القائمة الرئيسية

الصفحات

 

بارت 5 ( صفقة أنتقام )






_ خذها و بعها الى دار العاهرات لتمتع الرجال في المستقبل فهذا هو مكانها ........

كانت اللحظة كجحيم مظلم صدمة عميقة غرسها الزمن في أعماقي بقوة لا يمكن مقاومتها تلك الصدمة التي أمست جزء من أنفاسي تلاحقني في كل لحظة يقظة وفي كل حلم كانت كالوشم المحفور في ذاكرتي لا يمكن محوه أو الهروب منه تنفيذ أوامر الزعيم الذي لا يمكنني نسيان ملامحه المزعجة كان بداية الكابوس وضعوني في السيارة وأنا غارقة في دوامة الصدمة غير قادرة على استيعاب ما حدث وكأن روحي قد اقتلعت من جسدي ولم يعد لدي أي سيطرة على الواقع.

 

كان الخوف يتملكني يلفني كالضباب الكثيف والداي... رحلا أمام عيني وتركاني وحيدة في هذا العالم الغريب الذي لم يعد فيه مكان للأمان كيف سأواجه المستقبل؟ كيف سأعيش دونهما؟ شعرت بأن حياتي بدأت تنقلب رأساً على عقب وكأنني كنت أحلم بأحلام جميلة ثم استيقظت فجأة على كابوس مرعب سيطاردني إلى الأبد بدا لي أن هذا الكابوس لن ينتهي هنا بل سيجعلني شيء آخر وحش بلا قلب بلا مشاعر بلا روح.

 

جرني أحد الرجال بقسوة مفرطة يقبض على ذراعي وكأنه يريد سحقها بين أصابعه شعرت بالألم يتسلل إلى أعماقي لكنه لم يكن شيء مقارنة بالوجع الذي كان يمزقني من الداخل جرني كما يجر الوحش فريسته بلا رحمة أو شفقة نحو منزل كبير بدا لي كقلعة مظلمة كنت غارقة في صدمتي غير قادرة على التركيز على الطريق أو الوقت كل شيء حولي كان ضبابي وكأنني أسير في حلم سيء لا أستطيع الاستيقاظ منه.

 

دموعي لم تتوقف كانت تسيل بغزارة وكأنها تعبر عن كل الألم الذي لا أستطيع التعبير عنه بكلمات حاولت مقاومته حاولت أن أخلص نفسي من قبضته الحديدية لكن دون جدوى كان أضخم مني بعشرات الأضعاف وأقوى بكثير مما يمكن لطفلة صغيرة مثلي أن تواجه كنت عاجزة تمامًا لا أملك سوى البكاء والتوسل بصمت كيف يمكنني الهرب؟ وإلى أين؟

والداي هما كل ما أملك ولم يخبراني يوم عن عائلتهما أو أي شخص آخر يمكنني اللجوء إليه هما لم يذكرا أي شيء عن أهلهما أو أقاربهما لذا إذا هربت إلى أين سأذهب؟ كيف سأعيش حياتي؟ كيف سأواجه هذا العالم القاسي وحدي؟ مستقبلي أصبح مجهولًا وكأنني أقف على حافة الهاوية غير قادرة على رؤية ما ينتظرني في الأسفل.....

 

 

بكاء لا ينتهي توسلات ممزوجة بالألم وصوت مخنوق بالعبرات التي كانت تتمزق في حنجرتي كنت أرجوه أن يدعني وشأني أن يتركني أذهب بعيدًا عن هذا الكابوس المظلم لكنه لم يكن يأبه لدموعي أو صراخي كل ما كان يهمه هو تنفيذ الأوامر التي تلقاها من زعيمه. كيف تغيرت حياتي بهذه السرعة؟ من الفتاة المدللة التي عاشت في حضن الحب والدفء إلى هذه الطفلة المذلولة التي أصبحت مجرد لعبة في أيدي هؤلاء الوحوش.

 

ألقى بي داخل الغرفة أمام امرأة كانت جميلة بملامحها الخارجية لكن نظرتها كانت تحمل كل الشرور التي يمكن تخيلها كانت تلك الجمالية المزيفة تغطي قبح روحها وخبثها الدفين نظرت إلي بنظرة مملة وكأنني مجرد شيء بلا قيمة ثم التفتت للحارس الذي بدا وكأنه يعرفها جيدًا سألتها بصوت جاف كأنما يتحدث عن شيء يستحق الاحتقار :-

_من هذه القمامة الصغيرة ؟

رد عليها الحارس دون أي تعاطف :-

_ هذه هدية السيد لكي ستكون ذات نفع لتمتع الرجال عندما تكبر لذا أجعليها عاهرة من عاهراتك هذه أوامر الزعيم ولا تدعيها تهرب مهما حصل .

ابتسمت المرأة بتعجرف ابتسامة مليئة بالخبث والقسوة ثم اقتربت مني كنت خائفة أكثر مما كنت في حياتي بأكملها شعرت بأن هذا المكان ليس سوى بداية لأيام مظلمة مليئة بالألم والإذلال كنت أعلم أنني سأقضي هنا أسوأ أيام حياتي وأن هذا الشعور الثقيل الذي يضغط على صدري لن يزول قريباً قلبي كان ينبض بقوة والخوف يسري في عروقي كأنه سم ينتشر في جسدي.

 

كل ما كنت أفكر فيه هو الهروب الهروب من هذا المكان إلى أي مكان آخر حتى لو كان العالم الخارجي مليء بالمخاطر. لكنني كنت أعلم أن الهروب الآن مستحيل فهذا المكان كان محكم الإغلاق وكل من فيه كانوا مثل السجانين الذين لا يعرفون الرحمة.

 

اقتربت المرأة مني ووضعت أصابعها الباردة على ذقني رافعة وجهي نحوها كانت تتأملني بنظرة بغيضة وكأنها تفحص سلعة جديدة اشتراها السوق. ابتسمت بخبث وهي تهمهم بكلمات أشعرتني بالاشمئزاز:

 

_ قل لزعيمك أنها بضاعة جيدة جداً سأحرص على أن أجعلها عاهرة عندما تكبر و سيكون أول رجل يستمتع بمضاجعتها .


كل كلمة كانت تتفوه بها تلك المرأة كانت تخترق قلبي كشفرة حادة تمزقه إلى أشلاء صغيرة لا يمكن جمعها "لا... لا... لا" همست لنفسي بصوت مختنق وكأنني أحاول إنكار الواقع الذي يحيط بي إذا كان هذا حلمًا مزعجًا فأرجوك يا إلهي أن توقظني منه أرجوك اجعلني أستيقظ من هذا الكابوس المرعب إنه حلم سيء... حلم لا يحتمل إنه يمزقني من الداخل ويتركني عاجزة عن التفكير أو الحراك.

 

أردت الصراخ لكن لساني بدى وكأنه مشدود بحبال خفية غير قادر على النطق بكلمة واحدة كل ما كان يخرج مني هو شهقات متقطعة تخنق حنجرتي تمنعني من التحدث أو حتى البكاء كما ينبغي كنت أتوسل في صمت أتوسلهم أن يعيدوني إلى أمي وأبي أريد العودة إلى دفء حضنهما إلى الأمان الذي كانا يمنحانه لي أريد أن أنام بين أحضانهما مرة أخرى أن أشعر بلمسة أيديهما الرقيقة التي كانت تهدئني عندما أكون خائفة لن أكون سيئة لن أطلب شيء آخر فقط أريدهما... أريدهما هنا بجانبي.

 

_ خذوها إلى الغرفة وأغلقا عليها الباب ولا تدعاها تهرب.


كانت هذه أوامر المرأة التي علمت لاحقًا أنها تدعى ماتلدا كانت ماتلدا واحدة من أخطر الشخصيات في هذا العالم المظلم وتعتبر الأفضل في مجالها المشؤوم عرفت بأنها أعظم عاهرة في البلاد لكن دورها لم يكن يقتصر على ذلك فقط بل كانت مدربة الفتيات الصغيرات على فنون العهر والخضوع تعمل بيد من حديد تحت إمرة زعماء المافيا كانت تتلقى "البضائع" الفتيات اللواتي يتم اختطافهن أو شراؤهن  لتقوم إما ببيعهن أو تدريبهن ليصبحن أدوات طيعة في أيدي الرجال الذين يدفعون الثمن المناسب وعلى الرغم من عمرها الذي بدأ يتقدم بها إلا أنها حافظت على جمالها ومظهرها بشكل مثالي وكأنها تحاول أن تخفي خلف هذا القناع الجميل الوحش الذي يسكن داخلها.

 

حاولت تحريك ذراعي للهروب منهم لكنني كنت مجرد فتاة صغيرة وضعيفة لا تملك القوة الكافية للدفاع عن نفسها أو حتى الهرب بعيدًا أمسك بي رجلان ضخمان أكبر مني حجمًا وعدة كانا يجرانني بقسوة كأنني دمية هشة صرخت بأعلى صوتي لكن صرخاتي كانت بلا جدوى لم يكن أحد يستجيب ولم يكن هناك من ينقذني كل ما استطعت فعله هو الرضوخ لمصيري المرير بينما كنت أشعر بالخوف يغمرني كالظلام الحالك.

 

 

رموني في غرفة مظلمة بائسة ذات رائحة كريهة لا تحتمل لم أعلم ما الذي يجري بهذه الغرفة و لا يوجد أي نور فيها سوى الظلام أنا أخاف الظلام حقاً لا يمكنني أن أكون في مكان مظلم لدي فوبيا منه أكرهه :-

_ أرجوك يا عم أرجوك أنا أخاف الظلام أريد أبي و أمي لا تتركني هنا أرجوك أرجعني لهما .

كنت أترجاه و أحاول جاهدة أن أجعله يتنازل عن ما يأمر كنت أترجاه بشهقات متألمة و غصة الحزن في حلقي كنت أتوسلهم أن يرجعني لوالدي حتى و أن كنت لا يمكنني أن أراهما مرة أخرى سوا أن أشاهد قبرهما و أن أكون بجانبهما حتى و أن كان مجرد رفات لا يستطيعان أن يحضناني و لا أن يمسح أبي على شعري أعلم بأني لن أسمع صوت أمي و هي توبخني لغيرتها مني لأبي و لن أسمع أبي و ضحكته لن يقرء لي قصة قبل النوم بعد الآن ألا أنني أريد أن أكون بجانبهما مهما كان الثمن أريد أن أعود أليهما أريدهما بشدة لا أزال صغيرة على هذا النوع من التعذيب النفسي أريد أن أكون كباقي الأطفال الذين يكونون في سقف أهلهم و بين أحضان أبويهما أريد أن أكون مثلهم لا أزال صغيرة على خسارة والداي بهذا الشكل الفظيع لا أزال صغيرة .... لا أزال صغيرة يا ألهي على تحمل هكذا معاناة ....لا أزال  صغيرة .....

