القائمة الرئيسية

الصفحات

 بارت 5 (حرب صامتة)






ملاحظة مهمة :- تم حذف شخصية والدة نيكولاس و صوفيا لتعدد الشخصيات دون الحاجة و لها أهمية لحذفها من الرواية 




"في تلك اللحظة التي يلتقي فيها النقاء بالجنون تبدأ رقصة الزمن الأبدي."

------------------------------------------------------------

_ وافقي على الرقص معي و سأمنحك موافقتي على هذه الصفقة .

توقف الزمن للحظة شعرت بقلبي ينبض بقوة داخل صدري وكأنه يريد أن يخرج من مكانه عقلي كان يدور في دوامة يحاول استيعاب ما قاله لي نظرت إلى عينيه تلك العيون التي أشتعل فيها انتصار غامض كأنه يعرف شيئاً لا أعرفه ما الذي سأفعله الآن؟ وأي وضع وضعني فيه بحق ا...

توقف الزمن للحظة شعرت بقلبي ينبض بقوة داخل صدري وكأنه يريد أن يخرج من مكانه عقلي كان يدور في دوامة يحاول استيعاب ما قاله لي نظرت إلى عينيه تلك العيون التي أشتعل فيها انتصار غامض كأنه يعرف شيئاً لا أعرفه ما الذي سأفعله الآن؟ وأي وضع وضعني فيه بحق السماء ؟ إلى أي مدى يريد أن يصل بهذه الأفعال؟ كل هذه الأسئلة و كثير من الأسئلة تدور في عقلي .

لا أعلم حقاً ما الذي يخطط له أو ما الذي يريده بالضبط كل أفعاله تبدو غير متوقعة وغير محددة تثير داخلي مشاعر مختلطة من الجنون والاستفزاز أعصابي مشدودة كالأسلاك وكل كلمة يقولها تزيد الأمور تعقيداً كيف يمكن لشخص واحد أن يجعلني أشعر بكل هذا التوتر والارتباك في آن واحد؟

ارتجفت يدي قليلاً بينما حاولت أن أعيد تركيز نفسي هل هو يتلاعب بي؟ أم أن هناك شيئاً أكبر يخفيه خلف هذه الكلمات البسيطة؟ لا أستطيع أن أفهم ولا أملك إلا أن أبقى في حالة ترقب محاولاً فهم اللعبة التي يلعبها لكن كلما حاولت زاد الغموض حولي سمكاً.

توقف الزمن للحظة شعرت بقلبي ينبض بقوة وعقلي يحاول استيعاب ما قاله نظرت الى عيناه و أنا أرى الانتصار في عيناه ما الذي سأفعله و أي وضع الذي وضعني هو به بحق السماء الى ماذا يريد أن يصل بهذه الأفعال لا أعلم حقاً ما الذي يريده بالضبط أفعاله غير محددة و غير متوقعة تثير جنوني و كثير من الأحيان تثير استفزازي و أعصابي .

لا أستطيع أن أرد يده أمام كل هؤلاء الناس و الأسوء من هذا أنني أريد التفاوض معه على الصفقة و لا يمكنني أن أدع نفسي بهذا الموقف و لا مجال للتفكير هكذا اللعنة ... اللعنة عليه فقط حتى أنني لا أعلم ما هي ردة فعل عائلتي بهذا ....

ابتلعت ريقي بصعوبة محاولة أن أخفي الاضطراب الذي بدأ يسري في جسدي مثل تيار كهربائي غير منتظم حاولت التظاهر بأنني غير مهتمة وكأن كلماته لم تهزني أو تترك أي أثر قمت بتجميع كل شجاعتي وصنعت وجه بارد خالي من أي انفعالات قد تفضح ما بداخلي ولكن بينما كنت أمد يدي لتلتقي بيده الممدودة نحوي شعرت فجأة وكأن الزمن يتوقف.

لمسة يده كانت كالصدمة برودتها القاسية اصطدمت بحرارة يدي المشتعلة شعرت بجسدي يقشعر من ذلك التلامس البسيط وكأنما هناك تيار غريب يسري في عروقي كان شعور لا يمكن وصفه بسهولة ليس لأنه كان مجهول فقط بل لأنه كان... خطير .... لم أستطع أن أفهم هذا الإحساس الذي اجتاحني فجأة لكنه لم يكن محببًا لي على الإطلاق بل كان خطر بالنسبة لي و بشدة ...


قبض على يدي الممسكة بيده ليسحبني الى ساحة الرقص و أنا أسمع التمتمات من حولي لا ألومهم فالمعروف عن نيكولاس أنه لم يشارك برقصة مع أحد و لن يهتم لأي شيء سوى العمل هذا المعترف به على الرغم من أن بعض الشائعات التي تقول أنه يذهب للبارات ببعض الأوقات ليضاجع الفتيات و يمتع نفسه ...

وقفنا في منتصف قاعة الرقص والصمت الممزوج بالتوتر يلف اللحظة كما لو أن العالم بأسره قد توقف ليشهد هذا المشهد نظرت إلى عينيه تلك العيون التي ظلت دائمًا شديدة البرود لكنها الآن تحمل شيء آخر شيء لا يمكنني قراءته أو فك رموزه كانت عيناه كنافذة مغلقة بإحكام خلفها عالم كامل من الأفكار والأحاسيس المخبأة ولا أستطيع حتى أن ألمس حافة هذا العالم أنه غامض كالجحيم ...


أمسك بيدي ليرفعها استعداد لوضعية الرقص قرب جسده مني شعرت بيده تلمس بشرتي من ظهري ارتجفت داخلي دون أن أستطيع التحكم في ذلك رغم محاولاتي المستميتة أمامه لإخفاء ما يحدث من لمسه لي و كيف يقشعر جسدي من لمسته لا أعلم ما معناها ربما لأنه رجل و أنا لا أحب أن يلمسني أي رجل حاوط خصري بيده ابتلعت ريقي و أنا أشعر ببشرتي تلمس بشرته كنت أشعر بأنني مثل النار التي تصطدم بالجليد هو لا يذوب ولا أنا أنطفئ ....

أمسك بيدي ليرفعها استعداد لوضعية الرقص قرب جسده مني شعرت بيده تلمس بشرتي من ظهري ارتجفت داخلي دون أن أستطيع التحكم في ذلك رغم محاولاتي المستميتة أمامه  لإخفاء ما يحدث من لمسه لي و كيف يقشعر جسدي من لمسته لا أعلم ما معناها ربما لأنه رجل و أنا لا أح...

شعرت أن جسدي تصلب في مكانه بدأت أشعر بأنفاسه كانت منتظمة الآن فقط وأنا قريبة منه إلى هذا الحد أدركت مدى ضخامته ليس فقط طوله أو عضلاته البارزة تحت قميصه الأنيق بل تلك الهالة التي تحيط به تلك القوة الصامتة التي لا تحتاج لأن يتحدث أو يتحرك ليظهرها أمامه شعرت بأنني صغيرة للغاية مثل قطة صغيرة تقف أمام أسد ضخم... أو ربما ذئب مفترس نعم هو أكثر شبهاً بالذئب يراقب فريسته من بعيد ويختار لحظته بدقة قبل أن ينقض عليها أصبحت متأكدة الآن أنه إذا استمريت في النظر إلى عينيه بهذا الشكل ستألمني رقبتي كثيرًا همس لي بصوت وهو يطبق بيده على خصري :-

_ أسترخي سنيورا آليسون أنا لا آكل بشر لا نريد أن نرتكب أخطاء بمنتصف الرقصة أو نريد ؟

كانت كلماته تنطوي على لمسة مزعجة من السخرية والاستفزازية التي لم أستطع تجاهلها تمامًا لكنني حاولت أن أتظاهر بأنها لم تؤثر بي استجمعت نفسي وحاولت إقناع ذاتي بأنني لا زلت قوية لا يمكنني أن أصف مدى اشمئزازي فملامسة رجل هذا أكثر الأشياء المقيتة لدي ولم يساعدني أنني لم أرقص مع رجل من قبل فهذا الشعور الغريب بالغضب والضيق كان يتزايد بداخلي كنار مشتعلة.

أجبته ببرود وأنا أرفع حاجبي نحوه بنظرة مليئة بالتحدي :-

_ لا وجود للأخطاء معي سيد غارسيا .

لحظة... وميض خفيف من الابتسامة ظهر في طرف شفتيه تلك الابتسامة المتكلفة التي تثير في داخلي رغبة لا إرادية لمحوها بأي طريقة ممكنة وبكل بساطة وضعت يدي الأخرى على كتفه بتحدي واضح في النهاية أيلين آليسون لست الند السهل و خاصة لشخص مثله .

 وميض خفيف من الابتسامة ظهر في طرف شفتيه تلك الابتسامة المتكلفة التي تثير في داخلي رغبة لا إرادية لمحوها بأي طريقة ممكنة وبكل بساطة وضعت يدي الأخرى على كتفه بتحدي واضح في النهاية أيلين آليسون لست الند السهل و خاصة لشخص مثله


بدأنا بالرقص معاً على أنغام الموسيقى لم أنزل عيناي من عيناه لم أفعل هذا لأنني في الوقت الذي سأنزل بصري من عنه سأعطيه الفرصة بأن يضن أنني ضعيفة و ها الشيء الذي لا أسمح له هو من تحداني و أنا قبلت بعرضه لا يهزمني بأي شيء يقوم به و هو فعل ذات الشيء عيناه كانت في عيناي لم تتركانها أبداً كنا في تناغم مع الموسيقى ...

