة كما هي فلن يروا إلا مجرمًا يجب معاقبته وإذا لم تساعدني في تقديم رواية تخدم قضيتنا فإنك ستضع نفسك في موقف لا يمكن إنقاذه.
رفع حاجبيه وكأنه يتحدى كلامي :-
_ وماذا تقترحين إذن؟ أن أنكر كل شيء وأتظاهر بأنني ضحية؟
_ نعم أنكر بعض التهم وقدم تفسيرًا مقنعًا لما لا يمكنك نكرانه لا تحتاج إلى أن تكون كاذب تماماً بل عليك أن تكون ذكي النظام ليس هنا ليعرف الحقيقة هو هنا ليظهر العدالة أو بالأحرى ليقنع الآخرين بأنه فعل ذلك وأنت تحتاج إلى استغلال هذه الفجوة.
هذا الرجل سيجعلني أنتحر حقاً أنه محافظ على كلامه شكله يقول أنه لا يريد أن يساعدني على ما سأفعله و أنا مجبرة لأن المؤسسة أختارتني أنا أن لم أفعل هذا و لم أفوز بهذه القضية ستكتب بسجلي كنقطة سوداء و ربما سأخسر وضيفتي و ربما لم يعد للأشخاص أن يعطوني قضايا أخرى أنا الآن على المحك مع هذا الشخص و خاصة أنني الآن ..
رد على كلامي الغاضب ببرود هو أبرد من أخي بالتعامل حقاً :-
_أنا ليس لدي ما تريدين بالضبط وهذا كل ما يمكنني تقديمه إذا كنتِ عاجزة عن إخراجي من هنا رغم شهادتك وخبرتك فربما عليكِ إعادة النظر في مهنتك بأكملها إذا لم تستطيعي تقديم الحلول المطلوبة بل حتى عن فكرة أنك تستطيعين التعامل مع قضايا تحتاج لشخص لديه كفاءة حقيقية يبدو أنك اختارتِ المجال الخطأ .
نظرت أليه بكل غضب هو يختبر صبري و أنا لا صبر لدي حقاً أنفجرت به غاضبة فوقفت و صرخت عليه قائلة بحدة و نفاذ صبر :-
_ لماذا لا تكذب بحق الجحيم كيف تريدني أن أخرجك من السجن و أنت لا تعطيني وسيلة لأجعلك تتبرأ من تهمك اللعينة هذه أنت تقول عني أنني لا أعرف المحاما و الطريقة الوحيدة بأخراجك هو الكذب لماذا .
كانت نظرات فيليب نحوي لكنها ليست لطيفة أطلاقاً :-
_ لا ترفعي صوتك في وجهي أنا أحذرك و ألا رأيتي ما لا يعجبك يا صغيرة
حسناً لأقول شيء واحد فقط عندما أكون أنا غاضبة لا يمكنني أن أمسك لساني أطلاقاً فكل ما يأتي بمخيلتي أو بلساني أقوله حتى لو كان أخي هو الذي أمامي هذه طبيعة ستجلب أخرتي حقاً لذا صرخت في وجهه متحدية الموت بعينه :-
_ وهل تضنني سأخاف من تهديدك اللعين هذا ضعه بمؤخرتك اللعينة عليك الجحيم
لم أشعر إلا وهو يتحرك بسرعة خاطفة وكأنه لم يكن ينتظر سوى تلك اللحظة ليظهر جانبًا آخر من شخصيته أمسك بي بقوة مذهلة وجذبني نحو الطاولة الموضوعة في غرفة الاستجواب دفع رأسي نحو الطاولة حتى اصطدم به ثم ثبتني هناك بكلتا يديه كان الجزء العلوي من جسمه فوقي ويده الأخرى تمسك بعنقي بقوة كافية لتقطع أنفاسي
شعرت فجأة بأن الهواء بدأ ينقطع عني وأن قبضته القوية تمنعني من التنفس بشكل طبيعي ذعرت للحظة لكن عنادي استمر رغم كل ما يحدث حاولت مقاومته لكنه كان أقوى بكثير مما توقعت قال فيليب و شرارات الغضب في عيناه رغم هدوء نبرته :-
_ هل تظنين أنني كنت أمزح؟ هل تظنين أنني هنا لأنني أستمتع بالمباريات الصغيرة؟ إذا كنتِ تريدين الدخول في لعبة التحدي فأنا هنا لأخبركِ أنكِ ستندمين.
حاولت التخبط و أن أبعده عني لكن دون جدوى كانت حركته قاسية علي جداً شعرت أنه يسحب روحي من مكانها لكني لم أستسلم له بهذه السهولة حاولت ضبط أنفاسي لكي لا أخسر كم هائل من الأوكسجين المحبوس في رئتي و قلت بصوت بنقطع :-
_ اللعنة.... عليـــ......ك أتركنـ.......ي .
أشتدت أصابعه في خنقي حاولت ركله لكنه ثبتيني و لم أستطع أن أركله هو مجنون و أنا لساني يجلب لي المشاكل دائماً نظر إلي مباشرة وعيناه مليئتان بشرارات الغضب رغم هدوء نبرته قال بصوت عميق وبارد :-
_ أتعلمين؟ أنا أعطيتكِ تحذير واضح كنتِ تعرفين منذ البداية أنني لا أستمتع بالألعاب الصغيرة إذا كنتِ تريدين الدخول في لعبة القوة هذه فلتكن لديكِ الشجاعة لتحمل العواقب.
لم أستسلم له على الرغم من أنني أختنق و عيناه المظلمتين في عيناي أنظر أليه مباشرة و بتحدي ما الذي سيفعله بي هل سيقتلني ليقتلني لا أهتم منذ متى كنت أهتم بكل هذا أنا في النهاية أخت شيطان تتعلم الشياطين منه كل فنون الأستفزاز و الظلم و الغدر و كل ما هو سيء على وجه هذا العالم و كأنه سيهز شعرة مني لم أنكسر أمامه على الرغم من أنه يضيق الخناق على عنقي ...
أستطعت أن أبعد يداه عن يدي لأسك بياخة تشيرته و سحبته بقوة عندي لم يكن بيننا سوى بضع أنشات بين وجهي و وجهه لأقول له بصوت متقطع أكاد أفقده بصدق وهو تفاجئ من فعلتي هذه و جراءتي :-
_ وهل... تظـ....ن... أنني... أهتـ.....م... بالعواقب؟ هل تعتقد... أننــــ......ي... أخشى الموت؟
ابتسم فيليب ابتسامة باردة و قلل الخناق على رقبتي مما جعلني أتنفس ولو القليل من الأوكسجين ولكن بقيت يده تحاوط عنقي و أنا لا زلت متمسكة به بقوة و تحدي لكنه هذه المرة لم يرد فورًا بدلاً من ذلك رفع حاجبيه قليلًا وكأنه يعيد النظر في الشخص الذي أمامه قال بهدوء بنبرة تحتوي على مزيج من الإعجاب والاستهزاء :-
_ إذن... أنتِ بالفعل مختلفة عما يبدو.