 

أُغلق الباب بعنف خلفه ليختفي معه النور الخافت الذي كان يتسرب من الفتحة الضيقة عند المدخل أطبق الظلام على الغرفة كأنه شبح مخيف يلفني بردائه الثقيل جسدي بدأ يرتجف بلا سيطرة وتنفسي أصبح صعب وكأن الهواء نفسه رفض أن يدخل إلى رئتي الشهقات المتقطعة كانت تأخذ ما تبقى من قوتي بينما آهاتي الصامتة تنطق بكل الحزن الذي لم أستطع التعبير عنه بالكلمات.

 

جلست هناك في الزاوية مضمحلة بين الظلال وأخذت أبكي بقوة كنت بحاجة لأن أفرغ كل الألم الذي اجتاحني لأصرخ بصمت ضد هذا المصير القاسي كنت أتمنى أن أنام كما نام والداي وأن لا أستيقظ أبدًا من هذا الكابوس المرير كيف يمكن للحياة أن تكون بهذا القسوة؟ كيف يمكن لروح صغيرة مثل روحي أن تحتمل كل هذا العذاب؟

 

أردت أن أكون كالغيمة التي تسافر بعيدًا عن هذه الأرض الموحشة أهيم في السماء حيث لا مكان للألم أو الخوف شعرت بأن هذه الحياة ليست لي فهي قاسية أكثر مما يمكنني تحمله تقتل روحي وهي لا تزال حية تعزف لحن الموت على أوتار روحي المنهكة.

 

من شدة بكائي نمت على الأرض التي بزاوية الغرفة دون و أنا أحتضن نفسي بقوة خوفاً من القادم على الرغم من برودة الأرض القارصة ألا أن جسدي كان كالجحيم في حرارته لم أحلم سوى بمقتل أمي و أبي و هما أمام عيناي منظرهما لا يغيب عن بالي و لا عن أحلامي لم أشعر ألا و بشخص يصرخ ناحيتي و يهزني لأصحو كان صوت أمرأه ميزت صوتها بسرعا لأفزع بنهوضي و نظرت لها بخوف و أنا أحتضن نفسي أكثر و أكثر لحماية نفسي منها نظرت لي بقرف و تعالي :-

 

_ كم أنتي متسخة يا فتاة أسمعيني جيداً منذ الآن أنا سيدتك و ستفعلين كل ما أطلبه منكي و أياكِ و محاولة الهروب لأنك ستقتلين و تضربين حذاري هل فهمتي ؟


لم أجبها كنت صامتة جسدي مشدود كالوتر بينما الدموع تتدفق بلا انقطاع من مقلتي عيني قلبي كان ينبض بعنف داخل صدري وكأنه يريد الانفجار الخوف الذي اجتاحني في تلك اللحظة كان أقوى من كل ما مررت به من قبل لم أشعر يومًا بمثل هذا الرعب المخيف ولم أختبر من قبل هذا الخفقان العنيف الذي يكاد أن يشل حركتي ويسلبني القدرة على التفكير.

 

أمسكت بي بقسوة تلتف بأصابعها حول خصلات شعري وتسحبني لأعلى صرخت من الألم وأغمضت عيني بإحكام بينما وضعت يدي الصغيرتين على يدها في محاولة يائسة لتخفيف الضغط عنها لكن قوتها كانت ساحقة كأنها لا تعرف الرحمة أو الشفقة نظرت إلي بنظرة باردة مليئة بالازدراء وقالت بلهجة آمرة وحادة :-

_ عندما أقول لكِ مفهوم ستقولين حاضر سيدتي هل فهمتِ يا عاهرة؟

هززت رأسي ببطء والدموع تنهمر بغزارة وكلماتي تخرج بصعوبة من بين شفتي المتلعثمتين :-
_ ف... فهمت.

أطلقتني فجأة لأسقط على الأرض بقوة وجسدي الصغير يرتجف من الألم والخوف لم يكن هناك أي رحمة في عينيها ولا حتى شفقة على حالتي التي يرثى لها كانت تقف أمامي كتمثال بارد وكأن قلبها مصنوع من الحجارة لا يحمل أي ذرة إنسانية أو شعور.

مرت سنتان في ذلك المكان الذي أصبح أشبه بسجن مظلم وكانتا بلا شك أسوأ سنوات حياتي حاولت الهرب مرات عديدة لكن كل محاولة كانت تنتهي بالضرب المبرح حتى أنني تعرضت لكسر في قدمي بعد إحدى تلك المحاولات كان الألم الجسدي لا يقارن بالألم النفسي الذي كنت أعيشه يوميًا تلك الفترة كانت بالنسبة لي جحيمًا حقيقيًا حيث فقدت كل معنى للأمان أو الكرامة.

 

خلال هاتين السنتين نحفت بشكل ملحوظ وتحولت إلى ظل لما كنت عليه ذات يوم الطعام الذي كانوا يقدمونه لنا كان سيء وغير كافٍ وكأنهم يريدون تحطيمنا جسديًا كما كانوا يحطموننا نفسيًا أصبحت كالحيوان المذلول بين أيدي ماتلدا تلك المرأة التي لم تعرف الرحمة أو الشفقة كانت تعاملني بأقسى وأحقر الطرق وكأنها شيطانة اتخذت هيئة إنسان الجميع في ذلك المكان كان يخضع لها دون مقاومة والفتيات كن ينحنين تحت قدميها خوف من بطشها كنا جميعًا نعلم ماذا ستفعل إذا خالفنا أوامرها ولم يكن هناك مجال للشك في قسوتها.

 

مع مرور الأيام بدأت أشعر بأن قلبي يزداد صلابة لكن هذه الصلابة لم تكن نتيجة القوة بل نتيجة الكراهية والغضب المتراكم كنت أزداد قسوة يومًا بعد يوم وأحمل في داخلي أطنانًا من الحزن والأسى كل ليلة كنت أبكي بصمت على فراشي وأغرق وسادتي بدموعي بينما أدعو الله  أن يجعلني أصحو من هذا الكابوس المروع كنت أريد أن أستيقظ وأجد نفسي بين ذراعي والدي مرة أخرى أو حتى بجانب قبرهما كنت أعلم أن هذا لن يحدث وأن هذا الكابوس هو حقيقتي الآن لكنني رفضت أن أستسلم تمامًا.

 

ازداد كرهي وحقدي على ماتلدا وعلى ذلك الرجل الذي سلموني لها كنت أخطط للانتقام منهم بأي وسيلة متاحة حتى لو كلفني ذلك حياتي كنت أقسم في سري أنني سأنتقم لوالدي وأنني سأقتل ذلك الرجل بيدي هاتين لن أرحمه سأجعله يذوق كل الألم والذل الذي عشته بل سأزيده أضعافًا مضاعفة لن أدع لهم أي فرصة للرحمة لأنهم لم يظهروا لي يومًا أي رحمة.

 

الانتقام وحده من جعلني أصمد في العيش بذلك البيت القذر الذي يصدح به صوت المضاجعات و صوت الفتيات و الأشياء القذرة و الضحكات المقززة و الرجال العفنين كرهتهم جميعاً و كرهي لهم هو الذي يقويني و يجعلني أرغب بالعيش لأيجاد انتقامي كنت أريد القوى فقط القوة التي أريدها سأجدها .... سأنتقم .... سأنتقم هذه الكلمة التي تتردد في عقلي كل يوم ....

 

 

كنت أجلس و أنظر عبر النافذة لأرى ماتلدا تعطي الأوامر و يبدو عليها الانشغال كثيراً حتى أن الدار كله أنشغل معها علمت أن هنالك سيد من أغنياء العالم سيأتي هكذا تفعل ماتلدا في كل مرة يأتي بها أحد الأغنياء لكن هذه المرة كانت منزعجة و علامات الخوف على وجهها و تأكد على جميع ما يفعلونه من ترتيبات للاستقبال الضيف :-

أحد الفتيات :- سيدتي الفتيات ذات المستوى ال4 جاهزات .

ماتلدا :- جيد لا أريد أي خطأ ... فأي خطأ يحدث ستطير كل رؤوسنا من محلها هل هذا مفهوم ...

كانت الكلمات الأخيرة تنطق بالرهبة والخوف لكن ما لفت انتباهي حقًا كان حالتها كانت ماتلدا تلك المرأة التي لم تعرف الرحمة أو الشفقة تقف الآن وقد بدا عليها القلق الواضح وجهها كان شاحبًا وعيناها تتقلبان باضطراب وكأنها تخشى القادم بكل وجودها هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها ماتلدا بهذا الشكل فهمت حينها أن الشخص الذي سيأتي يجب أن يكون ذا أهمية كبيرة شخص تهابه حتى هي رغم كل قوتها وجبروتها.

 

شعرت بنبضة الأمل تدب في قلبي هذا هو سلاحي فرصتي الوحيدة للانتقام إذا كان هناك شخص قادر على زعزعة ثقة ماتلدا بنفسها وإدخال الخوف إلى قلبها فهو بالتأكيد الشخص الذي يمكنني استخدامه لتحقيق هدفي لن أدع هذه الفرصة تفلت من بين يدي يجب أن أخطط بعناية أن أجعل هذا الشخص حليفي أو على الأقل أستغل مخاوف ماتلدا منه لأضع نهاية لهذا الكابوس.

 

كيف سأتفق معه؟ ما الذي يمكنني تقديمه لرجل يملك كل شيء؟ هو واحد من أغنى وأقوى الرجال ولديه نفوذ يفوق الخيال ماذا يمكن أن أملك أنا فتاة صغيرة محطمة ومكسورة لأقدمه له مقابل تحقيق انتقامي؟ لا أعلم عقلي مشوش وأفكاري تتصارع في صدري كأنها عاصفة لا تهدأ لا أستطيع التفكير بوضوح لكن الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أن هذه الفرصة لا يجب أن تضيع من بين يدي مهما كان الثمن حتى لو كان الثمن حياتي يجب أن أتحرك الآن.

 

 

كنت أراقب جميع تحركات الفتيات مع الحراس بصمت و من دون ملاحظة ماتلدا لي ... الى أن كلمت في أي غرفة سيستضيفونه و سيدخلون له أحد العاهرات المتمرسات .... رأيت أحد الحراس أمام الغرفة لما هذه الحراسة المشددة و اللعنة ذهبت نحوه و أنها أحكم أنفاسي لأنظر نحوه ببرود :-

_ هي أيها الحارس السيدة ماتلدا تريدك للتحقق من الكهرباء الموجودة في الغرفة يجب أن تتأكد منها .

نظر نحوي ليضيق عيناه بشك :-

_ و لما أرسلتك أنتي لتخبريني بهذا كما أن هناك الكثير ليستكشفو الكهرباء في الغرفة .

حاولت ان أجعل ردة فعلي غير مهتمة لكي لا يشك في أمري و أخسر كل شيء و كل مخططاتي :-

_ أنا بلغتك فقط بما أمرت لا يهمني أن عاقبتك أو قتلتك بعد ذلك .