بدأنا بالرقص معاً على أنغام الموسيقى لم أنزل عيناي من عيناه لم أفعل هذا لأنني في الوقت الذي سأنزل بصري من عنه سأعطيه الفرصة بأن يضن أنني ضعيفة و ها الشيء الذي لا أسمح له هو من تحداني و أنا قبلت بعرضه لا يهزمني بأي شيء يقوم به و هو فعل ذات الشيء عي...


بينما واصلنا الرقص جاءت لحظة ابتعد فيها جسده عن جسدي قليلاً ولكن يده ظلت ممسكة بيدي بإحكام بحركة واحدة سلسة لفني نحوه وارتطم ظهري بصدره الصلب شعرت بثقل وجوده خلفي فجأة وكأنه كالجدار ذراعاه كانتا ملفوفتين حولي بقوة هادئة وكأنهما سلاسل غير مرئية تمنعني من الهروب.

وفي تلك اللحظة شممت رائحته لم أكن قد لاحظتها من قبل لكن الآن وبينما كان جسده قريب مني بهذا الشكل اخترقت روحه عبر تلك الرائحة التي كانت غريبة ومميزة في الوقت نفسه لم أستطع تحديد مصدرها بدقة ربما كانت مزيج من العود وزهور غير معروفة أو ربما خشب الأرز الممزوج بزيوت عطرية غنية لم أشم شيء مثلها من قبل ولم أستطع أن أحدد إذا ما كانت تنتمي لأي عطر معروف أم لا لا يمكنني أنكار أنها أجمل رائحة رجالية شممتها أنا أهتم بالعطور كثيراً و دقيقة في هذا الشيء و بشدة و كان عطره مختلف تماماً .

عاد و لفني مرة أخرى ليعود و يحاوط خصري بيده كانت تنزلق يده على ظهري العاري شتمت حينها في نفسي و لعنت هذا الفستان لأول مرة في حياتي كنت أتمنى لو أنني أرتديت فستان أكثر حشمة لكي لا أحد يلامس بشرتي بصورة مباشرة :-

عاد و لفني مرة أخرى ليعود و يحاوط خصري بيده كانت تنزلق يده على ظهري العاري شتمت حينها في نفسي و لعنت هذا الفستان لأول مرة في حياتي كنت أتمنى لو أنني أرتديت فستان أكثر حشمة لكي لا أحد يلامس بشرتي بصورة مباشرة :-

_ لماذا طلبت الرقص معي ؟

رفع حاجبه و جائني صوته هادء لكنه جليدي :-

_ لما هذا السؤال الآن ؟

_ ربما لأنني أريد أن أعرف ما تريده بالضبط أنت عرضت علي رقصة مقابل أن توافق على عرضي للصفقة التي عرضتها عليك في السابق لكل شخص له نية فما هي نيتك الحقيقية من هذا العرض

قال ببطء محسوب وكل كلمة كانت كإبرة تخترق جدار الصبر الذي كان ينهار رويدًا عندي :-
_ هل تظنين أن كل شيء يمكن تقسيمه إلى معادلات بسيطة؟ أن كل خطوة أخطوها يجب أن تكون لها غاية واضحة ومباشرة؟

كانت أجوبته الملتوية تشعرني بالغيض حقاً ألم يتعلم كيف يرد بطريقة واضحة لذا نفذ صبري معه :-
_ لا أحب الألعاب ولا أحب الغموض إما أن تكون واضحًا أو...

قاطعني قبل أن أنهي جملتي واقترب أكثر مما جعل المسافة بيننا ضيقة بشكل مقلق كان هناك شيء في عينيه يجعلك تشعر بأنك عالقة في شبكة لا يمكنك الهروب منها وهو يستمر بجعلي أكمل الرقصة معه على الموسيقى :-

قاطعني قبل أن أنهي جملتي واقترب أكثر مما جعل المسافة بيننا ضيقة بشكل مقلق كان هناك شيء في عينيه يجعلك تشعر بأنك عالقة في شبكة لا يمكنك الهروب منها وهو يستمر بجعلي أكمل الرقصة معه على الموسيقى :-

_ أو ماذا هممم؟

سألني بصوت عميق وهادئ :-

_ هل ستغادرين؟ هل ستتركين هذه الصفقة التي تشعل حماسك لهذه الدرجة؟

قلت بنفاذ صبر :-

_ الأمر ليس لعبة بالنسبة لي سيد غارسيا .

رفع حاجبه و قال بهدوء :-
_ من قال إنها لعبة؟ ربما كان فضول من ناحيتي أنا في النهاية أنفذ ما أريده فقط دون الحاجة للتفكير كثيراً .

ثم توقف مرة أخرى وأدارني بحركة رشيقة وكأنه يريد أن يذكرني بأنه لا يزال يتحكم بكل شيء استمر قائلاً بصوت هادئ ولكنه مليء بالغرور المموه كانت كلماته في أذني و شفتاه قريبتان من أذني نوعاً ما كل كلمة يقولها تسري القشعريرة بجسدي صوته مستفز بهذا الشكل :-

_ وكما تعلمين لا أعطي الأشياء بالمجان أنا فقط أستغل الفرص من جميع النواحي .

كلماته جعلتني أشعر بأنني كقطعة في لعبة شطرنج ولم أكن أعلم بعد إذا ما كنت الملكة أم البيدق شعرت بالغضب يتجمع داخل صدري مثل زوبعة صغيرة قلت بحدة واضحة لكن بهمس و أنا أنظر أليه رغم أن ظهري على صدره لكني أجبرت على الالتفات من كلماته للحظة واحدة كان وجهه قريب جداً من وجهي سقطت عيناه على شفتاي لكني لم أهتم كما اهتممت بكلماته اللئيمة و المستفزة رغم أنني كنت أحاول الحديث بموضوعية :-

_ أنا لست قطعة من بين مجموعة الشطرنج خاصتك .

عاد بنظرته لعيناي ليقول :-

_ ومن قال أنك كقطعة من الشطرنج الخاص بي .

عقدت حاجباي بعدم رضا :-

_ كل كلامك يدل على هذا و أفعالك أيضاً كما أن الجميع يعلم حبك للسيطرة و كيف تحب أن تفعل ما تريد لكن ليس معي لا أضن هذا لا تحاول التلاعب بي لا أنصحك بهذا .

كانت نظراته على عيناي تقول كل شيء و لم أفهم معناها بأي شكل من الأشكال الغموض الذي هو فيه يزعجني حقاً أنها المرة الأولى التي أصادف فيها شخص مثله لا يمكنني قراءة عقله أو أي شيء خاص فيه أنه كاللغز المحير الذي لا أستطيع حله من بعد صمته للحظات قال لي :-

_ هذا أتهام مبتذل من سنيورا مثلك أوليس .

رفعت و حاجباي لا يزالان معقودين وأجبته بنبرة منزعجة :-
_اتهام مبتذل؟ ربما... لكنه اتهام صحيح أليس كذلك؟

قال بصوت هادئ :-
_ الصحيح أو الخطأ سنيورا آليسون يعتمد دائمًا على من يملك القوة لتفسير الأمور.

شعرت بأن هناك شيء في طريقة حديثه يحاول أن يسحبني إلى دائرة جديدة من التفكير لكنني لم أكن على استعداد لتركه يقودني إلى حيث يريد :-

_ إذا كنت تعتبر نفسك الشخص الذي يفسر الأمور... فتأكد أنني لن أكون مجرد متفرجة أنا أيضًا أعرف كيف ألعب.

ابتسم ابتسامة خفيفة لكنها كانت مليئة بالغرور المموه قال بصوت هادئ :-
_ أنتي قاسية أيلين

تنهد بسخرية ليقول وهو يشد يده على خصري و يده تميل على ضهري ليقول ببرود الأرض كله :-

تنهد بسخرية ليقول وهو يشد يده على خصري و يده تميل على ضهري ليقول ببرود الأرض كله :-

_ جميل... إذن سيكون لدينا لعبة تستحق المشاهدة لكن دعيني أقول لكي نصيحة .

نظرت الى عيناه ليقترب مني و يهمس في أذني :-

_ الأذكى ليس من يبني الخطط بل من يراقبها وهي تنهار... ويبتسم حافظي على خططك لكي لا تنهار و بالأخص جدران قد تنهار أيضاً .

أردت أن أرد على ما قاله أردت حقاً أن أقول شيء أكثر استفزازية منه حتى لكن لحظة واحدة انتهت الموسيقى و هو أبتعد عني و هو ينظر بسخرية نحوي لقد أنعقد لساني حينها و لم أعرف ماذا أقول و أنا أعلم أنه يتمتع باستفزازي و جعلي أغضب و قد نجح في هذا حقاً أمال برأسه قليلاً و همس :-

_ كانت رقصة مثيرة للاهتمام من حسن حظي أنك شاركتني بها دون ضحايا .

قال هذا ثم أدار وجهه ليذهب من أمامي لا أزال أشعر بيده على ظهري لما لا أزال أشعر بيده حول خصري الغضب كان في داخلي يشتعل لا يمكن أن يكون هناك شخص أكثر استفزازية منه لا يأبه بأي شيء يقول ما يريده فقط و لا يهمه ...