ثم أضاف بعد لحظة صمت قصيرة :-
_ لكن هل تعلمين الفرق بين الشجاعة والتهور؟ الشجاعة هي أن تعرفين متى تتراجعين... أما التهور فهو أن تستمري في السير حتى عندما تعلمين أن الطريق يؤدي إلى الجحيم.
قلت بصوت أكثر ثباتًا رغم أني ما زالت اتنفس بصعوبة :-
_ أذاً ... دعنا نحترق بهذا الجحيم معاً أنا لن أحترق لوحدي .
حدق بي لثواني عديدة شعرت أن ضهري بدأ يألمني لكني لم أتنازل أبداً و لم أبتعد عنه بقيت امسك بياخة قميصه بشدة أكبر و غير مهتمة له الى أن تركني بأبتسامة غير لطيفة أطلاقاً و فيها معاني سوداوية لاسحب نفسي بقوة و كأني كنت في عداد الأموات كنت خائفة أن أموت بهذه الطريقة المبتذلة اللعنة محامية ناجحة تموت أثر اختناق من رجل مافيا بحق الجحيم أنها أسوء ميتة لي ستكون على وجه الكرة الأرضية حتى أنها لا تحتوي على ذرة هيبة و هيمنة ...
وقفت على قدماي و أنا أنظر أليه بحقد و أفرك عنقي :-
_ هل يمكنك أن تكون أكثر رقة أصلا من الجيد أنني أستلمت قضيتك من الغبي الذي سيستلم هكذا قضية .
أدار عيناه بملل متجاهلاً كلماتي :-
_ فالتفعلي ما شأتي لا أهتم بالوسائل التي ستستخدمينها و لا بالأضرار التي تفعلينها المهم أني لن أكذب و لن أفعل هذا ...
تنهدت بغضب هذا المخلوق لا فائدة من التكلم معه يجب أن أبحث عن أي شيء لكي فقط أحافظ على سمعتي المهنية ...
أخذت حقيبتي بعد أن وضعت الأوراق فيها لأنظر أليه أخر مرة أدرت وجهي و قلت بهمس :-
_ غبي أحمق متعجرف مغرور .
خرجت بعصبية من الغرفة كان أحد أتباعه وافق عند الباب و هو ألكسندر نظر نحوي عندما لمح خروجي من الغرفة :-
_ هل كل شيء على ما يرام .
ضحكت بسخرية واضحة مررت يدي على عنقي مرة أخرى وكأنني أريد محو أثر تلك اللحظة أجابت بنبرة مليئة بالتوتر :-
_ كيف تتحمل سيدك هذا .
عقد حاجباه وهو في وضع الاستعداد للغضب علي أيضاً لكني رفعت أصبعي أمامه وقلت بنفاذ صبر :-
_ أياك... أياك أن ترفع صوتك في وجهي قضية سيدك بين يدي الآن وما يحدث هنا يؤثر مباشرة على مستقبله .
كانت كلماتي كافية بجعله يتردد في ما كان سيقوله نظرت أليه بغضب :-
_ سأجد طريقة لاخراج زعيمك ليس لأنني خائفة منكم أنتم أخر همي أنا أريد فقط المحافظة على سمعتي المهنية لا تريني وجهكم قبل جلسة المحاكمة .
لم أنتظره يرد على كلماتي و لا على أي شيء بل أبتعدت و أتجهت خارجاً أستقلت سيارتي و أنا أحاول أن أهدء من غضبي حسناً لا أستطيع طلب المساعدة من أخر و خاصة أنني الآن متورطة بقضية رجل مافيا أخر لن يقبل بهذا على الأطلاق و كما أنني لا يمكن أخباره بما فعله لذا سأعتمد على نفسي في كل شيء و ألا أقيمت الحرب العالمية الثالثة بين أخي و فيليب ...
.
.
.
( نيفين )
.
.
.
_ نيفين لكي يومين لستي على طبيعتك هل أنتي بخير .
كانت هذه كلمات سارة التي لم تعجبها وضع نيفين هذه الأيام ... كنت مع صديقاتي في أرقى مقهى و كنت أحبه بشدة حتى أن قهوتي تشرب بسرعة دائماً لكن اليوم كنت فقط أنظر أليها شاردة الذهب لم يكن ببالي سوى ما حدث ذلك اليوم في الحفل الذي جمعني مرة أخرى بالرجل العضلي و ما فعله لم يتجاوز أحد الحدود معي كما فعل هو كل ما فعله تجاوز العقل حتى دون أستأذان مني أمسكت آنا بكتفي و هزتني بخفة لأنظر أليها :-
_ ها ...
تكلمت تاتيانا بقلق واضح على عيناها :-
_ ما الذي حدث معك يا فتاة لما أنتي شاردة الذهن و لن تشربي حتى القهوة الخاصة بك مع أن من المعتاد عليكِ أن تشربيها فور وصولها ليديك هل حدث شيء معك .
تحمحمت و أمسكت بقهوتي الباردة و أخذت رشفة منها أحاول أن أغير الموضوع :-
_ أمم القهوة لذيذة حقاً .
رفعت سارة حاجبها بسخرية :-
_ أنتي لا تحاولي أن تغيري الموضوع هل هذا صحيح .
نظرت بطرف عيني :-
_ هل تردن أن نذهب للسينما ؟
لم يكن يحاولن حتى تجاهل الموضوع حسناً أنا فاشلة بالكذب لا أعرف كيف أكذب بصورة صحيحة و خاصة على صديقاتي ربما أمي تتجاوز كذباتي بمزاجها و أبي تنطلي عليه ببعض الكلمات اللطيفة معي و أختي لا لن تنطلي عليها أي شيء لكنها تأخذ طبع أمي فقط و صديقاتي يدققن على أبسط الأشياء و لن يتركنني ألا و هن سيعرفن كل شيء حسناً صديقاتي نحن معاً منذ سنوات لذا هن ليس من الأشخاص الذين تقربو مني لأجل مالي و سمعتي بل نحن حقاً أفضل الصديقات فكل شيء نشاركه معاً ...
نظرت الى الطاولة و أنا لا أعرف ما الذي سأخبرهم و ماذا سأقول و بماذا سأبدأ و هن ينظرن ألي و يشجعنني على النطق و أن لا أبقى صامتة لذا أخذت نفس طويل و بدأت أشرح لهم ما حدث معي بالتفصيل حقاً بالتفصيل لم أكذب و لم أخفي أي شيء ألا ما فعله بقدمه في النادي الليلي لم أشعر أنه ملائم لأقوله لشخص حتى صديقاتي المقربات ....