نظرت الى وجهه الذي تغيرت ملامحه فور قولي لهذا فالجميع يعلم وحشية ماتلدا و لا أحد ينجو منها ليحمحم و يقول و هو يهم بالمغادرة لتنفيذ كذبتي :-

_ هذا ليس مكان للعب هيا أنصرفي من هنا .

ابتسمت على غبائه و هو ذاهب لأنظر حولي و أنا أهم الى الغرفة بسرعا فتحتها لأنظر حولي كانت مظلمة قليلاً لكن الضوء الخافت بها كان يساعدني على الرأية لذا اختبأت تحت السرير لكي لا يراني أحد كان حجمي ضئيل يساعدني على الدخول تحت السرير بكل سهولة أغمضت عيناي و أنا أدعو بداخلي أن خطتي تنجح لقد انتظرت كثيراً لأيجاد قوتي و نقطة قوة أكبر من ماتلدا و ذلك المجرم الذي قتل والدي ... الانتقام هو ما أريد الوصول أليه و سأصل أليه مهما كان الثمن سأصل لهدفي ....

كنت أردد هذه العبارة أكثر من مرة لأتمكن من تشجيع نفسي على ما سأقوم به و ما سينتظرني بعد ساعات ....

 

و بعد ساعتين بالتحديد سمعت صوت الباب يفتح خفق قلبي بشدة شممت رائحة رجولية جميلة جداً أشك أنني سأشم رائحة مثلها في يوم من الأيام كانت رائحة الرجل قد استحوذت على كل الهواء الموجود في الغرفة ابتلعت ريقي و أنا أرتجف كانت قد دخلت خلفه فتاة و هي تتدلل في صوتها كالعاهرات و هي حقاً كالعاهرات :-

_ سيد آديسون و أخيراً حلمي سيتحقق .

ليأتي لي صوته الغليظ و العميق و البارد ليمسك بالفتاة و يرميها على السرير :-

_ لا أحب الثرثرة أريد فقط سماع صوت صراخك يهز البيت المقرف هذا .

 

كانت الملابس ترمى على الأرض أمامي لتتصنم نظراتي على السلاح الذي سقط على الأرض بعد ألتحام جسديهما لم أجرء على أن أخرج و لم أتزحزح من مكاني و قلبي الذي كان ينبض بقوة و يداي التي كانت ترتجفان حاولت أن أمسك السلاح دون أن يلاحظ الرجل و دون أن أنظر أليهما فليست لدي الشجاعة للنظر الى معركتهما السريرية كانت الفتاة تصرخ لا أعلم لماذا تصرخ حتى كل فكري أنني كنت أعتقد أنه يضربها لكن أعلم أنه يضاجعها صوتها الذي كان يمزق حنجرتها جعلتني أرتجف بقوة كنت خائفة أن يقتلني بلمح البصر لأن من الواضح هو عنيف جداً ربما سيعذبني أو يغتصبني و لا يهتم لصغر سني و لا يهتم لأي شيء ربما سيقتلني و يرميني للكلاب لكن يجب علي أن أنتقم هذا كان هدفي الوحيد و سأفعله حتى ولو كلفني هذا حياتي سأفعلها من أجل الانتقام لمقتل والدي و دموع امي الذليلة و هي تتوسله بعيناها أن لا يقترب مني و من أبي قتلها ذلك الرجل دون أي رحمة أو شفقة سأنتقم و سأقتله ...

 

أجل أيف أنتي تستطيعين هذا أنتي شجاعة كوالدك و شديدة كوالدتك و قوية و لا تخشي من شيء يجب عليكِ أن تتذكري ما قاله والدك ( أنتي أبنتي أيف عليكِ أن تكوني شرسة و قوية و يهابك الجميع أنتي تستطيعين فعل الكثير من الأشياء و من يأخذ حقك ستعيدينه أضعاف هذا و يجب أن تكوني كاللبؤة شديدة و قوية و شرسة تذكري دائماً أنكي أبنتي الجميلة التي ستصبح في يوم من الأيام الفتاة التي يخافها الجميع ) ...

 

أنتي قوية أيف ... أنتي تستطيعين ... أنتي تستطيعين فعلها .... تستطيعين .... تستطيعين ...

كنت أردد هذه الكلمات لأقنع عقلي الباطني و منع نفسي من الخوف و أنا أضم السلاح الذي سحبته من الأرض دون أي يشعرا كلاهما بوجودي و لا عندما أخذت السلاح و تسللت الى تحت الفراش أو هذا ما ظننته ....

 

عندما انخفضت الأصوات و أنعدم صوت صرخاتها أيقنت أنها انتهت ليأخذ شيء ما من الكرسي الذي في الغرفة ليتجه الى الحمام لكن قبل أن يذهب قال بنبرة باردة آمراً لها :-

 

_ أخرجي من الغرفة حالاً .

 

دخل الى الحمام و همت الفتات تخرج من الغرفة و هي تترنح و أنا أبتلع ريقي بصعوبة لكن لا مجال للتراجع الآن و خاصة بعد أن وصلت الى هذا المستوى لكن جسدي لم يقوى على الحراك و ما هي ألا بضع دقائق قليلة حتى خرج من الحمام كنت أنظر الى أتجاه قدماه و هي تتجول في الغرفة و لكن صوته سمرني في مكاني و خاصة عندما قال :-

_ الفئران كثيرة تحت السرير من الجيد أن تخرج .

كانت هذه الكلمات التي جعلت الدماء تجف في عروقي و يجف فمي من هولها كيف علم أنني تحت السرير كيف له هذه المهارة بمعرفة كل ما يحيط به أي رجل هذه ...

شجعت نفسي لأمسك بزناد المسدس لأخرج من تحت السرير و أقلب ملامح وجهي الى الجدية و محاولة أخفاء خوفي خلف ملامح الانتقام لأوجهه فجوة السلاح على الرجل الذي كان يقف بكل هيبته و شخصيته الجذابة مع شعره المبلل و الذي تسقط قطرات الماء من خصلات شعره أضافة الى المنشفة التي كانت تتوسط خصره و يرتديها و المنشفة الثانية كانت حول رقبته و نظراته الباردة القاسية تجاهي ليجلس على الأريكة و هو ينظر نحوي من الأعلى الى الأسفل و أنا لا زلت أسدد اتجاهه السلاح ليكسر الصمت الذي خيم على أنحاء الغرفة :-

_ فتاة توجه سلاحي نحوي أتريدين الموت يا صغيرة ؟.

كانت كلماته تخرج بهدوء مثير للريبة وكأن السلاح في يدي لا يعني شيء بالنسبة له لم يكن هناك أي انعكاس للخوف أو القلق في عينيه الباردتين وكأنه يعلم أنني لن أستطيع فعلها وأن إصبعي المرتجف لن يضغط على الزناد تلك النظرة الثابتة والقاسية كانت تدفعني نحو الجنون حتى حياته لم تكن تبدو مهمة بالنسبة له كأنه يقف فوق كل الخوف والخطر بينما أنا كنت أغرق في بحر من التردد والتوتر.

 

حاولت جاهدة أن أخفي ارتباكي خلف قناع القوة وألا أدعه يستغل نقاط ضعفي رفعت ذقني قليلًا وشددت قبضتي على المسدس أكثر ثم قلت بصوت حازم رغم الرعشة الخفيفة التي كانت تخفيها :-

 

_ لا يهمني فأنا من سيقتلك أولاً .

أبتسم لي بسخرية ليجلس على الأريكة التي كانت خلفه بكل هيبة ليأخذ علبة السجائر ليخرج منها سيجارة و يحضنها بين شفتيه و يشغلها و هو يضيق عيناه ليأخذ نفس طويل منها و يزفره نحو الأعلى ليعاود النظر نحويو يتأمل مظهري من الأعلى الى الأسفل بتدقيق تام :-

_ ما الذي تريديه في فمك هذا كلام كثير جسدك ضئيل و لا يبدو أنكي كالعاهرات الموجودات في هذا المنزل القذر .

 

كانت نظراته نحوي ثابتة وقوية  وكأنها تخترقني حتى العمق كنت أظنه في البداية كأولئك الرجال الكبار في السن المزعجين والذين يحملون ملامح تثير الاشمئزاز لكنه كان مختلفًا تمامًا شابًا في ريعان قوته وسيمًا بدرجة ملفتة وعيناه حادتان كسيفين تخترقان الروح دون رحمة بدا وكأنه يعرف كيف يتحكم بكل لحظة وكل نفس في الغرفة .

 

حاولت أن أرد عليه بتوازن رغم التوتر الذي كان يسري في عروقي قلت بصوت ثابت وأنا لا أزال أُبقي السلاح موجهًا نحوه :-

_ أريد أن أعقد معك صفقة .

ضيق عينيه قليلًا وكأنه يدرس كلماتي قبل أن يجيب همهم بصوت عميق وبطيء :-

_ وهو ؟

لم أنزل السلاح عنه ولو للحظة كنت مصرة على أن أبدو قوية ومصممة أجبته مباشرة :-

_ ستساعدني على الانتقام من قاتل والدي .

أخذ نفسًا طويلًا من سيجارته، ثم أطلق الدخان ببطء وكأنه يستمتع بلحظة التوتر التي خلقها رد علي ببرود قاتل دون أن يرفع حاجب واحد :-

_ المقابل ؟

سألني ببرود وكأنه ينتظر إجابة قد تحدد مصير هذه الصفقة ابتلعت ريقي بصعوبة وشعرت بأن الكلمات علقت في حلقي كنت أعلم أنني لا أستطيع الحصول على ما أريد دون تقديم شيء في المقابل هذه هي الحياة لتنال شيء عليك أن تضحي بشيء آخر وها أنا ذا مستعدة للتضحية بكل ما أملك لأجل انتقامي.

 

جمعت شتات نفسي ونظرت إليه مباشرة في عينيه رغم الرعشة التي كانت تتسلل إلى جسدي قلت بصوت حازم محاولة أن أخفي الخوف الذي كان يأكلني من الداخل :-

 

_ سأعطيك حياتي و أعطيك كل شيء أملكه روحي جسدي كل شيء مقابل انتقامي .

 

كنت جدية تمامًا فيما أقوله عيناي كانتا تحملان نارًا مشتعلة تعكس رغبتي العميقة في الانتقام كنت أعلم أنني لن أتراجع الآن وأن هذا هو الثمن الذي يجب أن أدفعه لتحقيق هدفي إذا لم يوافق فلن أتردد في الضغط على الزناد حتى لو كان ذلك يعني نهايتي أنا أيضًا.

 

لكنه ظل صامت ينظر إلي بنظرة غامضة لا يمكن فك شفرتها لم أستطع أن أحدد ما يدور في ذهنه كان وجهه خالي من أي انفعال وكأنه تمثال من الجليد صمته كان يؤلمني أكثر من أي كلمة كان يمكن أن يقولها شعرت بأن الريق في فمي قد جف وأن العرق بدأ يتجمع على جبيني رغم كل محاولاتي للحفاظ على صمودي قراري كان ثابتًا لكن صمته الطويل كان يقودني نحو الجنون يجعلني أتساءل عما إذا كنت قد أخطأت في حساباتي.