حاولت جمع شتاتي الداخلي و التصرف ببرود و عدم أهمية على الرغم من الغضب الداخلي الذي أشعر به لا أحد قام بتجاوز حدوده معي بهذه الطريقة قبل الآن حتى في الكلام الجميع كانوا يضعون خطوط واضحة أما هو فهو يعبرها وكأنها ليست موجودة.

ابتعلت ريقي و رفعت بصري لتواجهني نظرات أبي لم تكن نظرات مطمئنة أبداً و لم تحمل أي نوع من الرضى كانت تحذيرية و كأن الذي قمت به مشين كان هناك شيء في عينيه يجعلني أشعر وكأنني ارتكبت جريمة لا تغتفر. لم يكن مجرد غضب عابر بل كان نوع من الإدانة الصامتة اللعنة ... اللعنة فقط أشعر أن هذا كله لعبة غبية أخوضها .

لم ينبس أبي ببنت شفة وهذا الشيء الوحيد الذي جعلني أشعر بشيء من الاطمئنان إذا ما يمكن تسميته اطمئنان فأنا حقًا لا أريد الحديث معه الآن ولا بأي حال من الأحوال في هذه اللحظة غضبي وارتباكي قد يدفعانني لتجاوز كل الحدود وأعلم أنني لن أستطيع السيطرة على نفسي إن بدأ يسأل أو يعبر عن رأيه لذا كان صمته نعمة لكنه أيضًا حمل في طياته الكثير من التوتر والترقب كنت أعلم أنه ليس صمت دائمًا بل هو هدوء ما قبل العاصفة سيأتي الوقت الذي سيطالب فيه بتفسيرات... سيسألني عن نيكولاس وعن هذا التغيير المفاجئ بيننا وكيف سمحت لنفسي بأن أرقص معه بهذه الطريقة التي لم تكن معتادة علي أو متوقعة مني أعلم أنه سيسألني عن كل شيء.

عدت إلى المنزل وركضت نحو غرفتي دون أن أنطق بكلمة واحدة الجميع لاحظوا الانزعاج في عيني لذلك لم يحاول أحد أن يكلمني دخلت غرفتي وأغلقت الباب خلفي وكأنني أردت أن أقفل العالم بالكامل بعيد عني كنت منهكة ليس فقط جسديًا بل فكريًا أيضًا عقلي كان مشوشًا كأنما استنزفت كل طاقة بداخلي اليوم شعرت وكأنني خرجت من معركة طويلة وشاقة.

دخلت إلى الحمام وبدأت أخلع ملابسي ببطء أردت أن ألقي الفستان في سلة الغسيل لكن شعرت بشيء آخر شيء غير مرئي لكنه حاضر بقوة " رائحة الفستان " كانت مزيج من عطري و هناك رائحة أخرى رائحة مختلفة رائحة نيكولاس.

ربما علقت به أثناء الرقص عندما كان جسده قريبًا جدًا مني تلك اللحظات التي كانت فيها يداه حول خصري ومستقرة على ظهري كل شيء عاد إلى ذاكرتي فجأة كضربة قوية في الصدر شعرت بحرارة غريبة تتصاعد بداخلي لكنها لم تكن حرارة إيجابية بل كانت نوعًا من " الغضب الممزوج بالاشمئزاز " .

وعندما تذكرت كيف كانت أصابعه تلامس ظهري وكيف شعرت بتلك القوة المستترة والسيطرة في حركاته سرت في جسدي قشعريرة مزعجة وكأن الهواء البارد يلامس بشرتي رغم حرارة الغرفة كان شعور لا يمكنني وصفه تمامًا ولكنه كان مزعج أردت أن أفرك ذراعي للتخلص من هذا الإحساس .

رميت الفستان دون تفكير في سلة المهملات لكي أبعد أي رائحة تربطني به و ملئت حوض الأستحمام و وضعت فيه كمية مبالغ فيها من الزيوت العطرية لو رآني شخص أضعها لأرسلني الى مشفى المجانين أريد فقط التخلص من رائحته لمسته على بشرتي أي شيء قد ربطني به من قبل أي شيء لا أريده بحق الجحيم أردت أن أغسل كل شيء أن أمحو أي أثر قد تركه علي ....

جلست في الحوض والماء الساخن غمر جسدي بالكامل أغمضت عيني ببطء وحاولت أن أسترخي أن أترك كل فكرة لم أرد التفكير بأي شيء لا نيكولاس غارسيا ولا أبي ولا حتى نفسي كان هنالك فراغ داخلي كبير أردت فقط أن أطفئ كل شيء داخل رأسي ولو للحظات.


استمعت إلى صوت قطرات الماء وهي تسقط ببطء من الحنفية والرائحة القوية للزيوت العطرية التي غمرت المكان وكأنها تحاول أن تأخذني بعيدًا عن الواقع الذي أغرقت نفسي فيه حاولت أن أركز على تنفسي أن أجعل الهواء يدخل ويخرج بهدوء وكأنني أعيد تشغيل جسدي من جديد

استمعت إلى صوت قطرات الماء وهي تسقط ببطء من الحنفية والرائحة القوية للزيوت العطرية التي غمرت المكان وكأنها تحاول أن تأخذني بعيدًا عن الواقع الذي أغرقت نفسي فيه حاولت أن أركز على تنفسي أن أجعل الهواء يدخل ويخرج بهدوء وكأنني أعيد تشغيل جسدي من جديد.

نجحت في تهدئة جسدي و استرخيت مع كل هذا الماء الساخن بقيت هكذا لمدة لا أعلم كم هي لكنها كانت كافية لأراحتي من جميع ما حدث هذا اليوم معي بعد أن استقرت حالتي الذهنية نهضت من حوض الاستحمام و ذهبت لدوش و استحممت و أزلت عني الصابون و الزيوت العالقة بجسدي لففت نفسي في المنشفة و خرجت من الحمام جففت شعري

توجهت إلى خزانة الملابس واخترت شيء مريح لأرتديه قميص نوم بسيط بلون بني فاتح لين وناعم على البشرة كالعادة لم أضع حمالة صدر فأنا أكره شعور القيود حتى في أبسط صورها عندما أكون بمفردي. القميص كان كافي مثله مثل هذه اللحظة البسيطة التي أردتها أن تكون خالية من أي تعقيد.

مشيت نحو السرير وأنا أجر جسدي المتعب وكأن كل طاقة بقيت لدي استنزفت في تلك اللحظات الأخيرة من يوم طويل بمجرد أن استلقيت على الفراش شعرت براحة لا توصف كما لو أن السرير نفسه كان يعانقني ويضمني إليه لم أفكر في أي شيء آخر لم أحاول تذكر أي تفصيل من هذا اليوم ولم أخطط لأي شيء في الغد عقلـي كان فارغ وجسدي منهك وفي ثوانٍ غرقـت في النوم العميق ....

.

.

.

استفقت على وقع صوت المنبه ذلك الصوت المزعج الذي يشق حاجز الهدوء كل صباح وكأنه يجبرني على مواجهة العالم رغمًا عني أزعج شيء في الحياة هو صوت المنبه لو كان الأمر بيدي لبقيت في سريري اليوم متمسكة بغطائي الدافئ رافضة أن أفتح عيني على هذا الواقع المثقل بالمسؤوليات شعرت بثقل غير مألوف يضغط على جسدي وعقلي معًا وكأنما الحياة قررت أن تضعني اليوم أمام اختبار جديد ذهابي إلى العمل يعني الغوص في بحر من الأوراق والصفقات والمهام التي لا تنتهي لكن ما زاد الطين بلة هو أني أعلم أن هذا الشيء مستحيل و خاصة اليوم فلدي عمل مهم أكثر من أي شيء آخر ..

نهضت من سريري الدافئ الذي أكاد أبكي لأنني سأتركه أحيانًا أتساءل إذا طلب أحدهم مني أن أحدد ما أحبه حقًا في هذه الحياة فماذا سأجيب؟ الإجابة واضحة بالنسبة لي النوم نعم، النوم هو قصة عشقي الأبدي تلك العلاقة التي تبدأ بكل سعادة وتنتهي بصوت المنبه المزعج كل صباح.

وقفت أمام المرآة وبدأت أرتدي ملابسي بهدوء مصطنع اخترت قميص أبيض بسيط ومعه بنطالًا بلون نبيذي هادئ لم أشعر برغبة في تعقيد مظهري اليوم أردت أن أكون عملية ومباشرة قررت رفع شعري على شكل كعكة صغيرة فلا وقت ولا طاقة لدي للتعامل مع خصلاته المتمردة كما أنني في دائرة العمل أخيرًا وضعت قلادة بسيطة حول عنقي ورششت عطري المعتاد الذي أصبح جزء من شخصيتي تنهيدة عميقة خرجت من صدري قبل أن أمد يدي نحو مقبض باب غرفتي وأستجمع شجاعتي للمواجهة القادمة.

وقفت أمام المرآة وبدأت أرتدي ملابسي بهدوء مصطنع اخترت قميص أبيض بسيط ومعه بنطالًا بلون نبيذي هادئ لم أشعر برغبة في تعقيد مظهري اليوم أردت أن أكون عملية ومباشرة قررت رفع شعري على شكل كعكة صغيرة فلا وقت ولا طاقة لدي للتعامل مع خصلاته المتمردة كما أن...