و لكن عندما وصلت لفقرة أنه قام بتقبيلي عنوة صرخن بصوت واحد في عدم تصديق :-
_ مااااااااذااااااااااااااااا
نظرت حولي بتوتر وأدركت أن جميع الأنظار في المقهى قد اتجهت إلينا بعضهم كان يحدق بنفاد صبر والبعض الآخر بدا منزعج من الضجة همست لهن سريعاً وأنا أخفض رأسي :-
_ اللعنة أخفضن صوتكن الناس تنظر إلينا.
حاولت تهدئة الأجواء لكن صديقاتي لم يكن بمقدورهن التوقف تاتيانا كانت أول من تحدثت بغضب واضح:- بحقك يا نيفين كيف سمحتِ له بتقبيلك؟ هذا أمر لا يمكن تجاوزه بهذه السهولة .
آنا انضمت إليها وهي تهز رأسها بعدم تصديق :- كيف فعل هذا كيف رفض فتاة مثلك ؟
أما سارة فكانت لها وجهة نظر مختلفة تمامًا قالت بسخرية واضحة :- لكن الشيء الأكثر أهمية هنا هو... كيف تخبرين شخص غريب أن يكون حبيبك فقط لأنك رأيته يشبه بطلك الخيالي؟ نيفين هل جننتِ؟
شعرت بالحرج والارتباك يتسللان إلي لم أكن أتوقع مثل هذه الردود القوية حاولت الدفاع عن نفسي بهدوء :-
_ أنا فقط أعجبت به و أردته أن يكون ألهامي .
سارة تنهدت طويلًا ثم حاولت تهدئة الأمر بصوت أكثر هدوء لكن كلماتها كانت مليئة بالجدية :-
_ أنه شيء خاطئ نيفين هذا شيء خاطئ جداً أنتي لا تحبينه و أنتي ترينه فقط الملهم لك ما الذي سيحدث أن كان هذا الرجل خطير عليك ما الذي ستتصرفينه .
نظرت إليهن جميعًا وأدركت أنني لم أفكر في هذا الجانب من قبل كنت مشغولة جدًا بمشاعري المتضاربة ولم أتوقف لأفكر في العواقب المحتملة قلت بصوت منخفض وكأنني أتحدث لنفسي أكثر منهم :-
_ أنا أعلم أنا فقط لا أستطيع أن لا أفكر به لم يعجبني شخص و لم يلفت نضري أي رجل غيره أنتن تعلمن ما أقصد .
لحظات من الصمت علت الطاولة وكأن الكلمات التي نطقت بها تحتاج إلى وقت للهضم آنا كانت أول من كسر الصمت بصوتها الذي يحمل لمسة من اللوم والشجن معًا :-
_ أوه عزيزتي... كنتِ دائمًا ترفضين كل الرجال الذين حاولوا الاقتراب منكِ وكلما أظهر أحدهم اهتمامًا بكِ كنتِ تنظرين إليه وكأنه مجرد فكرة عابرة الآن عندما أعجبتكِ شخصية رجل ما جاء رد فعله ليكون ضربة قاسية لكِ ماذا تتوقعين أن يحدث؟
تاتيانا :- ما الذي ستفعلينه الآن ؟
أخذت نفس عميق ونظرت إلى كوب القهوة الباردة أمامي شعرت بأن الإجابة ليست موجودة في عقلي بعد همست بكلمات غير واضحة حتى لنفسي :-
_ لا أعلم حقاً لا أعلم .
ساد صمت ثقيل لبعض الوقت إذ لم يكن هناك الكثير مما يمكن قوله كنت أشعر بأنني في مفترق طرق وكل اختيار أمامي يبدو محفوف بالمخاطر تاتيانا التي لطالما كانت داعمة بشكل هادئ قررت أن تتدخل مرة أخرى :-
_ نيفين يجب أن تأخذي وقت لتقريري ما هو الأفضل لكِ لا يمكنكِ أن تقعي في دائرة المشاعر المختلطة دون أن تفكري في الخطوات القادمة هذا الرجل قد يكون مجرد لحظة عابرة في حياتكِ ولا يستحق أن تضعي نفسكِ في موقف صعب بسببه.
آنا أضافت بحنان :-
_ نحن هنا لنساعدكِ نيفين لا تشعري بأنكِ مجبرة على اتخاذ قرار سريع لكن عليكِ أن تفهمي أن ما حدث ليس خطأكِ بأي حال الرجل تجاوز الحدود وهذا يجعله الشخص المسؤول عن كل شيء سيء قد يحدث.
سارة التي بدأت تبدو أقل سخرية وأكثر تعاطف قالت :-
_ أعلم أنكِ تشعرين بالتشوش والضعف الآن لكن تذكري أنكِ تستحقين شخص يحترمكِ ويهتم بكِ وليس شخص يتعامل معكِ بناء على أوهامه الخاصة إذا كان هذا الرجل لا يستطيع أن يرى قيمتكِ الحقيقية فهو لا يستحق وقتكِ أو اهتمامكِ.
أردت أن أرد على سارة فرفعت رأسي ببطء ونظرت إليها لكن قبل أن أنطق بكلمة واحدة التقت عيناي بشيء لم يكن في حسباني خلف سارة وقف ذلك الشخص... ذلك الرجل الذي كان محور الحديث ينتظر قهوته بهدوء تام شعرت وكأن الأرض تهتز تحتي وعيناي توسعتا بشكل لا يمكن السيطرة عليه إنه... إنه هو همست لنفسي بصوت غير مسموع بينما ضربات قلبي بدأت تتسارع.
حسناً أنها المرة الأولى التي أراه بهذا النور الساطع كل الأماكن التي أراها به تكون ذات أنارة ضعيفة كان مختلف و أكثر جاذبية حسناً لقد أخترق قلبي حقاً
عقدت سارة حاجباها لتقول :-
_ ما الذي حدث لك لما أختطف لونك هكذا كمن رأيتي شبح .
همست لها دون أن أبعد عيني عنه وكأنني خشيت أن يفلت مني لو لم أركز عليه :-
_ أنه الشبح بحد ذاته .
كان هناك واقفًا بهدوء ينظر إلى هاتفه بينما يده الأخرى مغمورة في جيب بنطاله بدا وكأنه لا يعي العالم من حوله لكن مجرد وجوده كان كافي ليسيطر على الأجواء التفتت صديقاتي نحوه في توافق غير مخطط له وأدركت أنهن بدأن يدركن حقيقة الموقف تاتيانا كانت أول من نطقت بصوت منخفض ولكن واضح :-
_ هل هو هذا الرجل الذي أخبرتنا عنه .
همهمت لها :-
_ همم .