 

أخيراً وبعد لحظات من الصمت المطبق تحدث بصوت هادئ ولكنه حاد كالشفرة :-

 

_ أنتي ضعيفة كيف ستنتقمين جسدك يرتجف و تتعرقين و نبضات قلبك سريعة على الرغم من النار المتوقدة في عيناكِ كيف ستنتقمين و تقتلين من قتل والديكي .

كلماته كانت كالسوط الذي يضربني بلا رحمة كنت أعلم أنه يحاول زعزعة ثقتي بنفسي لكنني رفضت أن أدعه ينجح رفعت ذقني قليلًا وشددت قبضتي على المسدس ثم قلت بحزم :-
_ ربما أكون ضعيفة الآن... لكن الضعف ليس نهاية الطريق. سأصبح أقوى سأفعل كل ما يتطلبه الأمر لأحقق ما أريده وإذا كان الثمن حياتي فأنا مستعدة لذلك سأنتقم فقط ساعدني ستساعدني صحيح ستجعلني أنتقم من القاتل .

 

كنت أتوسله بعيناي أن يوافق كنت أريده أن يوافق :-

_ و ما الشيء الذي يدعوني للموافقة على صغيرة غير قادرة على فعل شيء قذرة أيضاً.

قلبي توقف للحظة لكنني حاولت أن أتماسك كنت أعرف أنه لا يرى في سوى الضعف ولا يدرك أنني مستعدة لأفعل المستحيل لتحقيق ما أريد تمتمت بصوت مرتجف لكنني سرعان ما استجمعت شجاعتي ورفعت صوتي قليلاً :-

_ ستحصل على كل ما ترغب به فقط وافق .

أبتسم لينهي سيجارته و يدفنها مع أخواتها في مطفأة  السجائر لتموت هناك قال بنبرة جافة وخالية من العاطفة :-

_ أنتي حتى لا تعرفين كيف تستخدمين السلاح أنتي لم تسحبي الزناد لتتمكني من حشو الرصاصة بداخل الفجوة .

نظرت إليه بصدمة عيناي متسعتان كيف علم بكل هذه التفاصيل الدقيقة؟ كيف يمكن له أن يلاحظ مثل هذه الأشياء الصغيرة؟ ثم أدركت فجأة أنني لا يجب أن أتفاجأ هو رجل خطير يخافه الجميع حتى ماتلدا نفسها تلك المرأة التي اعتدت أن تكون لي مثالًا للقوة إذاً كيف لي أن أتوقع أقل من ذلك؟

 

نهض بسرعة بلا أي إنذار بحركة واحدة سريعة أمسك بالسلاح من يدي كان الأمر سريعًا جدًا بحيث لم أستطع التفكير أو حتى التنفس وضع فوهة السلاح على رأسي مباشرة فوق الجبين شعرت بالبرودة الحديدية تلامس جلدي ولفحة الموت تقترب مني سأل بنبرة هادئة ولكنها مخيفة :-

_ لما تبدين أكثر خوف ؟ هل تخافين من الموت ؟

رفعت رأسي نحوه وعيناي ثابتتان رغم الزلزال الذي بداخلي لم أكن لأدعه يرى أي وهن في نفسي أنا لا أخاف... قلت بصوت هادئ لكنه حازم مليء بالتحدي لم أخف من الموت يومًا حتى بعد موت والدي توقفت للحظة وأعدت إلى ذاكرتي تلك اللحظات التي علمني فيها والدي أن الخوف ليس إلا وهمًا نصنعه لأنفسنا والدي علمني ألا أخاف من شيء اسمه الخوف واجهته دائمًا وسأواجهك الآن نظرت مباشرة إلى عينيه المظلمتين وكأنما كنت أحاول اختراق ظلامهما الدفين :-

_ أنا لا أخاف من الموت  أنا فقط أخاف أن أموت قبل أن أحقق انتقامي لمقتل والدي أريد الانتقام وقتل من كان السبب في دمار حياتي هذا هو ما أخاف لأجله أما الموت... فقد مت منذ زمن لا يهمني إن مت الآن أيضًا الموت لا يخيفني وأنت... أنت لا تخيفني.

قلت هذا بثقة تامة وبنبرة استفزازية واضحة لم أكن أكذب كل كلمة نطقت بها كانت صادقة الانتقام هو الشيء الوحيد الذي يجعلني على قيد الحياة لا أريد أن أموت قبل أن أقتل ذلك الرجل القذر الذي حرمني من والداي الذي جعلني مذلولة الذي سلبني كل شيء حقوقي حضني الدافئ وكل ما كان يعني لي شيء وعدت نفسي بأن أحرمه من حياته تمامًا كما فعل بي هذا هو الوعد الذي قطعته لنفسي قال بنبرة متكلفة وكأنه يحاول اختباري :-

_ قلتي أنك ستمنحينني نفسك مقابل أن أساعدك على الانتقام أتعلمين من أكون يا صغيرة  ؟

أجبته دون تردد :-

_ لا يهمني من تكون أنت الشخص الوحيد الذي تخافه تلك الأفعى ماتلدا أنت ورقتي الرابحة .

ابتسم حينها وكأنما وجدها فرصة لاستكشاف المزيد من شخصيتي راح يتأمل الحقد الذي يشع من عيني وكأنه يستمتع به قال ببطء وكأن كلماته تحمل معنى أعمق مما يبدو :-

_ يعجبني نظرات الحقد و الكره في عيناكِ هاتين ....

ثم أبعد السلاح عن وجهي ووضعه جانبًا التفت نحو الهاتف الذي كان موضوعًا على الطاولة والتقطه بحركة هادئة ضغط على رقم سريع ورفع الهاتف إلى أذنه بعد لحظات قال بكلمات قصيرة وبعيدة عن العاطفة :-

_ لتأتي فوراً .

لم تمضِ سوى دقيقة واحدة حتى سمعت صوت خطوات تقترب من الغرفة كنت صامتة لا أجرؤ على قول أي شيء وأبتلع ريقي بصعوبة بين الحين والآخر الباب انفتح ببطء ونظرت بسرعة نحو الشخص الذي دخل دون سابق إنذار حينها اتسعت عيناي بشكل لا إرادي ....

 

ماتلدا....

 

هي التي دخلت الغرفة إذاً... هو من استدعى ماتلدا؟ لكن لماذا؟ هل كان يحاول أن يتخلص مني؟ أم أنه يريد أن يشتكيها علي؟ رأسي بدأ يدور بالأسئلة لا هذا لا يمكن أن يحدث لا يجب أن يحدث حاولت السيطرة على نفسي لكن الخوف والصدمة سيطرا علي تمامًا ابتلعت ريقي بصعوبة أكبر وأنا أراقب ماتلدا وهي تدخل الغرفة بخطوات مترددة تحمل في عينيها خليطًا من الغضب والقلق عندما رأتني هناك.

 

عدت بنظري نحو ذلك الرجل الذي لا أزال لا أعرف اسمه حتى الآن كان هادئًا وكأن كل ما يحدث مجرد أمر عادي بالنسبة له.

ماتلدا و هي تحاول كضم غضبها :- ما الذي تفعلينه هنا يا صغيرة ؟

قال الرجل بنبرة باردة ومتفاخرة وكأنه يستمتع باللحظة :-

وايت :- كان عليكِ أن لا تسمحي بدخول الفأران الصغيرة لغرف الكبار .

ماتلدا رغم خوفها الواضح حاولت أن تخفيه بابتسامة قلقة وهي ترد عليه :- أسفة سيد آديسون سأكون أكثر حذر في المرة المقبلة .

لكن ما قاله بعد ذلك جعلني أفقد القدرة على التنفس نظرت إليه وهو يعلن بكل برود :-

وايت :- سأشتريها .

ذهولي كان واضحًا نظرت نحو ماتلدا لأجد نفس النظرات المصدومة تنعكس على وجهها هل قال حقًا إنه سيشتريني؟ هل ما أسمعه حقيقي أم مجرد مزحة؟ شعرت وكأن الكلمات علقت في حلقي ولا أستطيع إخراج أي صوت كنت أعتقد أن الأمر يحتاج إلى مزيد من النقاش أو الإقناع لكنه وافق بهذه البساطة.

 

ماتلدا كانت أول من كسر الصمت وهي تسأل بحذر :-  هل تقصد هذه الصغيرة تشتريها ؟

رد عليها وايت بنبرة حادة وثابتة وكأنه يضع حدًا لأي نقاش آخر  

وايت :- تعلمين أنني لا أحب أعادة كلامي ماتلدا .

ماتلدا التي بدت مرتبكة للغاية حاولت مقاومة القرار لكن كلماتها جاءت متلعثمة :- لكن هناك الكثير من الفتيات الخبيرات لما هذه الصغيرة ستتعبك .

وايت ببرود و عينان حادتين و كأنه يخرسها بعينيه :- لا شأن لكي أذهبي و حضري الأوراق المطلوبة .

ماتلدا :- ح .. حسناً كما تأمرني .

استدارت ماتلدا لتغادر الغرفة لكن قبل أن تفعل ذلك تمامًا التفتت نحوي بنظرات حادة ومشحونة بالحقد كانت عيناها تكادان تحرقانني وكأنها تتمنى لو تستطيع قتلي في تلك اللحظة لكن شيء ما ربما خوفها من وايت كان يمنعها من التصرف أغلقت الباب خلفها بهدوء بعد أن غادرت لتنفيذ أوامره.

 

نظرت نحوه وايت وأنا أشعر بارتباك شديد ماذا يجب أن أقول له الآن؟ هل أشكره؟ لا... بالطبع لا يمكنني شكره من يدري ما الذي يدور في ذهنه حقًا؟ قد يكون مجرد جزء من خطته الخاصة شيء لا أفهمه بعد ومع ذلك هو سيشتريني لماذا؟ لم يبدو عليه أنه يهتم لأمري كثيرًا كل ما فعله كان يتمثل في النهوض والذهاب إلى غرفة تبديل الملابس حيث بدأ يخلع ملابسه التي كانت لا تزال متناثرة على الأرض ارتدى قميص أسود وبناطيل سوداء وترك بعض الأزرار العلوية للقميص مفتوحة وكأنه لا يهتم بالمظهر الكامل.

 

لم تمضِ سوى دقائق حتى عادت ماتلدا مسرعة تحمل بين يديها مجموعة من الأوراق وجهها كان محمرًا من الغضب لكنها حافظت على هدوئها أمامه دخلت وسلمته الأوراق دون أن تتفوه بكلمة ثم انتظرت بصمت وهو يجلس على الأريكة نفسها التي كان عليها منذ البداية أخذ الأوراق بيده وأمرها بالخروج فنفذت الأمر دون تردد.

 

جلست هناك صامتة أراقبه وهو يقرأ العقد بتركيز شديد كان يخربش بعض الكلمات هنا وهناك كلمات لم أستطع رؤيتها أو فهمها من مكاني البعيد كان يهمهم تحت أنفاسه بينما يراجع الصفحات الأخيرة ثم وضع القلم جانبًا بعد أن أنهى كتابة آخر جملة وضع الأوراق على الطاولة الصغيرة أمامه وأعلى الأوراق وضع القلم بعناية وكأنه يضع ختمًا على أمر مهم.