وبينما كنت أخطو أولى خطواتي نحو السلالم لفت انتباهي مشهد غير متوقع هناك بجانب السلالم كانت نيفين تقف وحيدة منعزلة في عالمها الخاص كانت عيناها شاردتين وكأنها تحدق في الفراغ غارقة في أفكارها دون أن تلاحظ وجودي توقفت للحظة وعقدت حاجبي باستغراب ماذا تفعل هنا؟ هل هي بخير؟ :-

_ نيفين ؟

لم تجب في البداية ظلت سارحة وكأن صوتي لم يصل إلى وعيها وضعت يدي على كتفها بلطف وهززتها قليلًا لتخرج من دوامة أفكارها التفتت إلي أخيرًا بنظرة مشتتة وقالت بصوت خافت: -

_ ها ..

نظرت أليها بنوع من القلق :-

_ هل هناك شيء لماذا تبدين بعالم غير عالمنا .

رمشت بعينيها عدة مرات وكأنها تحاول استعادة تركيزها بعد لحظات من الصمت أجابت بصوت غير واثق :-

_ يبدو أنني سرحت قليلاً لا تخافي أنا على ما يرام .

لكنني لم أستطع تصديق كلماتها تمامًا انتقلت عيناي إلى شفتيها حيث لاحظت تورم واضحًا كنت أعلم أنها تعاني من عادة مؤذية لنفسها عض الشفتين دائمًا ما تتورم شفتاها أو تنزف عند لحظات التوتر الشديد تنهدت وأنا أقول لها بقلق واضح :-

_ يجب أن تتركي عادة عض شفتك أنظري أنها متورمة لما أنتي متوترة .

أبعدت نظرها عني سريعًا وكأنها تحاول الهروب من السؤال ثم قالت بتوتر واضح وهي تتجنب الإجابة المباشرة :-

_ أمم لا شيء مهم لنذهب الجميع ينتظرنا

حاولت أن أقرأ بين كلماتها لكن بدا واضح أنها لا تريد الخوض في التفاصيل الآن و أنا لم أضغط عليها في الكلام ستخبرني أن شائت هذا و أن كانت في ورطة حقيقية بالطبع ستقول لي هذا الذي أعرفه عن نيفين فهي بعيدة عن كل المشاكل ...

نزلنا أنا و نيفين الى الطابق الأرضي لنذهب الى غرفة الطعام عندما دخلنا قلت تحية الصباح المعتادة ببرود و جلست في مقعدي بينما نيفين ذعبت لتقبل أبي و مارينا و من ثم تجلس في مقعدها بأبتسامة حاولت أن أتجنب النظر إلى أبي مباشرة ملأت صحني بالقليل من الأطعمة التي أحبها والتي طلبت مارينا من الخدم إعدادها لي كل صباح كانت تعلم أنني لا أحب سوى هذه الخيارات ولكن رغم محاولاتي لتجاهل الأمر شعرت بأن زوج من العيون كان يراقبني باستمرار حاولت تجاهل هذا الشعور قدر المستطاع لكن بدا لي أن هذا الخيار لن يدوم طويلًا...

نزلنا أنا و نيفين الى الطابق الأرضي لنذهب الى غرفة الطعام عندما دخلنا قلت تحية الصباح المعتادة ببرود و جلست في مقعدي بينما نيفين ذعبت لتقبل أبي و مارينا و من ثم تجلس في مقعدها بأبتسامة حاولت أن أتجنب النظر إلى أبي مباشرة ملأت صحني بالقليل من الأطع...

فجأة سمعت صوت أبي يكسر الصمت ويوجه الكلام نحوي بلهجة باردة ومباشرة :-

_ أيلين .

تجمدت اللقمة في حلقي وكأنها علقت هناك وشعرت بأن تنفسي توقف للحظة حاولت السيطرة على انفعالي والتظاهر بأنني غير مهتمة التفت إليه بنظرات باردة تحمل نفس برودته إن لم تكن أكثر برودة :-

_ نعم ؟

كان ينظر إلي بتلك النظرة التي أعرفها جيدًا نظرة مليئة بالأسئلة التي كنت أحاول تجنبها منذ فترة لكنني كنت أعلم أنه لن يتجاوز الموضوع بهذه السهولة رأيته يشبك بين يديه ويضعهما أمامه ثم وجه نظراته الحادة نحوي مباشرة :-

_ هل ستبررين ما حدث البارحة في الحفل أنا أسمع .

ساد الصمت في الغرفة فجأة الجميع هنا كانوا صامتين تمامًا وكل من حول الطاولة قد التفتوا نحوي وكأن الوقت قد توقف شعرت بأن جميع الأعين مثبتة علي وكأنني محور الدراما التي لم أكن مستعدة لها الآن.

حاولت أن أتجنب الإجابة المباشرة وأجبت ببرود متعمد :-

_ عن ماذا بالضبط .

رفع حاجبه بسخرية و برود و غضب مكبوت أيضاً و هذا واضح في صوته البارد المرعب في نفس الوقت :-

_ تعلمين أنني لا أحب تلاعبك بالجواب أيلين تعلمين عن من أتحدث رقصتك أنتي و نيكولاس غارسيا و أقترابه المفاجئ منك في وسط الناس .

تركت السكين و الشوكة التي كنت آكل طعامي فيها يبدو أنني لن أتناول طعامي بسلام أعدت النظر أليه بمثل نظراته و أجيبه بسلاسة محاولة تهدئة نفسي من الداخل :-

_ وما هو الخطأ الذي ارتكبته تحديدًا؟ هل كان من اللازم أن أرفض عرضه للرقص؟ أم أن هناك قاعدة جديدة في هذه العائلة تقول إنني لا أستطيع الرقص مع أحد دون إذن مسبق؟

نطقت بالكلمات ببطء متعمد وكل كلمة كانت تخرج من فمي تحمل سخرية مبطنة و برود كنت أعرف تمامًا كيف سيستقبل أبي هذا الأسلوب لكنني لم أكن أملك رفاهية التراجع الآن.

عيناه اللتان كانتا دائمًا تعكسان القوة والسيطرة أصبحتا تشتعلان غضبًا انحنى قليلًا نحو الأمام وكأنه يحاول تقريب المسافة بيننا ليجعل كلماته أكثر وقعاً :-

_ لا تلعبي هذه اللعبة معي، أيلين.

صوته كان هادئًا لكنه كان ذلك النوع من الهدوء الذي يسبق العاصفة شعرت بالغضب يتسلل إلى أعصابي وبدأت الكلمات اللاذعة تتجمع في فمي جاهزة للانطلاق ولكن قبل أن أنطق بأي منها شعرت بقدم تضرب قدمي تحت الطاولة برفق لكن بحزم التفت سريعًا لأرى الشخص الجالس أمامي ميشيل.

ميشيل دائمًا ما يختار الجلوس هناك ليس فقط ليتابع النقاشات بل ليعمل كحلقة تهدئة بيني وبين أبي هو يعرف تمامًا متى يجب أن يتدخل لإيقافي قبل أن أقول شيء قد يزيد الوضع سوءًا ويحول الغرفة إلى ميدان معركة نظرت إليه ورأيت عينيه تغمضان ببطء ثم يفتحان مرة أخرى وكأنهما تهمسان لي بصمت "أهدئي أيلين هدئي من أعصابك المشدودة."

اللعنة على كل شيء اللعنة على أي شيء ... أعدت النظر الى أبي بذات البرود لأجيبه ، أجبته بلهجة ثابتة ومباشرة :-

_ في أثناء ما كانت القاعة مشغولة بالرقص تحدثت مع نيكولاس عن أمر الصفقة لقد عرضت عليه الصفقة التي أتفقنا عليها حالما أحظى بمحادثة معه كنه بما أنه كان يرفض كل طلباتي بمقابلته لم يكن لدي سوى هذا الخيار المتاح عندي لم يكن لدي خيار آخر سوى استغلال الفرصة عندما أتيحت لي .

أبي ظل صامت يستمع دون أن يظهر أي تعبير واضح على وجهه بدا وكأنه يقيم كلماتي بهدوء أنه دائما يفعل هذا أنني كنت أعلم أن عقله يعمل بسرعة لتحليل كل جانب مما قلته ثم تدخل ميشيل بشكل مباشر وكأنه يريد تحويل النقاش إلى موضوع أكثر عملية لتخفيف حدة التوتر :-

_ حسناً كيف كانت ردة فعله على العرض ؟

نظرت الى ميشيل لأريح نفسي على مقعدي :-

_ لم يعطي أي إجابة مباشرة عندما تحدثت معه فقط غادر بعد دقائق قليلة وعاد إلى القاعة وعندما دخلت خلفه فاجأني بطلب الرقص معي مثل الكثيرين الآخرين.

رفع ميشيل حاجبًا باستغراب وكأنه يبحث عن المزيد من التفاصيل :-

_ لماذا طلب هذا أنه شيء عجيب ؟

هززت كتفي محاولة أن أبدو غير متأثرة رغم أنني شعرت بشيء من الحيرة في تلك اللحظة أيضًا :-

_ لا أعلم بالضبط لكن كانت مقابل الرقصة موافقته على الصفقة معنا موافقة مبدئية لا أعلم التفاصيل بعد .

تدخلت هذه المرة مارينا :-

_ أن طلبه للرقص مقابل أن يوافق على عقد صفقة معكم أنه أمر معقد لم يفعله أي شخص من قبل .