تمتمت آنا :-
_ اللعنة هو مثير جداً حسناً لا يمكنني لوم نيفين على أعجابها به
حسناً سحقاً كان حقاً مثير مثلما قالت آنا كان وجوده في المقهى أشبه ببريق خافت يتوسط ظلال الليل الحالكة ملابسه السوداء البسيطة وأكمام قميصه المرفوعة التي تكشف عن وشوم متعرجة على ساعديه القويين جعلته محط أنظار الجميع بلا استثناء طوله الفارع وقامته الضخمة التي تنضح برقي الغموض والقوة كانت كفيلة بأن تجعل كل من في المكان يعيد التفكير في تعريفهم للجاذبية كان فريد بكل ما تحمل الكلمة من معنى رجولته لا يمكن إنكارها وحضوره يكاد يكون ملموس .
لا أعرف كيف حدث ذلك لكنني وجدت نفسي أراقبه دون وعي عيناي تتحركان عبر تفاصيله وكأنهما تحاولان قراءة كتاب مغلق بإحكام شيء غريب سيطر علي ربما كان خليطاً من الفضول والإعجاب الذي لم أستطع السيطرة عليه هل هذا طبيعي؟ لماذا كنت أشعر بهذا الانجذاب الساحق نحو شخص غريب لا أعرف عنه شيء؟
بينما كنت أغرق في شرودي شعرت فجأة بشيء يسحبني إلى الواقع نظراته الحادة اخترقتني مثل سهام صامتة عندما التقينا بصرنا شعرت وكأن الوقت توقف لحظة عيناه كانتا حادتين باردتين خاليتين من أي ملامح عاطفية وكأنهما تنتميان إلى شخص فقد الأمل منذ زمن بعيد أو اعتاد أن يخفي مشاعره تحت قناع الجليد شعرت بالحرج يتسلل ببطء إلى وجنتي .
حدقنا ببعضنا لكن كيف يمكنني أن أنسى تلك اللحظة؟ تلك القبلة التي لم أكن أتوقعها وربما لهذا السبب كانت مدمرة ومذهلة في الوقت نفسه كنت قد قرأت في أحد الكتب مرة أن القبلة التي تفرض بالإكراه تلك التي لا تكون متبادلة برغبة كاملة هي الأشد إثارة وتأثير وهل يمكن أن يكون هذا صحيح؟
شعرت بأنني أعيش بين صراعين داخليين أحدهما يقول إنني يجب أن أكره ما حدث والآخر يهمس لي بأنني استمتعت به رغم كل شيء هل أنا مجنونة؟ ربما لكني شعرت بأن تلك القبلة كانت أكثر من مجرد لمسة مؤقتة على شفتي كانت غزواً كاملاً لروحي وكأنه أراد أن يترك علي علامة لا تمحى .
أنا مجنونة أنا حقًا مجنونة يا إلهي أحاول استيعاب الفوضى التي تسيطر على عقلي دائمًا ما أجد نفسي أغرق في المشاكل برغبتي الخاصة حتى لو خيروني بين الظلام والنور سأختار الظلام بكل سرور عقلي غبي بما يكفي ليحب التعقيدات والاندفاع نحو المجهول.
وفجأة شعرت بقدمي تتحركان كما لو كان هناك قوة خفية تسحبني نحوه كنت خائفة من أن يأخذ قهوته ويغادر المقهى قبل أن أتمكن من رؤيته مرة أخرى هذه الصدفة... ربما كتبت لي لأستغلها هذا الرجل الذي اقتحم عقلي دون إذن لا يمكنني أن أستسلم له بهذه السهولة حركت خطواتي بسرعة متجاهلة دقات قلبي المتزايدة ومتناسية كل كلمات التحذير التي اعتدت سماعها من صديقاتي.
وقفت أمامه أخيرًا كان طويلًا ضخمًا واقف بشموخ وكأنه الملك الذي يحكم هذا المكان بلا منازع رفعت بصري نحوه وأنا أشعر بقلبي ينبض بقوة داخل صدري بدا وكأنه ينظر إلي بنوع من الاستعلاء الهادئ بيده كوب القهوة الذي كان قد تسلمه للتو من النادل صوته الخشن انطلق فجأة مفاجئ إياي بكلماته الباردة :-
_ أنتي من جديد .
شعرت بالحرج يتسلل إلى وجنتي لكنني حاولت أن أبدو هادئة تمتمت بكلمات غير واضحة :-
_ نعم أنا أمم هل ترتاد هذا المقهى دائماً .
رفع حاجبه بسخرية واضحة بينما ارتفعت زاوية شفته في ابتسامة باهتة تحمل الكثير من الغموض رد علي بلهجة جافة :-
_ هل نفذت كل كلماتك لتسأليني عنها أم ماذا
أغلقت عيني بقوة أحاول كبح الإحراج الذي اجتاحني كان له الحق سؤالي بدا حقًا سخيف أمامه فتحت عيني مجددًا وبدأت أتحدث بتلعثم أكبر محاولة تجميع شتات أفكارتي :-
_ لا أنا أقصد ... أنا فقط ... أردت أن أعرف .
توقفت لبرهة غير متأكدة مما أريد قوله بالضبط ثم فاجأني بسؤال لم يكن في الحسبان :-
_ كم عمرك ؟
حدقت فيه بحماقة :-
_ هاا؟
كرر السؤال بثقة بدون أي مقدمات أو تفسير :-
_ سألتك عن عمرك ؟
ترددت للحظة قبل أن أجيب بصوت خافت :-
_ أنا ... في ال19 من عمري .
هز رأسه بهدوء ولكن بسخرية واضحة وكأنه يستهين بالجواب نفسه عاد ليحدق في وجهي بنظرة فاحصة وقال بلهجة فظة :-
_ ليس فقط كبير على جسدك بل كبير حتى على عمرك .
شعرت بالأنزعاج لأني لا أفهم كلماته هذه
_ لماذا تتكلم بالألغاز قل كلمة واحدة واضحة
ابتسم مرة أخرى واقترب مني خطوة واحدة مما جعلني أتراجع بغير وعي صوته أصبح أكثر عمق عندما قال :-
_ الأشياء الواضحة ليست دائمًا هي الأصح يا صغيرة أما بالنسبة لك نسيان أمري ليس فقط لمصلحتك المستقبلية بل لأن الفرق بيننا كبير للغاية ما تشعرين به الآن مجرد مشاعر عابرة... ستنسينها قريبًا عندما يظهر أي رجل آخر في حياتك.
ما الذي يقوله؟ هل يعتقد حقًا أنني مجرد فتاة مراهقة تتصرف بدافع الاندفاع والغرائز؟ ربما كان على حق في شيء واحد قد تكون بعض تصرفاتي غير ناضجة لكن ما أشعر به ليس مجرد إعجاب طفولي أو لعبة عابرة لماذا لا أستطيع الدفاع عن نفسي؟ لماذا تتعثر كلماتي وتختفي في اللحظة التي أحتاجها فيها أكثر من أي وقت مضى؟
حركت رأسي بنفي قوي لكلماته محاولة أن أجبر نفسي على التحدث :-
_ لا .. لا ... أنا حقاً ... أنا ... أريدك أن تكون ...