 

ثم نظر إلي مباشرةً بنظرة ثاقبة وعميقة وكأنه يحاول اختراق داخلي بمجرد النظر  قال لي ببرود :-

 

_ الآن فالتوقيعي على القد هذا ... سأعطيكِ القوة لتحقيق غايتك و انتقامك الذي تريديه و ستصبحين أقوى فتاة يهابها الجميع مقابل امتلاكي لكي بكل ما فيكي و لن يكون لكي أي حرية لجسدك و روحك و قلبك و كل كيانك ستكونين عبدتي .

 

كانت كلماته كجمرات حارقة تخترق قلبي أنا الفتاة التي كانت مدللة والدها و صغيرة أمها أجد نفسي اليوم أتوسل شخصًا غريبًا لأن أصبح عبدته مقابل تحقيق الانتقام يا للهول! كم تذل الحياة من كان سعيدًا يومًا ما كنت أعيش في عالم مليء بالفرح محاطة بدفء العائلة لكن هذا العالم تحطم أمام عيني في لحظة واحدة السعادة أصبحت كالقطار الذي يمر دون أن يتوقف عند محطة العودة تائهًا بين طرقات بلد لا يعرف الرحمة ولا يستقبل الغرباء.

 

وهكذا أصبحت ذليلة وضعيفة بلا ملجأ أو هدف سوى القتل أنا التي لم أكن أستطيع حتى قتل بعوضة أصبحت الآن أسير فكرة الدم والانتقام كل شيء تغير ولا شيء يبقى على حاله اللعنة على الأقدار التي لا يمكننا التحكم بها!

نظرت نحو وايت بتردد واضح صوتي يحمل ثقلًا أكبر مما كنت أتوقع :-

 

_ تريدني أن أصبح عبدتك ؟

أجاب وايت بنبرة باردة ومباشرة دون أي محاولة لتجميل الحقيقة :-

_ أجل عبدتي لتتمكني من الحصول على انتقامك فأنا لا أفعل شيء بدون مقابل أطلاقاً هذا هو قانوني  ... الخيار متروك لكي أما البقاء مع ماتلدا أو أن تأتي معي لأمنحك القوة و الصلابة لتنتقمي من الذين قتلو والديكي .

 

كان صوته ثابت لكن كلماته كانت تحمل ثقل هائل وكأنها ترسم حدود جديدة لحياتي ثم أضاف بعد لحظة صمت لن تتراجعي أيًا كان الثمن سيكون بين يديكِ ستتمكنين من تحقيق ما تريدينه صدقيني .

 

أخذت نفس عميق شعرت فيه بأن الهواء يدخل رئتي ببطء ولكنه يحمل معه قرار نهائي اقتربت من الطاولة حيث كانت الأوراق موضوعة ونظرت إلى العقد مرة أخرى أمسكت بالقلم الذي ارتجف بين أصابعي لكنني لم أتردد وضعت توقيعي على الصفحات الأخيرة بحزم وكأنني أغلق بابًا خلفي وأفتح آخر أمامي.

 

ابتسم وايت ببرود عندما أخذ العقد مني وكأنه يعرف تمامًا أنه قد امتلكني الآن نهض من مكانه بهدوء وأخذ سلاحه ليضعه في خصره ثم التقط هاتفه الذي كان ملقى على الطاولة توجه نحو الباب وقال بكلمات قليلة ولكنها حاسمة :-

 

_ أتبعيني .

قال هذا ثم فتح الباب وخرج بخطوات ثابتة تبعته على الفور غير مدركة تمامًا إلى أين سيأخذني لكنني كنت أعلم أن هذه اللحظة هي نقطة اللاعودة من هنا بدأت رحلة انتقامي ومن هنا سأكملها حتى آخر نفس.

 

عندما خرجت برفقته لفت انتباهي نظرات الاحتقار والحقد التي كانت ماتلدا ترسلها نحوي لم تكن وحدها بعض الفتيات الأخريات كن يراقبنني بنظرات مليئة بالغيرة والحنق لكني لم أعرهن أي اهتمام عدت بنظري نحو ماتلدا وأرسلت إليها نفس النظرات التي كانت توجهها لي في ذهني كان وعد صامت سآخذ ثأري منها مهما كلفني الأمر هي التي كانت تعاملني معاملة الكلاب سأجعلها يومًا ما تتوسل الرحمة مني ولن أعطيها إياها.

 

واصلت السير مع وايت حتى غادرنا المنزل أخيرًا شعرت للحظة بقليل من الحرية عندما لامست أشعة الشمس بشرتي وداعبت النسمات الهواء الطلق وجهي ابتسمت دون أن أشعر وكأنني أستعيد جزءًا ضئيلًا من الحياة التي فقدتها منذ زمن بعيد لكن تلك اللحظة لم تدم طويلًا.

 

كان وايت يراقب تصرفاتي بنظراته الثاقبة فأعادني إلى الواقع بصوته الأجش المفعم بالبرودة :-

 

_ أستقفين هكذا كالحمقاء .

محوت الابتسامة عن شفتي على الفور وتوجهت نحوه بسرعة أمام المنزل كانت ثلاث سيارات سوداء متوقفة وكل واحدة منها يحيط بها رجال ذوو بنية ضخمة يرتدون ملابس سوداء مما زاد من أجواء الغموض والرهبة استقل وايت إحدى السيارات وركضت لأجلس بجانبه خلف السائق بمجرد أن استقر بنا المكان التفت السائق نحوه وقال باحترام واضح :-

_ سيدي الى أين تريد الذهاب ؟

أجاب وايت بهدوء :- الى منزل الغابة .

عندما نطق تلك الكلمات شعرت بأن قلبي قد انقبض في صدري لماذا يريد أن يأخذني إلى منزل الغابة؟ هل ينوي التخلص مني؟ لا... لا هذا مستحيل لو كان يخطط لقتلي لفعلها حين كنت في منزل ماتلدا إذًا ما الذي يدور في باله؟ تملكتني الحيرة وقررت أن أسكت طوال الطريق كان وايت منهمكاً في قراءة بعض الأوراق التي تحملها يداه بينما بدا لي الوقت وكأنه يتوقف عن الجريان كل دقيقة كانت تمر كأنها قرن كامل والطريق طويل ووعر لم يساعد على تهدئة أعصابي المشتعلة.

 

أخيراً توقفت السيارة أمام منزل ضخم ومثير للإعجاب تصميمه المعماري كان خلاباً بكل المقاييس يجمع بين الفخامة والبساطة بطريقة ساحرة نزل وايت من السيارة بهدوء وأشرت لنفسي أن أتبعه بعد أن أعطى بعض التعليمات للرجال الذين كانوا معنا أشار إلي بالدخول مشى بخطوات ثابتة ورأسه مرفوع واضعاً نفسه بتلك الهيبة التي اعتدت رؤيتها فيه كنت أراقب المكان من حولي بذهول منجذبة بجمال المنزل وتفاصيله الرائعة.

 

دخلنا إلى الداخل وفور فتح الباب اشتعلت الأضواء تلقائياً كما لو كانت مبرمجة مسبقاً لتستجيب لحركتنا جلس وايت على الأريكة الوثيرة وقال بنبرة هادئة لكن حازمة :-

_ أجلسي أمامي .

جلست حيث أشار لي محاولة إخفاء ارتباكي بينما كنت أفرك يدي ببعضهما في حركة لا شعورية تعكس التوتر الذي استولى علي تجاهل وايت علامات قلقي وبدأ بالكلام بصوت هادئ لكنه حازم :-

_ و الآن ستخبرينني كل شي .

رفعت رأسي نحوه غير متأكدة مما يعنيه سألت بصوت خافت :-

_ ما الذي تريد أن تعرفه بالضبط ؟

_ كل شيء منذ ولادتك الى اليوم هذا .

أخذت نفساً عميقاً وأدركت أنه لن يكون هناك مهرب بدأت أسرد له كل ما أعرفه عن حياتي منذ طفولتي الأولى وحتى اللحظة التي فقدت فيها والدي تحدثت عن الرجل الغامض الذي قتل والدي ذلك الظل الذي لا يزال يطاردني في ذاكرتي وعن معاناتي الطويلة في منزل ماتلدا وكيف كانت حياتي مليئة بالقسوة والظلم لم أنسَ أن أخبره عن رغبتي الجامحة في الانتقام من الشخص الذي دمر حياتي ومن ماتلدا التي جعلتني أعيش في ظلم وجحيم استمع وايت إلي بصمت ثم أخذ لحظة قبل أن يتحدث بنبرة أكثر جدية :-

 

_ هممم أتعلمين أن والدك هو الذي تسبب بمقتله و مقتل زوجته .

نظرت إليه بذهول غير قادرة على استيعاب ما قاله  سألت بارتجاف واضح في صوتي :-

_ كيف هذا ؟

بدأ يشرح لي الحقيقة المخبأة خلف سنوات من الألم والأسئلة :-

_ سأخبرك ... والدك كان من أفضل الرجال في عالم المافيا كان وحيد لا عائلة لديه فقد تخلى عنه والديه منذ أن كان صغير و دخل الى عالم الأجرام و المافيا و كان الأفضل بين الجميع لكن أحب والدتك لذا أبتعد عن عالم المافيا بسبب زوجته و التي هي والدتك لتكوين أسرة لكن هذا لم يعجب الكثيرين لذا الرجل الذي لا تعرفين أسمه حتى هو من قتل والدك بسبب أنه أعتبرها خيانة لتركه المافيا و أن يستقر بحياة جيدة بعيدة عن الجميع من يدخل لعالم المافيا لن يخرج منه ألا و هو جثة لذلك قامو بقتله مع زوجته .

 

كانت تلك الحقيقة تشق طريقها إلى قلبي كالخناجر الحادة كيف يمكن لوالدي أن يكون واحداً من القتلة المأجورين؟ كيف له أن يكون جزءاً من عالم المافيا ذلك العالم الذي يتنفس الموت والدمار؟ هذا لا يمكن أن يكون حقيقياً... أبي كان رجلاً لطيفاً حنوناً مع الجميع ومعي ومع أمي لم يكن هناك أي شيء في سلوكه أو كلماته يوحي بأنه قد يكون مرتبطاً بعالم الجريمة لا... لا أستطيع تصديق هذا الكلام.

 

تدفقت الدموع بغزارة من عيني رافضة الاستسلام للحقيقة التي كان وايت يحاول إقناعي بها بدأت بصوت مرتجف :-

_ أ... أنت ... تكذب صحيح ؟

_ أنا لا أكذب يا صغيرة ... عليكِ تقبل هذه الحقيقة .

صرخت بانفعال رافضة حتى فكرة أن يكون على حق كنت أريد أن أثبت أنه مخطئ أن أسمع منه عكس ما قاله: -

_ كيف علمت بالأمر أنت تتهم دون أي دليل .