نظرت إلى أبي الذي كان غارق في دوامة أفكاره وكأنه يعيد تقييم كل ما سمعه ثم قلت بهدوء محاولة التركيز على الجانب الإيجابي فقط :-

_ لا يهم الموضوع هذا كله الأهم هنا أن كان نيكولاس شخص يفي بكلماته سيكون هذا بمثابة نصر لنا لأنه و أخيراً وافق على عقد صفقة معنا تناسب و ترضي جميع الأطراف

لم أكن أرغب في المزيد من النقاش أو السماع لأي تعليقات إضافية نهضت من مكاني بهدوء وقلت بنبرة حازمة وأنا أنظر إلى والدي ببرود :-

_ لقد شبعت .

لكن مارينا لم تترك الأمر يمر بهذه السهولة نظرت إلي بنوع من القلق :-

_ لكنك لم تأكلي .

كانت نبرتها قلقة و تنظر لوالدي و كأنها تعاتبه بغضب فقلت لها :-

_ لقد أكلت كفايتي سأذهب .

عادت بعينيها نحو أبي وكأنها تحمله المسؤولية عن الأجواء المشحونة ثم التفتت نحوي مرة أخرى وقالت بحنان :-

_ فلتتناولي هناك شيء لا تبقي هكذا دون طعام .

أومئت لها أخذت حقيبتي و معطفي قبل أن أغادر تمامًا استوقفني صوت أبي وهو يقول لي بلهجة تحذيرية :-

_ أيلين من الأفضل أن تبقي حذرة من نيكولاس و الأفضل أن لا تقتربي منه لا نريد أي مشاكل .

رفعت حاجبي نحوه :-

_ لا تخف سيد آليسون أنا منيعة ضد أي رجل لا أهتم لأي ترهات .

بعد أن نطقت هذه الكلمات الأخيرة خرجت من غرفة الطعام بل من المنزل بأكمله كانت خطواتي ثابتة وكأنني أحاول الهروب من كل هذا الضغط المتراكم فوق رأسي صعت الى السيارة التي فتحها بابها أدريان عندما لمحني أخرج من المنزل بسرعة و هو شغل مكان السائق لينظر لي عبر النافذة وهو بأنتظار أوامري قلت له دون أن أنظر أليه :-

_ خذني للمقهى المعتاد .

أومأ برأسه دون كلمة أضافية ليبدأ بتحريك السيارة الى المكان الذي أخبرته عنه ، جلست في المقعد الخلفي أنظر من النافذة وأشاهد العالم الخارجي يتلاشى أمام عيني لم أكن قادرة على التفكير بوضوح كل شيء بدا وكأنه شبكة معقدة من المسؤوليات والتوقعات أبي ، نيكولاس ، الصفقة... الجميع كانوا يضغطون من زاوية مختلفة وكأنني في ساحة حرب وليس مجرد يوم عادي من حياتي كان كل منهم يسحبني نحو اتجاه معاكس وكأنني خيط ضعيف بين أيديهم يتلاعبون بي كيفما شاءو .

ضغطت بإصبعي بين حاجبي محاولة تخفيف التوتر الذي كان يعصر رأسي كما لو كان يحاول سحقه لم أتناول فطوري جيدًا هذا الصباح ولم آكل شيء الليلة الماضية بسبب الحفلة الملعونة وما حدث فيها شعرت بأن معدتي تصرخ بصمت وكأنها تقول لي أرحميني يا أيلين أجوكِ

وصلنا أخيرًا إلى المقهى المعتاد كان المكان هادئ ومألوف و أخيراً بعض السلام دخلت بخطوات ثابتة لمحني النادل الذي يعمل في المقهى أبتسم أبتسامته المعتادة أنسان طبيعي و ليس متصنع هذا المكان الوحيد الذي أرى فيه بشر حقيقيين أشار بيده وهو يقول :-

_ لقد أتيتي آنستي الطاولة نظيفة و هي تنتظر صاحبتها دائماً .

ابتسمت له بثانية واحدة كأمتنان له ولمحت طاولتي المفضلة في الزاوية البعيدة التي حملت بين خشبها القديم قصص لا تروى جلست هناك حيث الزمن يتوقف هذه الطاولة الوحيدة التي لم أسمح بتجديدها و أنفقت الكثير من المال مقابل أن تكون محجوزة لي فقط و ربما للأبد و بأصرار و توسل مني قبل صاحب المقهى تنفيذ هذا و بقيت الطاولة ملك لي على الأقل هذا الشيء الوحيد الذي بقيت أملكه ....

لم أحتج لقول طلبي لأن النادل يعلم ما أطلبه دائماً و قد صنعه لي بالفعل أتى بأبتسامته المشرقة ياليت الحياة مشرقة فقط كأبتسامات الناس وضع فنجانًا من القهوة السوداء على الطاولة و قال كلمته المعتادة قبل أن يدعني وحدي مع فنجان القهوة :-

_ صحة و هناء .

نظرت الى فنجان القهوة على أمل أن يساعدني الكافيين على استعادة بعض التركيز وضعت فنجان القهوة الدافئ بين يدي رائحتها المرة الحنونة تداعب أنفي كأنها تهمس لي بأن الماضي لا يزال هنا مختبئ في كل رشفة في دخان البخار الذي يتصاعد و في كل زاوية من هذا المقهى وكأنه يحمل معه ذكريات لم تبرد بعد.

  نظرت الى فنجان القهوة على أمل أن يساعدني الكافيين على استعادة بعض التركيز  وضعت فنجان القهوة الدافئ بين يدي رائحتها المرة الحنونة تداعب أنفي كأنها تهمس لي بأن الماضي لا يزال هنا مختبئ في كل رشفة في دخان البخار الذي يتصاعد و في كل زاوية من هذا ال...


و كأن القهوة كانت شاهد على لحظات مضت على أحاديث أنتهت في المستقبل و كانت حاضرة في الماضي وعلى أرواح غادرت لكنها ما زالت تسكنني كانت تشاركني أحاديثي مع من غادرني لكن كيف أقنع قلبي بهذا .

ما أعمق العلاقة بين القهوة والماضي القهوة لا تحكي لكنها تتذكر في مرارتها أجد طعم الأيام التي كانت مليئة بالألم رغم جمالها . أشعر وكأن الزمن يتوقف قليلًا لأستعيد أنفاسي هل كانت القهوة مجرد مشروب؟ أم كانت جسر عابر للزمن ليقتل روحي و ما تبقى منها ..

القهوة... يا لها من رفيقة غريبة تجعلك تسترجع دون أن تتكلم وتحتضنك دون أن تلمسك في النهاية هي الشيء الوحيد الذي أستطيع لمسه من بعده الآن أصبحنا أنا وهي وحيدان ... وحيدان و بشدة .

كنت أنظر أليها بصمت معتاد نظرت أليها و لا أعلم كم أستغرق تحديقي بها قربتها من شفتاي لأبدأ بأحتساء أول رشفة منها أقتحني مرورة مذاقها أنها تشبه مر حياتي و قسوتها كم نحن متشابهان وضعت الفنجان على الطاولة لأنظر الى العالم من خلف الزجاج كنت فقط أراقب بصمت أحاول أن لا أفكر في أي شيء أخذت وقتي حقاً في التحديق كان الناس يسيرون و بعضهم يركضون للحاق بأشياء عمل أو حافلة النقل أو موعد ما بعضهم سعيد و بعضهم تعيس و بعضهم لا يعلم أين هو أصلا و بعضهم كأيبون لكن على الأقل هم يعيشون تعاستهم بوضوح دون الحاجة لأخفائها كم هو غريب أن تكون التعاسة واضحة عند الآخرين بينما أنا أحاول دفنها تحت طبقات من الصمت والهدوء و البرود .....

تبأ للقدر الذي لا يجعلني أعيش تعاستي بصخب أحمل تعاستي بصمت كجراح تنزف في الظلام دون أن تسمع أنينها لا صخب في وجعي لا صرخة تخرج من بين شفتي فقط همسات داخلية تخنقني كل ليلة ووجع يسكنني كظل لا يفارقني لماذا لا يمنحني القدر حتى فرصة البكاء بصوت عالٍ؟ لماذا يجعلني أعيش مأساتي وكأنها سر لا يجب أن يكتشف؟

وصلت الى الرشفة الأخيرة من فنجاني و هذا ما كنت لا أريده حقاً لأن مع أخر رشفة هدوء مع قهوتي و أنا أحادثها عن تعاستي سينتهي حديثي لها لكن الآن... ها هو الفنجان يوشك على الفراغ ومعه يوشك هذا السلام الهش أن يختفي بعد هذه الرشفة الأخيرة لن أملك عذر لأبقى هنا سأضطر للوقوف مغادرة المكان والعودة إلى دوامة الزمن التي لا تنتظر أحد إنها ليست مجرد نهاية فنجان قهوة بل نهاية لحظة نادرة سرقتها لنفسي من وسط الحياة الصاخبة المؤقتة.

تنهدت بعمق وأنا أضع الفنجان الخالي من أي رشفة إضافية على الطاولة وكأنني كنت أودع آخر لحظة هدوء متبقية لي انتهت الدوامة التي كنت غارقة فيها تلك اللحظات الصامتة التي كانت تمنحني مساحة للتنفس... اختفت في طيات الزمن دون أن تترك أثر دائمًا .