لكن الكلمات علقت في حلقي كأن هناك حاجز يمنعها من الخروج شعرت بالإحباط يتسلل إلى أعماقي وكأنني طفلة صغيرة لا تعرف كيف تعبر عن نفسها وبالفعل خرجت يده من جيبه ليربت على شعري برفق كما لو كنت طفلة صغيرة تحتاج إلى تهدئة الحركة كانت مألوفة كانت نفس الطريقة التي اعتاد والدي أن يتعامل بها معي عندما يريد أن يخفف من توتري أو أن يكذب علي بلطف.
قال بنبرة أقل جفاء :-
_ لا تسألي رجل غريب أن يكون حبيبكِ قد يكون شيطان بهيئة إنسان وربما يجركِ إلى عالمه دون أن تدركي كوني حذرة.
لم أرد عليه فقط صمت لا يمكنني الرد عليه حتى أبتعد ناوي الذهاب لكني لم أستطع منع نفسي من أن أسئله السؤال الذي في بالي و الذي أستوقفه :-
_ على الأقل هل يمكنني أن أعرف أسمك أرجوك فلتحسبه هدية على الأقل .
لم يبتسم هذه المرة و عيناه لم تكونا سوى مطرزتان بالسواد كل حروف أسمه كانت حادة وباردة لا أعلم لماذا شعرت بهذا :-
_ لويس رامون
غادر المقهى تارك وراءه صمت مطبق يلف المكان كما لو أن وجوده كان عاصفة هدأت فجأة ووقفت هناك عاجزة عن الحراك أنظر إلى أثر خطواته وهو يبتعد بهدوء لكن بثقة كل مرة التقيه فيها يزداد هذا الشعور بداخلي كأنه نار صغيرة تتوسع شيئًا فشيء حتى أصبحت لهيب لا يمكن إخماده ضربات قلبي تتسارع بطريقة جنونية لم أعهدها من قبل وكأنه ينبض ليس فقط في صدري بل في كل خلايا جسدي.
الآن أدركت حقيقة واحدة واضحة أنا معجبة به لم أشعر يومًا بهذا النوع من الإعجاب أو الانجذاب لأي رجل آخر لم أشعر بالفضول تجاه أحد كما شعرت به تجاهه دائمًا كنت أرى الرجال مجرد أشخاص عاديين لا شيء فيهم يستحق التعمق أو البحث ولكن "لويس" هو مختلف كل شيء فيه غامض ومثير للتساؤل وكل كلمة يقولها تحمل طبقات من المعاني التي لا أستطيع فكها بسهولة.
.
.
.
.
(لويس )
.
.
.
كان الظلام حالكًا كأنه ستار سميك يلف المكان بأكمله الهواء بارد و ثقيل يحمل معه رائحة الدماء التي تنتشر في كل زاوية تغمر الأجواء بلعنة صامتة حتى أنفاسي شعرت بها تتلاشى في هذا السواد الكئيب لم يكن هناك سوى نور خافت يتسلل من مصدر غير واضح يرسم ظلالاً طويلة على الجدران المرتجفة.
نظرت إلى الرجل الذي كان ممددًا أمامي على المقعد الحديدي البالي كان جسده مشدودًا بالقيود حبال سميكة تحيط بمعصمه ورجليه وكأنها تحاول سحق ما تبقى منه وجهه كان غارق في الدماء والكدمات المتورمة وتفاصيله اختفت تحت طبقات من الألم والعنف الذي كنت أنا مصدره.
وقفت هناك أتأمل المشهد بنوع من البرود الغريب لا شعور بالذنب ولا حتى ندم كانت عيناي تحدقان فيه وكأنه مجرد جسم بلا روح أو ربما شيء أقل من ذلك تذكرت اللحظات التي وجهت فيها إليه الضربات المتتالية وكيف كانت يداي تتحركان آليًا دون أي تردد أو تفكير دماءه لطخت ثيابي ويدي لكنني لم أشعر بأي انزعاج كانت تلك الدماء مجرد دليل على قوة الإرادة التي كسرتها له نظرت أليه بكل برود
بين يدي كان السيجارة مشتعلة تنفث دخانها الكثيف الممزوج برائحة الدماء المحيطة بي وبيدي الأخرى كنت أقبض على مقشرة الكابلات الأداة الصغيرة التي استخدمتها لتقطيع أصابعه واحدة تلو الأخرى يده اليمنى لم يعد لها وجود أما اليسرى فلم يتبق سوى ثلاثة أصابع فقط معلقة بصعوبة على عظام محطمة
كان أنينه يحتل جميع أرجاء الغرفة صوت متقطع و مبحوح نتيجة الألم والصراخ المستمر الذي أطلقه طوال الساعات الماضية كنت أستمتع بتلك الصرخات حقًا هي ليست مجرد متعة بل لذة غريبة و مظلمة تتنامى بداخلي مع كل صرخة جديدة إنه إحساس يتجاوز العقل والعاطفة وكأنني أروي ظمأ عميق يسكنني منذ زمن بعيد.
وضعت السيجارة بين شفتي وأخذت سحبة طويلة من النيكوتين الحارق ثم نفخت الدخان ببطء عبر شفتي وكأنني أرسم لوحة مظلمة في الهواء نظرت نحوه مرة أخرى وعيناي كانتا تحملان قسوة مطلقة :-
_ هل كان بعلمك ما هي العواقب التي ستدفعها أثر تماديك ... ألم يحذروك زملائك بعدم الوقوف في وجهنا همم ... قلنا لك لا تقف
رفع رأسه ببطء رغم أنه بالكاد يستطيع التحرك عيناه كانتا مليئتين بالألم والخوف حتى في هذا الوضع البائس حاول أن ينطق بكلمات لكن صوته خرج ضعيف مهزوز وكأنه مجرد صدى حيوان جريح :-
_ ... أنا... لم أكن أعلم...
ضحكت ببرود ضحكة قاسية وجافة تخرج من أعماق روحي السوداء :-
_ لم تكن تعلم؟
قاطعته بحدة بينما أسقطت الرماد من السيجارة على الأرض
_ كل شخص يعرف ماذا يحدث عندما يتحدى أشخاص مثلنا كل شخص يعرف أن نهايته ستكون أسوء مما تخيل.
أجاب و الدموع تملئ وجهه هااه بدأنا بمرحلة أنا أحب الحياة و أريد العيش فيها كم هذا مقرف صوت طلب الحياة أقرف من صوت الألم هذا مثير للشفقة :-
_ أرجوك سامحني ... أرجوك زعيم سامحني ... لن ... لن أكرر فعلتي هذه ... أرجوك .
توقفت للحظة ثم رفعت رأسي ونظرت إليه باشمئزاز عميق :-
_ صوتك بدأ يزعجني حقاً .
وضعت السيجارة جانباً قلت بصوت هادئ ولكنه يحمل ثقلًا مخيفًا :-
_ الحياة ليست هبة يا حبيبي إنها امتياز وعندما تخسر هذا الامتياز... فلن يكون هناك عودة.