صوته كان هادئاً لكنه حمل ثقلاً لا يمكن إنكاره :-

_ أنا زعيم المافيا يا صغيرة كل صغيرة و كبيرة تحدث في هذا البلد أنا لي علم بها والدك كان أحد رجالي الذين أعطيهم المهام الخطرة في القتل .

نظراته كانت تعكس الحقيقة الصارخة لم يكن فيها أي شك أو تردد هو... هو زعيم المافيا زعيم ذلك العالم الذي يقتل بلا رحمة والذي لا يرحم أحداً كيف لي أن أتورط مع شخص مثله؟ كيف لي أن أثق به؟ كان يجب أن أبتعد منذ البداية أن لا أتورط مع زعيم القتلة مع الرجل الذي لا يعرف الرحمة مثله مثل كل من في عالمه.

 

نظرت إليه بيأس وأنا أحاول جمع شتات نفسي بعد أن انهارت كل أوهامي حول والدي لماذا أشعر بالضعف الآن؟ لو لم يكن والدي جزءاً من عالم المافيا لما قتل لو لم يختر هذا الطريق لكان الآن بجانبي لماذا... لماذا تركني وحدي؟ لا... لا أريد أن أصدقه لا أريد أن أصدق أن كل ما يقوله هو الحقيقة كل ما يقوله مجرد هراء.

 

ثم قالها وايت بنبرة حازمة ولكن هادئة :-

_ سأساعدك في الانتقام فكل شيء بين يدي أنا لكن ليس أنا من علي قتلهم بل أنتي .

توقفت عن البكاء فجأة وحدقت فيه بذهول :-

_ ما الذي تقصده ؟

أجاب وايت بنبرة هادئة لكنها حازمة :-

_ ستكونين تلميذتي النجيبة و ستدخلين بعالم المظلم سأكون لكي أسمك الذي يهابه الجميع و ستكونين بمحل والدك .

اتسعت عيناي دهشة وأجبته على الفور بصوت مرتجف :-

_ أتطلب مني أن أصبح قاتلة ضمن صفوف المافيا؟

أجاب دون تردد :-

_ أجل ستكونين سلاح القتل خاصتي ... بهذه الطريقة ستستطيعين الانتقام لمقتل والديكي .

جلست صامتة غارقة في التفكير أنا الآن بلا عائلة وحيدة تماماً إذا لم أوافق فإلى أين سأذهب؟ هل سيعيدني إلى ذلك البيت الذي عانيت فيه كل هذه السنوات؟ أم أن نهايتي ستكون على يديه مباشرة؟ لن أستطيع تحقيق الانتقام إذا ظللت ضعيفة وغير مؤهلة ربما علي أن أكمل الطريق الذي بدأته حتى لو كان ذلك يعني الغرق في الظلام رفعت رأسي نحوه وسألت بجدية :-

_ ما الذي يجب علي فعله لكي أكون قوية ؟

لاحظت شبه ابتسامة تتسلل إلى ثغره ثم جاءني صوته العميق والواثق :-

_ ستمكثين هنا اليومين القادمين لأخذ قسط من الراحة سأعد لك خطة تدريبية شاملة أمام الناس جميعاً ستكونين ابنتي ليكون لديك الحق في المطالبة بما ترغبين به وبعد ذلك ستخضعين لتدريب مكثف تحت إشرافي الشخصي لتكتسبي القوة التي تحتاجينها لتحقيق هدفك.

توقفت للحظة عند كلماته الأخيرة وسألت بتردد :-

_ أبنتك ؟

أومأ وايت برأسه بهدوء وكأن الأمر طبيعي تماماً بالنسبة له :-

 _ نعم ابنتي بهذه الطريقة ستكونين محمية ومقبولة في هذا العالم لن يجرؤ أحد على التشكيك في وجودك أو مقاومة أوامرك ستكونين جزءاً من العائلة وستحصلين على كل ما تحتاجينه لتحقيق غايتك.

 

شعرت بداخل نفسي صراعاً بين الخوف والطموح كيف يمكنني أن أقبل بهذا الدور الجديد؟ أن أصبح ابنة زعيم المافيا وأن أدخل عالماً لا أعرف عنه سوى الألم والدمار؟ لكن في الوقت نفسه كانت فكرة الانتقام تشتعل في صدري كالنار لم يكن لدي شيء آخر أتمسك به ولا أي هدف آخر أسعى لتحقيقه :-

_ حسناً ....

_  أما العائلة ستعرف من أنتي لا تخافي فانتي في المستقبل ستكونين مفيدة لي .

لم أجبه. اكتفيت بالموافقة بهزة رأس بسيطة وكأنني قبلت المصير الذي وضعني أمامه :-

_ غرفتك في الطابق الأعلى على اليمين ثاني غرفة أذهبي و أستحمي و سيأتي الحراس بملابس لكي بعد قليل مع الطعام .

 

صعدت السلالم نحو الغرفة التي دلني عليها وايت  الرجل الذي عرفت اسمه بعد أن سألته عنه مباشرة كانت الغرفة واسعة بشكل لافت وفي وسطها سرير يبدو أنه مصمم للراحة المطلقة لفت نظري وجود بابين أحدهما يؤدي إلى غرفة الملابس والآخر إلى الحمام دخلت إلى الحمام لأجد نفسي أمام أجواء من الفخامة البسيطة بدأت بتعبئة حوض الاستحمام بالماء الساخن وعندما امتلأ بما يكفي خلعت ملابسي وجلست داخله مغمورة حتى ذقني في المياه الدافئة.

 

شعرت للحظة بأنني أتنفس الصعداء منذ زمن بعيد لم أشعر بهذه الراحة ولم أحظ بلحظة هدوء كهذه تذكرت كيف كانت أمي تعد لي الحمامات المعطرة عندما كنت صغيرة وكيف كنت مدللة للغاية في تلك الأيام البعيدة لكن هذه الذكريات الجميلة تحولت بسرعة إلى شعور بالحزن العميق تنهدت بعمق محاولة طرد كل تلك المشاعر المؤلمة من ذهني.

 

حاولت التركيز على اللحظة الحالية وأخذت نفساً عميقاً لأشحن طاقتي بدأت أفكر بطريقة أكثر وضوحاً ومنهجية ما الذي يجب أن أفعله للتخلص من ذلك الرجل الذي دمر حياتي؟ كيف يمكنني الوصول إلى هدفي دون أن أفقد نفسي في الطريق؟ كان علي أن أخطط جيداً وأن أستغل كل ما سيقدمه لي وايت لتحقيق غايتي.

 

 

خرجت من الحمام و أنا ألف نفسي في المنشفة الكبيرة لأجد ملابس على السرير كانت راقية و جميلة جداً و نظرت الى الملابس لأخذ التشيرت الأسود و البنطال الأسود و الحذاء الأسود كان جميعها باللون الأسود لم أهتم كثيراً للون فحياتي أصبحت مثل هذا اللون لذا الألوان لم تعد موجودة الى أن أنتقم الألوان لم تعد موجودة في حياتي الآن لم تعد هناء أشياء تزينها سوى الدماء و السواد .... حملت شعري الذي قد طال كثيراً و لم أتمكن من قصه على الأطلاق ...

 

أنهيت ارتداء الملابس ووقفت أمام المرآة محدقة في انعكاسي لفترة طويلة الهالات السوداء تحت عيني كانت تروي قصة الأرق والألم الذي عشته طوال هذه السنوات وجسدي النحيل والشاحن كان يعكس ضعفي الجسدي والنفسي وجهي فقد بريقه وأصبح باهتاً وكأن الحياة نفسها انسحبت مني شعرت بغصة حزن تتسلل إلى قلبي وأنا أفكر في حالتي... كيف كانت حياتي يوماً ما وكيف أصبحت الآن كم أنا حزينة على نفسي وعلى ما آلت إليه الأمور.

 

ابتلعت غصتي بصعوبة وهي تخنق أنفاسي وكأنها تحاول منعي من التنفس لكنني لم أستسلم خفضت بصري عن المرآة وتوجهت نحو الدرج  إلى الطابق السفلي نظرت حولي بحذر مستكشفة المكان بصمت ثم تذكرت الورقة الصغيرة التي كانت موضوعة فوق الملابس عندما فتحتها سابقاً وجدتها تحمل مخططاً بسيطاً للمنزل كان التصميم واضحاً ومباشراً مما جعل من السهل علي تحديد الطريق إلى المطبخ كنت أشعر بالجوع والعطش معاً ولم يكن هناك وقت أفضل من الآن لأشبع رغبات جسدي البسيطة.

 

 


دخلت إلى المطبخ لأجد وايت هناك وقد خلع سترته ليبدو أكثر استرخاءً كان يرتدي قميصاً أنيقاً وأكمامه مرفوعة إلى منتصف ذراعيه بينما يتحرك بمهارة بين الأواني والمكونات واضعاً لمساته الأخيرة على الطعام رائحة الأطباق الشهية كانت تملأ المكان مما جعل معدتي تُصدر أصواتاً عالية نتيجة الجوع الذي لم أشعر به بهذا الشدة منذ فترة طويلة.

 

بسرعة توجهت نحو الثلاجة وأخذت منها زجاجة ماء بارد ثم شربتها بنهم حتى آخر قطرة أثناء ذلك شعرت بنظراته تلاحقني وكأنه يراقب كل حركة أقوم بها بدقة وكأنه يحاول فهم شخصيتي بشكل أعمق أو ربما يدرس ردود أفعالي بتأنِ.

 

جلست على أحد الكراسي القريبة من الطاولة بينما واصل هو إعداد الطعام بهدوء وتركيز بدا أن الفضول قد استولى علي فقد أردت أن أسأله عن شيء أثار انتباهي :-

 

_ أنت رجل غني لما أنت تقوم بالطهي لما لا يوجد طاهي  ؟

رد علي دون أن ينظر نحوي كلماته هادئة و باردة جداً :-

_ هذا المنزل متروك ألا نادراً ما نأتي هنا لذا لا يوجد هناك طاهي .

شعرت بأن علي تقديم المساعدة بدلاً من الجلوس بلا عمل :-

_أمم حسناً . .... هل تريد أي مساعدة .

نظر إلي للحظة قبل أن يجيب بإشارة خفيفة نحو أحد الأدراج :-

_ الصحون في ذلك الدرج ضعيها على الطاولة مع عدة الطعام .

نفذت طلبه بهدوء وبدأت أرتب الصحون وأدوات الطعام على الطاولة بعناية بعد لحظات جاء وايت حاملاً الطعام وبدأ بتوزيعه بين صحني وصحنه لاحظت أنه وضع كمية أكبر بكثير من الطعام في صحنى مقارنة بصحنه وكأنه كان يعلم تماماً مدى جوعي الشديد لم أسأله عن السبب ربما كان يدرك أنني لم أتناول وجبة مريحة منذ فترة طويلة.