غادرت المكان بعد أن تركت المال مع أكرامية صغيرة تحت الفنجان لم ألتفت إلى الوقت ولم أخطط حتى للنظر إليه فقط خرجت كأنني أهرب من شيء ما دخلت السيارة وجلست في المقعد الخلفي بصمت بينما أدريان يقود بهدوئه المعتاد ربما كان هذا الهدوء القصير قد ساعدني قليلًا ولو للحظة في استعادة بعض التركيز لكن صوت أدريان فجأة أخرجني من عالمي الصامت :-

_ سيدتي أسف على التدخل لكن هل أنتي بخير أن كنتي تحبين سنذهب الى مشفى أو أي شيء .

رفعت بصري نحوه عبر المرآة الأمامية وقلت بنبرة تحمل بين طياتها شيء من السخرية :-

_ هل يبدو مظهري مأساوي كثيراً لهذه الدرجة أدريان .

صمت قليلاً ثم أجاب بتلك النبرة المهذبة الرسمية التي اعتدتها منه :-

_ لا لكن وجهك شاحب و أنتي تضغطين على رأسك كثيراً .

أغمضت عيني قليلاً و لكني أجبته :-

_ أمم أدريان لا تقلق أنا على ما يرام أشعر بالصداع فقط .

لم يعلق أدريان بأكثر من ذلك ربما فهم أنني لا أريد الحديث تنهدت بعمق وحملت هاتفي لأتفحصه لقد مر كل هذا الوقت وأنا في المقهى؟ ساعة ونصف... لم أشعر بها بتاتاً لاحظت وجود مكالمات عديدة من ميرا كان هاتفي على الوضع الصامت طوال الوقت وهذا يعني شيء واحد ميرا الآن على وشك الانفجار استطعت تقريبًا تخيلها وهي تجلس وسط كومة من الأوراق تشتم كل واحدة منها .

نظرت سريعًا إلى الأخبار التي ظهرت على شاشة هاتفي ثم سألت أدريان دون أن أرفع رأسي عن الهاتف :-

_ ما الذي حدث لزافير ؟

أجاب أدريان وهو يركز على الطريق :-

_ لقد تم تحديد جميع أتهاماته و قد أثبتت عليه التهمة و مع الأدلة القاطعة سيتحاكم دون الخضوع لأي عفو أو تقبل أي رشاوي أو أي من هذا القبيل بسبب أنه أنكشف على مستوى العالم لا يستطيعون أن يبرؤنه أو يساعدوه بأي شيء و حسب علمي سيتم محاكمته مؤبد أو أعدامه .

رفعت حاجبي قليلًا وقلت بصوت هادئ :-

_ همم جيد .

وضعت الهاتف جانبًا وعدت أفكر زافير هذا الاسم الذي كان يومًا ما يثير الخوف والرهبة في نفوس الكثيرين من الفقراء الذين يعرفون خططه أصبح الآن مجرد شخص آخر سيواجه مصيره بيدين مقيدتين بالأصفاد كان هناك وقت كنت أسمع فيه عن أفعاله وخطواته الماكرة وكيف كان ينجح دائمًا في الهروب من العواقب لكن يبدو أن حتى أكثر الناس ذكاءً وأكثر الخطط تعقيد قد ينهارون عندما يأتي دور الحقيقة. عدت أنظر من النافذة وأنا أفكر في أن الحياة بشكل غريب تعيد الأمور إلى نصابها دائمًا ربما ليس بالطريقة التي نتوقعها ولا في التوقيت الذي نرغب فيه لكنها تفعل.

ربما الحياة ليست دائمًا عادلة لكنها بالتأكيد لا تترك الظلم يدوم إلى الأبد.

.

.

.

دخلت إلى مكتبي وإذا بميرا تقف في انتظاري بتوتر واضح على وجهها قالت بصوت يحمل قلق وانزعاج :-

_ أنستي أين كني بصدق لدينا عمل كثير و هناك كثير من الأوراق تنتظر توقيعك بعد أن تقرأيها .

لم أجبها فورًا خلعت معطفي بهدوء وعلقته على عامود الملابس ثم توجهت نحو مكتبي وجلست التقطت رزمة من الأوراق التي كانت موضوعة أمامي وبدأت أتصفحها بسرعة نظرت إليها بنبرة هادئة :-

لم أجبها فورًا خلعت معطفي بهدوء وعلقته على عامود الملابس ثم توجهت نحو مكتبي وجلست التقطت رزمة من الأوراق التي كانت موضوعة أمامي وبدأت أتصفحها بسرعة نظرت إليها بنبرة هادئة :-

_ لا بأس ميرا سأقوم بمراجعة كل هذه الأمور وستجدينها هنا في الوقت المناسب لا داعي لتوترك .

لكن ميرا لم تهدأ تأففت بصوت عالٍ ووقفت أمام مكتبي واضعة يديها على خاصرتيها وكأنها تحاول السيطرة على انفعالاتها لكنها فشلت تمامًا قالت بنبرة مشحونة بالغضب والإحباط و القلق و التوتر :-

_ بحقك أنتي دائماً ما تقولين هذا و أخذ أنا التوبيخ و اللوم لتأخر العمل الآن .

قاطعتها برفع عيني عن الملفات مستشعرة غضبها وتوترها المتزايد كانت تقف هناك محاولة التحكم في نفسها لكنها فشلت نظرت لها مليًا ثم قلت بكل هدوء وحزم :-

_ أهدئي ... ميرا أهدئي أذهبي و أرتاحي و خذي كوب من القهوة على مهلك سأقوم بالعمل نيابة عنك فقط أسترخي .

بدا أن كلماتي أحدثت تأثير مفاجئ عليها لمحت في عينيها لحظة من الصمت ثم تراجع الغضب تدريجي من ملامحها وقفت هناك للحظات وكأنها تحاول استيعاب ما قلته ثم أومأت برأسها ببطء وأخذت نفس عميق لتهدئة نفسها.

قالت بصوت أكثر هدوء ولكن لا يزال فيه لمسة من التوتر :-

_ حسناً .. لكن ...

قاطعتها و أنا أعود لتصفح الأوراق و أنا أخذ قلم أحمر لتأشير بعض التفاصيل :-

_ فقط أذهبي ميرا .

ذهبت و لم تضف أي كلمة أخرى و أنا أكتفيت بوضع رأسي في الأوراق و الأطلاع عليها صححت ما يجب في بعض منها و لم انتبه للوقت أبداً حتى أنني لم أعطي لنفسي أي أستراحة و لو بقليل لم تطل ميرا في البقاء بعيدة عني اخذت فقط نصف ساعة راحة و أتت لتساعدني هي دائماً تفعل هذا و هذا الذي يجعلني أثق بها و احبها جداً و لا اعتمد على احد غيرها فهي في العمل تكون مثابرة بطريقة مثالية ...

ذهبت و لم تضف أي كلمة أخرى و أنا أكتفيت بوضع رأسي في الأوراق و الأطلاع عليها صححت ما يجب في بعض منها و لم انتبه للوقت أبداً حتى أنني لم أعطي لنفسي أي أستراحة و لو بقليل لم تطل ميرا في البقاء بعيدة عني اخذت فقط نصف ساعة راحة و أتت لتساعدني هي دائما...

بينما كنا نحن الاثنان مندمجين في العمل مكرسين كل تركيزنا لما بين أيدينا فتح باب المكتب فجأة دون حتى طرق رفعنا أعيننا معًا له نظراتنا مليئة بالدهشة والاستغراب لكن عندما التقينا بميشيل ورأينا التوتر على وجهه أدركنا أنه لا مجال للتذمر أو الاستفسار كان هناك شيء عاجل لا يمكن أن ينتظر ثانية واحدة إضافية :-

_ ميشيل ؟

كلمة واحدة خرجت منه كانت كفيلة بجعلي أنهض من مقعدي بسرعة و أنا احدق به بأستغراب قال بوقع هو لا يصدقه فكيف أنا :-

_ نيكولاس غارسيا هنا .

نظرت أليه بحاجبان معقودان :-

_ ماذا لماذا هو هنا؟

رفع كتفيه :-

_ لا أعلم لكن هو في غرفة الأجتماعات مع أبي و قد طلب رأيتك معنا .

أخذت نفس عميق ثم نظرت إلى ميرا كانت تقف هناك صامتة ومتفهمة وكأنها تقرأ أفكار دون أن أنطقها قلت لها بكلمات قليلة وبسيطة :-
_ ميرا هل يمكنك التعامل مع هذه الملفات لنهاية اليوم؟ هناك بعض الأمور تحتاج إلى متابعة دقيقة.

أومأت برأسها بسرعة وقالت بنبرة حازمة :-
_ بالطبع لا تقلقي بشأن العمل أنا هنا.

ذهبت أنا و ميشيل الى المصعد نظرت الى الأمام بملامح باردة لكن بعقل صاخب بالأفكار :-

_ لما لم تجتمعا أنتما به دوني ؟

نظرت نحو ميشيل بجانبي في المصعد كان هادئ كالعادة لا تظهر عليه أي علامة اضطراب أو قلق كان هذا جزء من طبيعته دائمًا يحافظ على برود أعصابه حتى في أكثر اللحظات تعقيدًا :-

_ لم يوافق على بدأ الكلام ألا و نحن الثلاثة هناك قال أن من تحدث له هو أنتي لذا الجميع يجب أن يكون حاظر .