في تلك اللحظة وبينما الكلمات لا تزال تتردد في الغرفة المظلمة سمعت صوت خطوات تقترب لم يكن علي حتى أن أفكر كنت أعرف تلك الخطوات جيدًا كانت ثقيلة ولكنها هادئة مليئة بالثقة والبرود نفسه الذي اعتدت عليه نظرت نحو مدخل الغرفة الكبيرة حيث كان الظلام يلف كل شيء والإضاءة الخافتة كافية فقط لإظهار ظلال الأشياء.
كان المكان قديمًا ومعتمًا مبنى مهجور لم يطأه أحد منذ سنوات ولم يكن من المفترض أن يأتي أحد هنا الآن لكنني كنت أعلم أن وجوده ليس مصادفة نظرت إلى الشخص الذي دخل وكأنني كنت أتوقع قدومه منذ البداية رغم الظلام كنت أستطيع تمييزه بوضوح ابتسمت بطرف شفتي ابتسامة صغيرة لكنها تحمل معاني عميقة :-
_ أطل علينا القمر اليوم .
تقدم نحوي ببروده المعتاد ليجلس على المقعد الذي بجانبي نظر الى الرجل الذي أمامنا و نظرات الرعب تحتله و كأنه رأى الشياطين اليوم أمامه بحلتها البهية نظرت اليه و ابتسامة ساخرة درامية على شفتي :-
_ هل أشتقت لي لهذا أتيت عندي أعلم أنك لا يمكنك العيش بدوني .
نظر ألي نيكولاس بجفاء و أشمئزاز مصطنع :-
_ و هل أنت الأوكسجين و أنا لا أعلم .
أمسكت قلبي بدرامية و مثلت الحزن :-
_ أوه قلبي لقد حطمته
أدار عيناه نيكولاس بملل :-
_ عاهر درامي .
ضحكت ضحكة قصيرة وساخرة ثم قالت و أنا أستريح على مقعدي :-
_ وأنت دائمًا تقتل الأجواء بلحظة واحدة من جفائك حقًا يا صديقي هل يمكنك أن تكون أقل... أناقة؟
رفع نيكولاس حاجبًا باستهزاء وقال :-
_ الأناقة ليست جريمة مثلما يبدو أنك تعتبرها لكن إذا كنت تريد درس في ذلك فلا بأس يمكنني تعليمك مقابل ثمن.
أبتسمت له :-
_ أوه كم هو مؤلم أن تذكرني بأنني محاط برجل أكثر أناقة مني كيف سأعيش؟
رد نيكولاس ببرود :-
_ هذا لأنك أبن عاهر .
قاطع حديثنا أنين الرجل المكبل ذاك الصوت الذي كدت أن أنساه تمامًا التفت نحوه ببطء ووقفت من مكاني بهدوء وكأنني أخرج من حالة غفوة عابرة بدأت ألاحظ كيف كانت عيناه تتوسلان بصمت وكيف كان جسده المرتجف يحاول مقاومة الخوف واليأس اللذين استحوذا عليه بالكامل رغبته في الحياة كانت واضحة لكنها أيضًا كانت ما يجعله يبدو أضعف وأكثر شفقة شيء بداخلي شيء مظلم ومدفون عميق كان يستمتع بهذا المشهد يستمتع برؤية هذا الكائن البشري وهو ينهار رويدًا رويدًا أمامي يتحول إلى لا شيء.
_ هل تريد الطريقة الصعبة أم السهلة .
أجهش الرجل بالبكاء صرخاته المتقطعة تملأ الغرفة كان يتوسل إلي بألا أقتله يتوسل بكلمات غير مترابطة وكأنه يعتقد أن الشفقة قد تغير شيء لكنني كنت أعلم أنه لا حياة لمن تنادي عندما يحين الوقت لا مكان للرحمة قلت بنبرة حادة وكأنني أعلنت الحكم النهائي :-
_ حسنأ بما أنك لم تختر سأختار أنا لك نهايتك التعيسة .
أخذت الثاقب الحائط الحاد من على الطاولة المجاورة وأمسكت به بإحكام اتسعت عينا الرجل فجأة وكأنهما أدركتا أن اللحظة الأخيرة قد حانت بدأ يصرخ ويتحرك بجنون يحاول التخلص من القيود التي تربطه لكن كل محاولاته كانت بلا جدوى أمسكت بوجهه بقوة وكأنني أريد أن أثبت للعالم أنني لا أرحم أحدًا.
نظرت في عينيه مباشرة وكأنني أبحث عن آخر شرارة حياة فيه ثم دون أي تردد بدأت أثقب رأسه الدماء تناثرت في كل مكان كرسمة فوضوية على الجدران والأرضية صرخاته توقفت تدريجيًا حتى أصبح الصمت مطبقًا وكأن الغرفة نفسها كانت تحبس أنفاسها.
بعد أن انتهيت ألقيت الأداة جانبًا ببطء وكأنني أتخلص من شيء عادي لا يحمل أي أهمية وقفت هناك للحظات أحدق في الجسد الهامد أمامي لم يكن هناك أي شعور بالذنب أو الندم تلك المشاعر لم تكن غريبة علينا منذ زمن بعيد كان الأمر مجرد عمل انتهى ولا شيء أكثر بالنسبة لنا هذه ليست جريمة أو مأساة بل هي حتمية تفرضها طبيعة العالم الذي نعيش فيه.
نيكولاس الذي ظل صامتًا طوال الوقت يراقب المشهد ببرود و كأنه يشاهد دراما ما لم ينبس ببنت شفة لم يكن هناك حاجة لذلك كلانا معتاد على مشاهد أبشع من التعذيب الذي حدث للتو لا فرق لديه إن كنت أنا أم هو من نفذ الفعل فكلانا في النهاية يسير تحت نفس الراية سيدا العالم السفلي هذا هو عالمنا المظلم حيث الرحمة ضعف والضعف غير مقبول.
جلست على مقعدي بهدوء وأخرجت علبة السجائر من جيبي نحن ننظر بصمت بارد إلى الجثة التي ترقد أمامنا كأنها مجرد جزء آخر من الزينة الكئيبة للمكان أخذت سيجارة بين شفتي ثم مددت يدي نحو نيكولاس وهي مغطاة بالدماء :-
_ هل تريد ؟
لم يتردد نيكولاس مد يده أيضًا وأخذ واحدة من السجائر وضعها بين شفتيه وكأن الدماء والموت حولنا مجرد خلفية اعتيادية لحياتنا اليومية أشعلت سيجارتي باستخدام القداحة ثم مددت له النار ليشعل سيجارته وهكذا وسط الصمت الثقيل ارتفعت دوائر الدخان في الهواء وكأنها تحاول أن تخترق الظلام المخيم على الغرفة.
أخذت نفس عميق من سيجارتي ونظرت نحو نيكولاس بنوع من الفضول :-
_ هل وقعت العقد اليوم مع شركة السيد آليسون .