 

جلست لأبدأ تناول الطعام بصمت كنت أشعر بالجوع يأكلني من الداخل لذا لم أتردد في التهام كل ما في الصحن بسرعة طهوه كان لذيذاً بشكل لا يصدق  نكهات متوازنة ومتناغمة وكأنها تحمل توقيعاً شخصياً فريداً عندما انتهيت من الصحن الأول شعرت بأنني ما زلت بحاجة إلى المزيد أخذت كمية أخرى من الطعام حتى شعرت بأن معدتي بدأت تؤلمني قليلاً بسبب الفراغ الطويل الذي عاشته قبل أن تمتلئ بهذه السرعة لكنني لم أهتم لذلك الألم فقد كان شعوراً مألوفاً بالنسبة لي ولم يكن أكثر من مجرد ثمن بسيط للشبع الذي افتقدته طويلاً.

بينما كنت أتناول اللقمة الأخيرة رفعت بصري نحو وايت كان يجلس بهدوء في الجهة المقابلة يراقبني دون أن ينبس ببنت شفة نظراته كانت مليئة بالتفكير وكأنه يحاول قراءة كل شيء بداخلي من خلال ملامحي شعرت بقليل من الحرج لكنني لم أظهره بدلاً من ذلك قلت بصوت هادئ :-

 _ الطعام كان لذيذاً جداً لم أكن أتوقع أنك تجيد الطهي لهذه الدرجة.

أن هذا الأنسان لا يبتسم أطلاقاً فقط يكتفي بعطائي نظرة باردة كالجليد قال :-

 _ كل شخص لديه مهارات خاصة به بعضها يكون ظاهراً للجميع والبعض الآخر... يبقى مخفياً حتى الوقت المناسب .

 

شعرت بأن كلماته تحمل دلالات أعمق مما يبدو عليها هل كان يلمح إلى شيء يتعلق بي؟ أم أنه كان يتحدث عن نفسه فقط؟

بعد لحظات من الصمت أضاف وايت بنبرة أكثر جدية :-

 _ من الآن فصاعداً ستحتاجين إلى أن تكوني أكثر تنظيماً الجوع مثل هذا يمكن أن يجعلك ضعيفة وغير قادرة على التركيز لا يمكنكِ تحمل هذا النوع من الإهمال إذا كنتِ تريد أن تصبحي قوية بما يكفي لتحقيق هدفك.

نظرت إليه باهتمام وأدركت أنه كان يتحدث بمنطقية صارمة كان يتعامل معي كمشروع يجب تطويره وليس مجرد شخص يحتاج إلى المساعدة شعرت بمزيج من الامتنان والحيرة هل كان يفعل كل هذا لأنه يريد حقاً مساعدتي؟ أم أن هناك شيئاً آخر يخطط له؟

_ حسناً...

 قلت بصوت متردد :-

_ سأحاول أن أكون أكثر تنظيماً لكن ما الخطوة التالية؟

 _ غداً سنبدأ التدريب سيكون عليكِ أن تتعلمي الكثير... ليس فقط كيفية القتال ولكن أيضاً كيفية التفكير والتخطيط هذا العالم لا يرحم الضعفاء وأنتِ الآن جزء منه.

 

 

مر أسبوع كامل منذ أن استقررت في منزل الغابة حيث قضيت وقتي بين التخطيط والتدريب وايت كان مشغولاً برسم الخطط بدقة متناهية لضمان أن كل شيء سيكون جاهز ليأخذني إلى منزله الأصلي حيث يعيش مع عائلته هناك قدمني كجزء من العائلة الجميع استقبلوني بحرارة وسعادة لكن وايت كان مختلف تماماً تعامله معي كان مليء بالتناقضات أحياناً كنت أشعر بالكره في نظراته وأحياناً أخرى كان حضوره يثير بداخلي شعور بالندم العميق.

 

بعد ذلك ظهرت بيلا وهي فتاة أخرى ستدخل نفس العالم المظلم الذي كنت أغرق فيه تدريجياً وايت وآرثر أصبحا المسؤولين عن تدريبنا لم أكن أتصور أن التدريبات ستكون بهذا الشكل المرعب كانت خطة وايت الخاصة بي  التي وضعها لتحولي إلى شخص "قوي"  أشبه بحرب نفسية وجسدية مستمرة القسوة كانت جزء أساسياً من يومياتنا بالنسبة لي كانت المعاملة أكثر صعوبة تلقيت ضربات متكررة عقوبات قاسية ولم يكن هناك أي رحمة في عينيه عندما يتعلق الأمر بإلحاق الألم بي لكن ما جعلني أصمت ولم أبدِ أي اعتراض هو الهدف الذي كنت أسعى إليه الانتقام.

 

تدريجياً أصبحنا مجرد أدوات في هذا العالم جعلونا نشاهد عمليات القتل أمام أعيننا حتى أصبحنا غير مبالين تماماً المشاعر الإنسانية بدأت تتلاشى رويداً رويداً داخلنا أصبحنا مثلهم بلا قلب بلا مشاعر بلا رحمة حياتنا أصبحت تدور حول الدماء والقتل فقط تنظيم الوقت كان دقيقاً للغاية كنا نستيقظ في الصباح الباكر ونبدأ يوماً مليئاً بالتحديات الجسدية والنفسية لنعود إلى غرفنا في الليل منهكين تماماً لا نملك حتى الطاقة لتحريك أصابعنا.

 

في بعض الأحيان كان وايت يشركنا في مهام حقيقية ليرى مدى تقدمنا هذه التدريبات استمرت لأربع سنوات طويلة وقاسية أشبه بالجحيم على الأرض خلال تلك الفترة أصبحت مقربة جداً من بيلا الفتاة التي تشاركني نفس المصير وكانت أخت وايت بشخصيتها الدافئة وحنانها المستمر تقدم لنا الرعاية والاهتمام أحببتها كثيراً وشعرت أنها تعوضني عن فقدان عائلتي دائماً ما دعمتني وجعلتني أشعر بأنني لست وحدي.

 

لكن وايت... كان دائماً الشخص الأكثر قسوة في تعامله معي كلماته كانت قليلة لكنها تحمل ثقلاً كبيراً رغم ذلك كنت أجد نفسي متعلقة به بشكل غريب كان يضمد جراحي بعد التدريبات القاسية ويحرص على العناية بشعري كما كانت والدتي تفعل ربما كان هذا النوع من الاهتمام البسيط هو ما جعلني أشعر بالأمان في وجوده شيئاً فشيئاً بدأت أدرك أن حبي له قد نما في أعماقي دون أن أشعر أصبحت مهووسة به.

 

خلال تلك السنوات تحولت إلى ما أرادني أن أصبح عليه وحش قاتل سلاح أجرام مثالي لم أعد أشعر بأي مشاعر إنسانية كنت ألتزم الصمت ولا أتحدث إلا عند الضرورة أصبحت باردة كالجليد وكأنني نسخة طبق الأصل من وايت نفسه لكن رغم كل ذلك كان هناك شيء واحد ظل يطاردني لماذا أشعر بهذا الحب العميق تجاه الرجل الذي صنع مني هذا الوحش؟

 

 

الى أن أتى اليوم الذي أعطاني معلومات قاتل والدي اشتعلت حقد ذهبت أنا و هو الى منزله في الليل تركت لبيلا و آرثر أمر الحراس لأتوجه الى بيته كان دخلت و قد  قبض الرجال على عائلته و هو أيضاً لم يكن يدري بأمر المداهمة كان خائف بشدة و زوجته تبكي و أبنته كانت بعمر كبير هي و زوجها جلس وايت على الأريكة ليضح قدم فوق الأخرى و يشاهد ما سأفعله ....

 

كمية الحقد التي كانت تغلي بداخلي كانت أشبه بإعصار لا يمكن إيقافه الغضب الرغبة في الانتقام والحاجة إلى إلحاق الألم بكل من يمت له بصلة كانت تستحوذ على كل مشاعري لم يكن هناك مكان للرحمة أو الشفقة بعد الآن بدأت بزوج ابنته  لم أشعر برغبة في تعذيبه كان الموت السريع هو ما يستحقه رفعت سلاحي بهدوء وضغطت على الزناد رصاصة واحدة فقط استقرت في منتصف جبهته وأسقطته أرضاً دون أي مقاومة.

القاتل الذي كان يشاهد المشهد بذهول ممزوج بالخوف بدأ يصرخ بصوت مختنق :-

 

القاتل :- اللعنة من أنتي وايت لما تقتل عائلتي ما الذي فعلناه .

كان صراخه يتردد في أنحاء الغرفة بينما زوجته وأبنته تبكيان بحرقة ويتوسلان للنجاة لكنني لم أكن أملك أي شعور بالشفقة كنت أراقب معاناتهم وأشعر بشيء غريب يتسلل إلى داخلي ربما كان التلذذ بآلامهم أو ربما كان مجرد انعكاس لسنوات من الألم والظلم التي عشتها.

 

اقتربت منه بهدوء ووقفت أمامه مباشرة نظرت في عينيه اللتين كانتا مليئتين بالخوف والارتباك قلت بصوت هادئ ولكنه حاد كالسيف :-

 

_ ألم تعرفني ... أنا التي قتلت والديها أمام عيناها لترميها في دار الدعارة لتراها مذلولة هناك لم تعلم أنني سآتي للانتقام منك .

ضيق عينيه في محاولة محمومة لاستعادة ذكرياته وكأنه يبحث في أرشيف جرائمه التي لا تعد ولا تحصى بدا لي مشوهاً ومثيراً للقرف أكثر مما تخيلت وأدركت أنه قد فعل هذا الشيء مع العديد من الفتيات الأخريات قتل أهلهن وتركهن لمصير مظلم ولكن بعد لحظات من التوتر اتسعت عيناه فجأة عندما استعاد صورتي من بين تلك الذكريات المؤلمة  قال بصوت مختنق وكأن اسمها كان سكيناً يخترق حنجرته :-

_ أ.... أنتي هي أيف .

ابتسمت ببرود بنظرة كانت مليئة بالانتقام والاحتقار :-

_ أجل أنا هو جحيمك فأهلاً بك في عالمي .

بعد هذه الكلمات استدرت نحو الحراس الذين كانوا يقفون صامتين في الخلفية بانتظار أوامري نظرت إليهم بإشارة واضحة ووجهت إليهم تعليماتي الأخيرة :-

_ أبنته لكم أريد أن تضاجعوها الى أن تلفظ أنفاسها الأخيرة اجعلوها تتمنى لو لم تولد أصلاً  .

صرخت الفتاة بصوت ممزوج بالخوف واليأس دموعها تنهمر بغزارة وهي تتوسل إلينا أن نتركها بدا واضحاً أن الحراس كانوا مترددين للحظة وكأنهم لم يتوقعوا هذا القرار القاسي مني وبينما كانت الفتاة تقاوم بضعف صرخ قاتل والدي بصوت مدو ومليء بالألم :-

_ لاااااا ... لا علاقة لأبنتي أفعلي بي ما شئتي أتركيهااااا .