تنهدت ليفتح المصعد على الطابق الذي يحتوي غرفة الأجتماعات المهمة خطونا خرج المصعد بأتجاه القاعة قبل أن ندخل القاعة استوقفني ميشيل بلمسة خفيفة على ذراعي التفت إليه لأجد القلق بادٍ بوضوح على ملامحه كان ذلك غريب بالنسبة لي فهو دائمًا الشخص الذي يبدو وكأنه يتحكم بكل شيء حتى بأدق التفاصيل لكن الآن كان واضحًا أن شيء ما يزعجه :-

_ أيلين حاولي أن لا تغضبي و أحذري أرجوكِ .

ابتسمت له و مسحت على ذراعه :-

_ لا بأس لن أغضب أعدك .

خطوت نحو الداخل في لحظة دخولي الى قاعة الاجتماعات تحولت نظرات نيكولاس الباردة نحوي و هو كان جالسًا بالقرب من والدي الموضوع الذي لفت أنتباهي أن نيكولاس هذه المرة لم يجلس على رأس الطاولة ربما لأن هذا المكان هو مملكتنا نحن و ليست مملكته هو ...

نظرت أليه ببرود و نظرات أكثر رسمية دون أن أبتسم حتى :-

_ سيد غارسيا .

أجاب دون حتى أن ينهض من مكانه صحيح أنه لا يترأس الطاولة لكنه يترأس المحيط الذي يكون به دائماً و أجابته كانت باردة :-

_ سنيورا آليسون .

حاولت أن أظهر بعض اللباقة و قلت بهدوء :-

_ آسفة لجعلك تنتظر .

لم يتغير الهدوء و البرود الذي في نبرته :-

_ لا بأس كانت أحاديث سنيور آليسون مثيرة للاهتمام .

نظرت الى والدي لأجلس أمام نيكولاس حسناً لم أكن أنوي أن أجلس أمامه لم أرى نظرات والدي لي ألا عندما جلست لأنه مقعدي المعتاد و ليس من الأدب أن أنهض لأعطيه لميشيل ...

أبعد والدي نظراته عني ليعود بها الى نيكولاس ليقول بهدوء والدي من الشخصيات الباردة في كل شيء حتى في المشاجرات هو دائماً يفضل البرود و ميشيل ورث هذا الشيء منه هو نفس الشيء :-

_ حسناً سيد غارسيا يبدو أن الموضوع مهم لحضورك لهنا اليوم و شرفت شركتي .

_ هذا لأنني وفيت بكلمتي للسنيورا آليسون قلت لها أني سأوافق على الصفقة و لكن أنا هنا لأتناقش معكم قبل التوقيع على بعض النقاط المهمة

هز أبي رأسه قليلاً ثم قال :-

_بالطبع النقاش ضروري سيد غارسيا

نظر والدي نحوي علمت ما يريد فذهبت الى الخزنة الأرشيف الخاص بنسخ الاجتماعات و الصفقات التي نريد أن تتم لأحضر المستندات الخاصة بالصفقة التي قد يأسنا منها أعطيت نيكولاس نسخة منها و أعطيت والدي النسخة و لي و لميشيل أيضاً لكي نرى و ندقق على أبسط الأمور التي يقولها نيكولاس

نيكولاس أمسك بالمستندات وبدأ يقلب فيها بهدوء عيناه تتحركان بين السطور بعد دقائق من الصمت قال دون أن يرفع رأسه و تركيزه عن الأوراق التي بين يديه :-

 _ بحسب ما أخبروني به أنتم تخططون لإنهاء اللوازم الخاصة بالمجمع السكني الذي سيكون ضمن لائحة أفضل المجمعات السكنية والذي ستكون الأشهر من ناحية العمران والبنى التحتية

_ بحسب ما أخبروني به أنتم تخططون لإنهاء اللوازم الخاصة بالمجمع السكني الذي سيكون ضمن لائحة أفضل المجمعات السكنية والذي ستكون الأشهر من ناحية العمران والبنى التحتية.

أبي جلس بثبات في مقعده وعيناه ثابتتان على نيكولاس كان يتحدث بهدوء ولكنه حازم مثلما اعتدت عليه دائمًا :-

_ أجل إنه من ضمن سلسلة أعمالنا التي نقوم بها لم يبقى سوى تزويده بالكهرباء والطريق وسيكون جاهزًا خلال أقل من ثلاثة أشهر بالتحديد .

لم يترك نيكولاس المستندات لكنه كان منتبه لما يقوله أبي و يتفاعل معه :-

_ ثلاثة أشهر هي فترة زمنية قصيرة جدًا بالنسبة لمشروع بهذا الحجم لقد سمعت الكثير عن حسن دراستكم لأي مشروع تأخذونه .

رد عليه أبي و هو يعقد يديه على الطاولة :-

_ النجاح في الأعمال لا يأتي من الحظ بل من دراسة كل زاوية في المشروع وتحليل كل سيناريو ممكن ثم تنفيذ الخطة بدقة متناهية فالتفوق يبدأ حيث ينتهي التفكير التقليدي.

أبتسم نيكولاس على كلمات أبي :-

_ واضح أن النهج الذي تتبعونه هو ما يجعلكم دائمًا في المقدمة و خاصة أنكم تملكون أشهر مهندس معماري في أميريكا

قال هذا و نظر الى ميشيل .... ميشيل حقاً متطور في خياله العملي و هو كان من الأشخاص الذين مهووسين في الهندسة المعمارية و كيف يبني شيء بمنتهى الدقة و الكفائة العالية :-

_ أنا أحسدك على أمتلاكك لمهندس معماري موهوب سنيور آليسون .

حدق ميشيل الى نيكولاس لكنه لم يقل سوى كلام قليل :-

_ شكراً على أطرائك سيد غارسيا إنه يعني لي الكثير.

تدخل والدي قائلاً :-

_ ميشيل ليس مجرد مهندس معماري بالنسبة لهذه الشركة إنه جزء أساسي من فريقنا لقد حول أفكارنا إلى واقع ملموس بأفضل طريقة ممكنة وبفضله تمكنا من تحقيق مستويات جديدة من الجودة والتميز.

أنا فقط بقيت صامتة أحدق في الوضع في النهاية عندما يكون أبي و ميشيل هنا في العادة أنا لا أتدخل لأنني مسؤولة قسم الموارد البشرية و بعض الصفقات التي لا يتدخل فيها أبي و ميشيل أي أكون بمفردي ...

أعاد نيكولاس نظره الى والدي ليقول له بهدوء لكن كانت نبرته لا تخلو من البرود :-

_ السكان الذين يقطنون الأرض التابعة لي أشرت سابقًا أنك ستوفر لهم المنازل اللازمة وسيكونون معززين مكرمين داخل مجمعكم السكني أنا شخصياً لا أرضى إلا بكل كلمة تكتب رسمي يجب توقيع كل المستندات المتعلقة بالتنازل عن أراضيهم بعد ضمان حقوقهم بشكل كامل سأطلب منك إعداد عقود واضحة تتضمن موافقتهم الشخصية على التنازل عن منازلهم الحالية مقابل الحصول على مساكن جديدة داخل المجمع أريد كل شيء موثق رسمي قبل اتخاذ أي خطوة إضافية.

نظر والدي إلى نيكولاس بتمعن ثم أجاب بنبرة حازمة ولكنها محترمة و أنا كنت أدون الملاحظات التي نحتاجها :-

_ بالطبع نحن نتفهم تمامًا أهمية الشفافية والدقة في مثل هذه الأمور حقوق السكان هي أولويتنا القصوى ولن نقوم بأي خطوة إلا بعد التأكد من رضاهم الكامل وتوقيع جميع الأوراق الرسمية التي تضمن حقوقهم سنجهز العقود بالتنسيق مع فريقك القانوني لضمان أن تكون كافة الإجراءات متوافقة مع المعايير القانونية والأخلاقية.

أكمل نيكولاس ما كان يقوله :-

_ ستزودني بالمعلومات كاملة خطوة بخطوة بشأن الفندق الذي ستبنيه على أرضي سأمولك بكل ما تحتاج إليه سواء كان ذلك فريق عمل أو استثمار مالي لكن بعد الانتهاء من خطة بناء الفندق على أرضي وبعد مرور ثمان سنوات عندما تنتهي صفقتي الخاصة بعدم ممارسة تجارتي الحرة في موانئكم سيتم دفع مبلغ مالي سنوي كإيجار للفندق.

حدق والدي في نيكولاس بصمت وتزايدت حدة التوتر في الغرفة نيكولاس كان شخص عملي للغاية يضع شروطه بوضوح ولا يترك مجالًا للغموض أما أبي فكان يحتاج إلى الأرض بشدة لإتمام المشروع مما جعل الحوار بينهما يتحول إلى نوع من التصارع الصامت كل طرف يحاول التفاوض لتحقيق مصلحته الخاصة دون تقديم تنازلات كبيرة تدخل ميشيل بهدوء محاولاً تهدئة الأجواء :-

_ ربما يمكننا التوصل إلى حل وسط يرضي الطرفين يمكننا وضع إطار زمني واضح ومحدد يشمل جميع التزاماتنا وحقوق نيكولاس بهذه الطريقة نضمن الشفافية والمرونة في التنفيذ.