همهم نيكولاس لأبتسم بسخرية لا زلت أتذكر كيف أن أبنتهم الكبرى بقيت خلف نيكولاس و هي تحاول أن تجعله يوافق على هذه الصفقة و فعلت الذي في رأسها :-
_ لم تترك أيلين ألا وهي تحصل على ما تريد .
رد نيكولاس بسحبة طويلة من النيكوتين ثم نفخ الدخان في الهواء بهدوء وكأنه يحاول أن يمحو ذكريات تلك اللحظة من عقله عيناه التفتا نحو السقف وكأنه يستجمع ذكرياته أو ربما يتجنب النظر في عيني مباشرة بعد لحظات من الصمت تحدث بنبرة باردة تحمل ثقل الأيام التي قضتها أيلين تحاول إقناعه :-
_ لقد كانت عنيدة حقاً عنادها كارثة متحركة
ضحكت بخفوت وكأنني أستطيع تخيل المشهد تمامًا أيلين الفتاة العنيدة ذات الشخصية القوية لم تكن لتستسلم بسهولة كانت دائمًا تعرف كيف تحصل على ما تريد حتى لو اضطرت إلى استخدام كل أساليب الضغط النفسي قلت وأنا أميل بجسدي قليلًا إلى الخلف :-
_ أنها فتاة قوية لقد رأيتها في الأجتماع ذلك اليوم عندما زافير وضع السلاح على رأسها لم ترمش حتى شخصيتها نادرة و تأخذ كل ما تريد سمعت كثيراً عن أمكانياتها بالنجاح بكثير من الصفقات .
رد نيكولاس بنبرة هادئة وعميقة بينما كان ينظر بعيدًا وكأنه يسترجع التفاصيل أيضًا :-
_ همم ديفيد آليسون يملك ورقتين رابحتين ميشيل و أيلين .
هززت برأسي بالموافقة :-
_ أجل ... كما أنه شخص حريص و ذكاءه فعال تعجبني هذه العائلة بذكاءها ما عدا شخص واحد .
نظر ألي نيكولاس بحاجبان معقودان بعدم فهم أنا الوحيد الذي أعلم من الغبي الذي يوقع نفسه بالجحيم دون تفكير لم يدقق معي نيكولاس على أي من هذه العبارة لكنه أكمل :-
_ أن العرض الذي قدمته لي أيلين كان بمثابة فتح الأبواب على تجارتنا دون تعب .
_ كنا بحاجة لهذه الموانئ لتجارة الأسلحة و المخدرات و كل شيء غير قانوني أن الحراسة في موانئهم مشددة بطريقة تجعلني أتقرف عندما تكون لدينا بضاعة هناك .
توقفت للحظة عن الكلام ثم قلت له بأستفزاز :-
_ و كما أن رقصتك كانت رائعة كعرض أيلين لك .
في تلك اللحظة تذكرت الرقصة التي رقصها نيكولاس مع أيلين أمام أنظار الجميع لم يكن شيئًا اعتياديًا بالنسبة له فنيكولاس لم يفعل مثل هذا في حياته من قبل لم يكن نوع الرجل الذي يطلب الرقص من فتاة ولم يكن يوم جزء من العروض العامة التي تجذب الأنظار لكن مع أيلين كان الأمر مختلف لقد أجبرته بطريقة ما على الخروج من منطقة الراحة الخاصة به دون أن تقصد .
نظر نيكولاس إلي بنوع من الجفاء المعتاد وكأنه يحاول أن يخفي أي أثر لانزعاجه الحقيقي قال بصوت هادئ ولكنه حمل لمسة تهديد واضحة :-
_ هل تريد لركلة على مؤخرتك الغبية لتكف عن حشرها بحياتي .
ضحكت بسخرية على كلماته وكأنني أستمتع بهذه اللحظة أكثر مما ينبغي قلت وأنا أهز رأسي بخفوت :-
_ لا يا عزيزي أخر مرة كدت أفقد قدرتي على الأنجاب فزوجتي المستقبلة بحاجته .
رد نيكولاس بابتسامة جانبية صغيرة ولكنها كانت تحمل سخرية مبطنة قال وهو ينقل وزنه من قدم إلى أخرى :-
_ زوجتك المستقبلية؟ هل هي حتى موجودة أم أنها مجرد خيال في ذهنك؟
أجبته بثقة مصطنعة وكأنني ألعب دور البطل في مسرحيتي الخاصة :-
_ بالطبع هي موجودة فقط تنتظرني لأنتهي من كل هذا الجنون هي ربما يضحك عليها رجل و يقول لها أنتي حب حياتي و ستتفاجئ بي في المستقبل .
ابتسم نيكولاس بشكل أوسع وكأنه لا يستطيع تصديق ما يقوله ضحك بهدوء وقال وهو يهز رأسه :-
_ يا لها من قصة مؤثرة إذن... أنت الآن البطل الذي سيظهر فجأة ليقلب حياتها رأسًا على عقب؟
ضحكت بخفة وأضفت بإصرار واضح رغم أنني كنت أعلم أنه لن يأخذني على محمل الجد :-
_ بالضبط ستكون تلك اللحظة التي تدرك فيها أن جميع الرجال الآخرين كانوا مجرد ظلال بالنسبة لي.
رفع نيكولاس حاجبًا باستهزاء وقال بنبرة جافة :-
_ واو لويس لم أكن أعلم أن لديك هذه القدرة على الرومانسية زوجتك المستقبلية ستتفاجئ بقصائد مكتوبة بالدماء
ضحكت بصوت أعلى هذه المرة وكأنني أستمتع بتلك السخرية المتبادلة قلت :-
_ حسنًا ربما القصائد ليست مجال خبرتي لكنني سأتأكد من أن تكون لحظاتنا مليئة بالإثارة والجنون.
صمت قليلاً لأنظر أليه و ثم قلت :-
_ صحيح أن زويا تسأل عنك بأستمرار يبدو أنها مشتاقة لمضاجعاتك لها .
ألقى نيكولاس السيجارة من بين يديه تحت قدمه ليدعسها و قال :-
_ تلك العاهرة تتبني طموحات كبيرة .
_ هي تحبك كثيراً على الرغم من أنها عاهرة محترفة .
حسناً زويا هي أحد فتيات بيوت الدعارة و بنات الليل وهي فتاة ماكرة و هي أحد أعضائنا لديها عقلية ذكية و لكنها خبيثة جداً منذ أن ضاجعها نيكولاس لأكثر من مرة حتى وقعت بهوسه و لم تجعل أي رجل يلمسها غيره و هذا بأمر من نيكولاس فهي الوحيدة التي تستطيع أن تتحمل غضبه و تتحمل مزاجه القاسي هي الوحيدة التي من فئات البنات ذوات المستويات العالية التي تتحمل جميع التعنيف و العذاب في السادية لذا نيكولاس كان بمثابة النعيم الذي تريده كما أنها تبعد أي فتاة تكون قريبة من نيكولاس هذه هي زويا شخصية وحشية و نيكولاس لم يهتم لأفعالها هو يأخذ ما يريده و يدعها ببرود :-
_ لا مزاج لي لعهرها الآن .