حافضت على برودة ملامحي على الرغم من النار التي تشتعل بداخلي :-

_ و أنا لم يكن لي ذنب لترميني في ذلك المنزل العاهر بحجة أن يتم استمتاع الرجال بي  .

صرخت على الحراس الذين كانو مترددين بقراري :-

_ نفذووووو ما أقوله لكمممممم .

ليتسارعو الى الفتات التي كانت تبكي بقوة لم أتجرء على النظر لها فقط أسمع أصواتهم و هم كالوحوش يمزقون جسدها لم يكن لي ذنب أنا أيضاً لقد كنت صغيرة في حضن والديها تستمتع بالحياة البسيطة لقد قتلو سعادتي دون رحمة لن أكون رحيمة معهم لن أتنازل عن انتقامي كان يصرخ بي و يبكي على أبنته و يغضب و لكن لا يستطيع فقد كان مقيد و أبتنه تغتصب من قبل 40 رجل .

 

 أخرجت الخنجر الذي كان بجيب بنطالي لأتوجه الى زوجته التي كانت بدورها تنحب و تبكي على ما حدث لهم اقتربت منها لأمرر الخنجر على وجهها ببطء و هي تتخبط و تصرخ من الألم شوهت وجهها بشكل مرعب و كأنني أكتب لحن الموت في وجهها صوتها العالي في الصراخ يكاد يصل للجحيم بعد أن نقشت وجهها بخنجري بدأت أمرره على جسدها قطعت أصابعها ببطء لتشعر بكل الآلام التي في الحياة و كلما فقدت وعيها أعيدها لوعيها و أكمل تعذيبي بدأت بتقطيعها .

 

و زوجها كان يشاهد و ينتحب و يتوسلني أن أدعها لكن لم تكن لي أذان صاغية له بمجرد أن لمست شفرة الخنجر جسدها بدأت أشق طريقتي عبر بطنها ممزقة إياها ببطء حتى انسكبت أحشاؤها على الأرض أمام الجميع صرخت للحظات الأخيرة قبل أن تسقط جثتها أرضاً وتلفظ أنفاسها الأخيرة الدماء غمرت المكان كبحر عميق وكل شيء حولنا أصبح ملطخاً بلونها الأحمر القاني.

 

القاتل كان في حالة يرثى لها انهار تماماً غير قادر على تحمل رؤية فلذة كبده تقتل بهذه الطريقة الوحشية ابتسمت بخبث وأنا أقترب منه نظرته المليئة بالألم واليأس كانت تعزف لي سيمفونية الانتقام التي كنت أنتظرها طويلاً :-

 

_ هل عجبك العرض ... أنه رائع ليس كل الأشخاص يحضون بهكذا عرض مميز أنه مخصص لك فقط .

_ اللعنة عليكِ أيتها السافلللللة العاهرررررة ليتنيييي قتلتك كوالديكِ العاهرين .

لم أبدِ أي رد فعل على كلماته كنت قد اعتدت على سماع مثل هذه الإهانات منذ زمن طويل نظرت إليه بتعبير بارد وقلت بهدوء :-

_بدأت أمل من صراخك هذا .

وقفت خلفه لأمسك برأسه و أمرر خنجري على طول عنقه و أصبح الدماء يتطاير كالبركة ....

 

لقد انتقمت حققت انتقامي أخيراً لقد فعلت ما كنت أنتظره فلماذا قلبي يألمني لما النار لا تزال مشتعلة في داخلي ... انتقمت من قاتل والدي لكن والداي لن يعودا لي ....

 

بأساً لهذه الحياة التي تجعل منا نقوم بما لا نريد أنها تقتلنا ونحن على قيد الحياة لترقص فوق جثث روحنا ...

 

ماتت أبنته و زوجها و زوجته و هو ... هذا الذي أردته تعذيبه و من ثم قتله ...

 

كنت في غرفتي بعد أن استحممت من الدماء التي كانت على ملابسي و يداي أنضر الى الفراغ في غرفتي لا أعلم ما الذي أفعله و ما الذي أشعر به أردت فقط أن أكون بين أحضان والدي أن أكون معهم أردت هذا بشدة ...

 

_ ما الذي تفكرين به .

جفلت على صوت وايت المألوف والمثير للرهبة في الوقت نفسه التفت بسرعة لأجد نظراته الثاقبة تخترقني وكأنه يستطيع قراءة كل فكرة مخفية داخل عقلي همست بصوت خافت غير قادرة على إخفاء دهشتي من وجوده فجأة في غرفتي :-

_ زعيم ؟

اقترب مني بهدوء ونظرات عينيه كانت تحمل شيئاً عميقاً لا أستطيع فك شفرته سألني بنبرة هادئة لكنها حازمة :-

_ لما هذا النظرات التي أراها  عل عيناكِ ؟

أنزلت رأسي ببطء محاولة أن أبتلع الغصة التي كانت تخنقني وأمنع صوتي من الارتجاف حاولت أن أجيب بكلمات ثابتة لكن الألم كان واضح رغم محاولاتي لإخفائه :-

_ لقد انتقمت ... لقد فعلت ما أريده طوال تلك السنين ... لكن النار لا زالت في داخلي هي تحرقني كالجحيم لا أعلم كيف أطفأها .

 

شعرت بالدموع تتجمع في عيني وهي شيء لم أسمح لنفسي بإظهاره منذ سنوات طويلة منذ أن جئت إلى منزل وايت علمت أن البكاء علامة ضعف وأن الضعفاء لا مكان لهم في هذا العالم لكن الآن لم أستطع السيطرة على مشاعري الدموع كانت قريبة جداً من الانسكاب ولم أكن أعرف كيف أمنعها.

 

شعرت بأصابعه الباردة ترفع ذقني بلطف لتجبرني على النظر في عينيه مباشرة كانت نظراته مليئة بشيء لا يمكنني وصفه ربما كان خليطاً من الحزم والحنان الخفي قال بصوت أجش يحمل في طياته ثقلاً غامضاً :-

 

_ لن تنطفئ هذه النار بمجرد انتقامك أيف ستبقى هذه النار مشتعلة داخلك لكن ستتعايشين لقد أحسنتِ الانتقام صغيرتي .

نظر إلي وايت بعمق ثم مرر أصابعه الباردة على وجنتي كانت بشرتي ساخنة من الداخل لكن لمساته كانت باردة كثلج الشتاء هذا التباين بين حرارة روحي وبرودة لمسته كان له تأثير غريب ومريح في الوقت نفسه شعرت بأنني أغرق في لحظة هدوء مؤقتة بعد عاصفة من الألم والغضب تابع وايت كلامه بنبرة أكثر هدوء وكأنه يتحدث إلى نفسه أكثر من كونه يخاطبني :-

 

_ تنتظرك أيام كثيرة أيف كوني على استعداد لها فقد دخلتي الى عالمي .

وقفت صامتة عاجزة عن الرد بينما واصلت أصابع وايت الباردة التحرك على وجنتي كان لمسه خفيف لكنه حمل ثقل غامض وكأنه يرسم حدود العلاقة الجديدة التي أصبحت تربطني به ثم سحب يده فجأة وعاد إلى هدوئه المعتاد ذلك البرود الذي لا يمكن اختراقه قال بصوت مقتضب وخالٍ من أي عاطفة :-

_ الدموع هي مجرد ضعف مؤقت لن تكوني قادرة على النجاة في هذا العالم إذا استمريتِ في السماح لنفسك بالانكسار عند كل لحظة ألم.

نظرت إليه وعيناي لا تزالان ممتلئتين بالدموع غير المنسكبة لكنني حاولت أن أتماسك كلماته كانت كالسيف  حادة ومباشرة بلا أي رحمة أو تعاطف لم يكن هناك مكان للضعف أمامه  تابع بنبرة باردة وهادئة :-
_ أيف لقد كنتِ مشروع انتقام طوال هذه السنوات الآن وبعد أن حققتِ ما خططنا له يجب أن تتذكري شيء واحد الانتقام ليس نهاية الطريق إنه مجرد بداية جديدة وما دمتِ جزء من هذا العالم الآن فإن كل قرار تتخذينه سيؤدي إلى عواقب أكبر وأعمق عليكِ أن تكوني مستعدة لذلك.

 وضع يديه خلف ظهره كأنه يتحدث عن أمر عادي لا يحمل أي أهمية نظر بعيداً نحو النافذة حيث كانت السماء مظلمة تماماً وكأنها تعكس حالته الداخلية ثم أضاف بصوته الجليدي :-
_ لن أعطيكِ خياراً آخر إما أن تكوني قوية بما يكفي لتواصلي المشوار أو ستغرقين في الظلام الذي خلقته بنفسك لا مكان هنا للضعفاء ولا للذين يبحثون عن السلام ....  السلام ... هو مجرد وهم.

 

شعرت بأن كلماته تخترقني كالسكاكين لكنني حاولت أن أظهر بعض القوة رفعت رأسي ومسحت الدموع بسرعة قبل أن تسقط ونظرت إليه مباشرة صوتي كان مرتجفاً لكنني أجبرت نفسي على الكلام :-
_ وماذا لو لم أستطع؟ ماذا لو شعرت بأنني لا أملك القوة الكافية بعد الآن؟

ابتسم وايت ابتسامة صغيرة لكنها كانت خالية من أي دفء عاد ليواجهني ونظرات عينيه كانت كجدران صماء لا يمكن اختراقها قال بهدوء مخيف :-
_ الأمر لا يتعلق بما إذا كنتِ تستطيعين أم لا الأمر يتعلق بما إذا كنتِ مستعدة لدفع الثمن الحياة ليست رحيمة يا أيف وهذا العالم أقل رحمة إذا كنتِ تريد أن تنجحي عليكِ أن تتعلمي كيف تكونين مثل النار مدمرة لا ترحم ولا تتوقف حتى تحترق كل شيء حولها.

 

توقف للحظة ثم أضاف بنبرة أكثر بروداً :-
_ أنا لم أجعلكِ قوية لأكون لكِ ملجأ أنا صنعتكِ لتكوني سلاحاً وعليكِ أن تختاري الآن إما أن تكوني السلاح الذي لا ينكسر أو أن تكوني الضحية التالية الخيار لكِ.

 

شعرت بالثقل يسيطر على صدري كلماته كانت واضحة جداً  لا يوجد طريق للعودة إلى الوراء كنت قد عبرت نقطة اللاعودة منذ زمن طويل ولم يعد هناك مكان للضعف أو الشك نظرت إليه مرة أخرى وهذه المرة كانت نظرتي تحمل نوعاً من العزم رغم الألم الذي لا يزال يمزقني من الداخل :-

_ فهمت...

 

نظر ألي بنظرات لم أفهمها في حياتي و قال بصوت عميق :-

_ فتاة جيدة .....

 

 


تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. جميله اوي اوي اوي بجد الاضافات الجديده جعتلها أكثر من رائعة ♥️

    ردحذف

إرسال تعليق

أكتب التعليق على هذا المدونة و البارتات لأستمرارنا بكتابة الروايات و جعل الأمر ممتع و مهم ....