نظر نيكولاس الى المستندات و هو يقول :-

_ و أنا أطمح لهذا أيضاً لكن أنا لا أقدم أي شيء دون فوائد لكلا الطرقين أما عن الإيجار الأرض سيكون سنوي و بنسبة 30 % من أرباح الفندق

تدخلت أنا بينهما و أنا أخربش على المستندات لأنظر الى نيكولاس :-

_ النسبة التي تقترحها ستكون كبيرة جدًا عندما تقطع تمويلك المالي للمشروع لماذا لا نجعلها نسبًا تدريجية تتزايد مع مرور الوقت؟ يمكن أن تبدأ من 15% لتصل تدريجيًا إلى 20% هذا سيوفر مرونة أكبر للمشروع في بداياته

_ النسبة التي تقترحها ستكون كبيرة جدًا عندما تقطع تمويلك المالي للمشروع لماذا لا نجعلها نسبًا تدريجية تتزايد مع مرور الوقت؟ يمكن أن تبدأ من 15% لتصل تدريجيًا إلى 20% هذا سيوفر مرونة أكبر للمشروع في بداياته.

نظراته كانت ثاقبة يحدق بي دون أي تعبير واضح رفع حاجبه بلطف لكن كلماته خرجت هادئة ومدروسة :-

_ العمر لا يحمل في طياته انتظارًا يا سنيورا آيلين أما عن هذه الأرباح التدريجية فليست من صميم اختصاصي إذ أنني أؤمن بأن العدالة في العطاء يجب أن تكون كنهر ثابت الجريان لا كغيث يتساقط على مراحل.

شعرت بوخز خفيف في أعصابي لكنني حافظت على هدوئي ورددت بتأني :-

_ ربما يكون النهر الذي تتحدث عنه جميلًا في خيالك لكن الواقع العملي يقول إن كل مشروع يحتاج إلى فترة حضانة قبل أن يستقر إذا كنت تريد أن تغرق المشروع منذ البداية بأعباء مالية ثقيلة فقد يتباطأ تدفق هذا "النهر" ويضيع الجميع في النهاية.

ابتسم نيكولاس لكنها لم تكن ابتسامة لطيفة كانت استفزازية :-

_ يبدو أن لديك فهم عميق للاستعارات لكن هل تستطيعين أن تضعي هذه الأفكار الجميلة على أرض الواقع؟ أم أنها مجرد كلمات تتدفق مثل... نهر آخر؟ لكل مشروع جبل من الأعباء من يبدأ يتحمل وزنها .

تدخل والدي سريعاً محاولاً تهدئة الأجواء :-

_ لنبقى مركزين على النقاش الأساسي لا بأس لكن ستكون النسب 20% من الأرباح السنوية .

لم يتردد نيكولاس في هذا ليقول بهدوء :-

_ حسناً لا بأس لدي .

خربش نيكولاس بعض الملاحظات على المستند أمامه بينما كنت أحدق فيه بنظرات غاضبة مكبوتة شعرت بالدم يغلي في عروقي حقًا هذا الرجل مستفز إلى حد لا يطاق كيف يمكن لأي شخص أن يكون بهذا القدر من التعالي والاستفزاز؟ أنا حقاً أكاد أقتله ....

خربش نيكولاس بعض الملاحظات على المستند أمامه بينما كنت أحدق فيه بنظرات غاضبة مكبوتة شعرت بالدم يغلي في عروقي حقًا هذا الرجل مستفز إلى حد لا يطاق كيف يمكن لأي شخص أن يكون بهذا القدر من التعالي والاستفزاز؟ أنا حقاً أكاد أقتله

تابع نيكولاس كلامه :-


_ لدي كل الثقة في تصميم المشروع ولن أتدخل في هذا الجانب السيد ميشيل سيكون أهلًا لهذه المهمة.

أومئ ميشيل برأسه :-

_ سأكون أهل لثقتك .

ثم استدار نيكولاس نحوي وقال بنبرة هادئة :-

_أما بالنسبة للعمال و الأشياء الخاصة بالموارد البشرية ستتابعها سنيورا أيلين مع فريقي الخاص و سأتابع كل شيء .

شعرت بالأهانة تتسلل إلى داخلي هل يعني أنه لا يثق بقدراتي كفاية لأدير هذا القسم بمفردي في هذا المشروع ؟ اللعنة عليه لماذا يحاول دائمًا خلق انطباع بأنني بحاجة إلى إشراف أو دعم؟

وأجبت بنبرة هادئة و باردة رغم الغليان الداخلي :-

_ لا تقلق سيد غارسيا أنا على قدر المسؤولية وسأحرص على تنفيذ كل شيء بدقة متناهية لن تحتاج إلى أي تدخل من فريقك الخاص كما ذكرت,

رد نيكولاس بتأن وكأنه يستمتع باستفزازي أكثر:-

_ أثق تمامًا في ذلك لكن التنسيق المشترك دائمًا ما يكون أفضل لضمان عدم وجود أي ثغرات فأنا لا أطيق الثغرات .

يا ألاهي لولا تدخل والدي لقلت له كلام لاذع فقط لو أنتر لثانية واحدة لقلت له اذهب للجحيم أه تمنيت فقط لو أشتمه لثانية واحدة فقط أشتمه ....

_ حسنًا الاتفاق واضح الآن سنعمل جميعًا معًا وكل شخص سيقوم بدوره على أكمل وجه.

وقف نيكولاس وأمسك بأوراقه ثم قال وهو ينظر إلينا جميعًا :-

_ أتطلع إلى رؤية التنفيذ قريبًا سأنتظر جميع العقود و المستندات التي سأوقعها لأتمام الصفقة .

صافح أبي نيكولاس بأبتسامة هادئة تعبير لأمتنانه :-

صافح أبي نيكولاس بأبتسامة هادئة تعبير لأمتنانه :-

_ يسرني العمل معك سيد غارسيا .

أجابه نيكولاس :-

_ و أنا أيضاً .

و من ثم صافح ميشيل نيكولاس ليقول نيكولاس بمزاح :-

_ سأعمل على خطفك من السنيور آليسون .

ضحك ميشيل بهدوء :-

_ سيقتلني ساعتها .

ابتسم نيكولاس على الرد لكن ابتسامته اختفت سريعًا عندما التفت نحوي وقدم يده ليصافحني نظراته كانت مليئة بالتحدي وكأنه يستمتع بمضايقتي :-

_ سنيورا أيلين .

شعرت بداخلتي صرخة تقول "حقير" لكنني احتفظت بهدوئي الخارجي امتدت يدي لتصافحه لكنني ضغطت على يده بقوة غير متوقعة كمحاولة صامتة لأثبت له مدى استيائي و كرهي له و غضبي نطقت اسمه بكلمات قوية مشبعة بالتحدي :-

_ سيد غارسيا .

كان صمتنا لثوانٍ قليلة لكنه شعر وكأنه دهر عيوني كانت تحدق في عينيه بغضب مكتوم وكأنني أحاول أن أوصل كل مشاعري السلبية نحوه من خلال نبرة نظري بدا وكأنه يستمتع باستفزازي وكأن تحقيق هذا الغضب هو أحد إنجازاته الشخصية.

لحظة أخرى لاحظت أن يده أكبر من يدي وأنه لو أراد حقًا كان بإمكانه سحق يدي بضغطة واحدة متوسطة القوة أخيراً وبعد ما بدت وكأنها دقائق طويلة ابتعدت يده عن يدي نطق نيكولاس بجملة خفيفة ولكنها تحمل طابعًا ساخرًا :-

_ أرى أننا سنكون فريق مثير للجدل أو ربما يثير العواصف سنيورا أيلين .

أنه يختبر صبرك أيلين لا تعطيه الفرصة هل أمزقه أمام أبي لا أنها فكرة ليست بجيدة على الأطلاق اللعنة عليه اللعنة .

لم أبتسم له فقط اكتفيت بقول كلمة واحدة أخاف أن تكون الكلمة الثانية ستخرج شتيمة عليه :-

_ ربما .

لمحت شبح ابتسامة على شفتيه ليعود الى بروده بعد أن أكمل لعبة الاستفزاز الخاصة به غادر نيكولاس غرفة الاجتماعات مع والدي بالطبع ليوصله الى اسفل الشركة فهذا من الاحترام ...

كان واضح أن نيكولاس يحب السيطرة ولا يترك أي مجال للخطأ ومع ذلك كان هناك شيء في نبرته يجعلني أدرك أنه ليس عدائيًا بشكل كامل بل هو فقط شخص يؤمن بعقلية العمل الاحترافي بلا هوادة لكنه استفزازي وحقير أجل أيلين هو استفزازي بطريقة تقتل الشخص غيضاً

بعد أن غادر نيكولاس الغرفة التفت نحو ميشيل وقلت بصوت يحمل الكثير من الإحباط :-

_ هذا الرجل مستفز بكل معنى الكلمة كيف يمكننا التعامل معه لأشهر طويلة؟

ابتسم ميشيل برفق وقال :-

_ نيكولاس قد يكون صارم لكنه يبحث عن النجاح علينا فقط أن نثبت له أننا على قدر التحدي كما أنه ذا عقلية ناجحة جداً في هذا المجال و رأيته في الكثير من المناقشات العملية يمتلك عقل ناجح و موزون .

أومأت برأسك لكن بداخلك كان هناك صوت يقول إن هذه الرحلة لن تكون سهلة على الإطلاق.

.

.

.





تعليقات