ليقف و هو يقول :-
_ على كل حال صوفيا تقول لك أرجع لي ساعتي الإلكترونية قبل أن أقوم بفصل رأسه عن جسده .
سرت قشعريرة في جسدي و وقفت معه لكي نخرج من المبنى المهجور :-
_ حق الجحيم نيكولاس كيف ربيت صوفيا أنها شيطانة أخت شيطان
ضحك نيكولاس بخفوت وهو يفتح الباب القديم الذي يؤدي إلى الخارج قال دون أن ينظر إلي مباشرة :-
_ ربيتها؟ أعتقد أن الشيطان نفسه هو من رباها لم أفعل شيء سوى أنني تركتها تفعل ما تريد منذ أن كانت صغيرة.
قلت بسخرية وأنا أتذكر بعض الحوادث التي جمعتني بها :-
_ أوه هذا واضح تمامًا هي لا تعرف معنى كلمة 'لا' ولا حتى معنى الرحمة.
رد نيكولاس بنبرة أكثر هدوء لكنها كانت تحمل نوعًا من الفخر الغريب :-
_ الرحمة ضعف لويس صوفيا تعلم ذلك جيدًا هي تعرف كيف تحصل على ما تريد دون أن تتردد للحظة.
قلت و أنا أبتسم لأفتح باب سيارتي :-
_ لقد أشتقت لهذه الطفلة حقاً سأذهب لمضايقتها .
توجه نيكولاس نحو سيارته بهدوء ونظر إلي من فوق كتفه وقال بنبرة تحذيرية ولكنها تحمل لمسة من السخرية :-
_ أن كنت تريد المحافظة على فصيلتك من الأنقراض أعد لها ساعتها الخاصة و أنت ذاهب لها .
ضحكت بقوة وأنا أهز رأسي وكأنني أستسلم للأمر الواقع :-
_ حسناً .... حسناً .
.
.
.
( نيكولاس )
.
.
.
أغلقت باب السيارة خلفي بهدوء وشغلت المحرك بينما كنت أقود بعيدًا عن ذلك المبنى المهجور الذي اعتاد لويس استخدامه كمسرح لتعذيب ضحاياه لم أستطع إلا أن أفكر في الطبيعة القاسية لهذا العالم الذي ننتمي إليه.
هنا لا أحد يهتم بالدماء المسكوبة أو الأجساد التي تلقى جانباً كالنفايات هذا هو عالمنا عالم المافيا حيث الرحمة ضعف والقوة هي القاعدة الوحيدة للبقاء كل واحد منا هنا يلعب دوره بدقة وكأننا ممثلون على مسرح مظلم نرسم خطواتنا بمزيج من الذكاء والعنف.
أمسكت بعجلة القيادة بإحكام وأطلقت زفرة طويلة منذ يومين وأنا مشغول بشكل غير طبيعي حتى إنني لم أنم جيدًا شعرت بألم خفيف ينبض في رأسي ربما بسبب الإرهاق أو الضغوط المتزايدة كل تلك الأيام وأنا أدرس كل تفاصيل الصفقة التي كانت بيني وبين شركة آليسون الصحافة نشرت الكثير من الكلام عنا في الصحف خاصة عن الرقصة التي حدثت بيني وبين أيلين.
ابتسمت بسخرية عندما تذكرت تلك اللحظة لماذا استمتع باستفزازها؟ ربما لأنها كانت الشخص الوحيد الذي يستطيع مواجهتي دون أي خوف أو تردد أيلين الفتاة العنيدة ذات الشخصية القوية كانت دائمًا تحاول فرض كلماتها بشتى الطرق لكنني أيضًا لم أكن أتردد في الرد عليها بنفس الأسلوب و استفزازية أكثر .
لكنني لم أستطع إنكار أنني أحببت هذه الديناميكية بيننا كانت كل مواجهة معها مليئة بالإثارة والتوتر وكأنما كل كلمة تخرج من فمها تحمل تحدي جديد لي ربما كان السبب في ذلك هو أنها لم تكن تخاف مني كما يفعل الجميع وكانت هذه الحقيقة وحدها كافية لإشعال اهتمامي بها.
بينما كنت أقود عبر الشوارع المظلمة التي تخترق الغابات القريبة من المدينة كان الطريق السريع أمامي فارغاً تقريباً وحدها أضواء مصابيح السيارة كانت تشق الظلام الحالك كانت الأجواء هادئة فقط صوت محرك السيارة يرافقني في رحلتي وبينما كنت أتابع طريقي لفت انتباهي صوت دراجة نارية يقترب قادمة على الطريق المعاكس.
في البداية لم أعير الأمر الكثير من الاهتمام مجرد دراجة أخرى تمر في ظلمة الليل ولكن ما حدث بعد ذلك جعل دقات قلبي تتسارع بشكل لا يمكن تفسيره في لحظة غير متوقعة انعطفت الدراجة النارية فجأة لتقطع الطريق أمامي بصورة متهورة لعنات غاضبة خرجت من فمي وأنا أضغط على الفرامل بشدة عاكست مقود سيارتي بسرعة محاولاً تفادي الاصطدام بها.
السيارة بدأت تدور حول نفسها عدة مرات كأنها تؤدي رقصة جنونية على الإسفلت بينما أنا أحاول جاهداً استعادة السيطرة عليها وبعد لحظات من التوتر العصبي تمكنت من إيقافها والتفت بغضب شديد نحو مصدر المشكلة كل شيء بدا وكأنه مشهد سينمائي الدراجة النارية تصطدم بأحد الأشجار القريبة وراكبها يسقط على الأرض بقوة.
خرجت من السيارة بخطوات ثقيلة غاضباً ومتوتراً معتقداً أن هذا الشخص الذي تسبب في هذه الكارثة يجب أن يتحمل المسؤولية لكن عندما اقتربت منه اكتشفت أنه ليس شخص بالمعنى التقليدي الذي كنت أتصوره كان الأمر مختلفاً تماماً بل كانت أمرأه تضاريس جسدها أتضحت لي أنها أنثى هذا ما كان ينقصني .
رأيتها ملقى على الأرض مع خوذة سوداء تغطي رأسها توقفت للحظة عابساً قبل أن أنحني بحذر وأجلس القرفصاء إلى جانبه بمجرد أن خلعت الخوذة بلطف تبدت لي الشعر الناري الذي ينسدل بفوضوية فوق كتفيها هو أول ما لفت انتباهي.
لحظة واحدة أتسعت عيناي أنها ... أنها أيلين بحق خالق الجحيم
.
.
.
اي الجزء السابع
ردحذف