القائمة الرئيسية

الصفحات

بارت 1( عرين الشيطان )




رجاءاً لا تنسو التصويت و التعليق و التفاعل مع الفقرات و أحداث الرواية ❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

__________________________________

"عندما تسعى لإنشاء صفقة، تذكر أن العميل أو الشريك يهتم أكثر بالنتائج والقيمة التي تقدمها."

جاي كونراد ليفنسون - "التسويق بالاستراتيجيات البسيطة"

__________________________________________________________

في بعض الأحيان يكون العالم مجرد وسيلة. وسيلة نستخدمها لنبرر أخطاءنا أو لنهرب من نتائجها. وسيلة لأقناع أنفسنا بأننا لا نزال نسيطر على مجريات حياتنا رغم أننا ندرك في أعماقنا أن الأقدار تحركنا كقطع شطرنج في يد لاعب مجهول. وسيلة لأخفاء الحقيقة بين ظلال الأكاذيب وسيلة لنخدع أنفسنا بأننا ما زلنا نملك الخيار بينما تسير بنا الحياة نحو مصير لم نختاره يوماً . وسيلة نتمسك بها لنبدو أقوى، رغم أننا نحترق من الداخل، وسيلة للهروب من ماضٍ يرفض أن يُدفن أو لحاضر لا نجرؤ على مواجهته . للبحث عن وجوه لم نعد نذكر ملامحها لكننا نشعر أنها لا تزال تراقبنا في صمت. وسيلة ليختبر صبرنا ليقيس مدى قدرتنا على الاحتمال ليضعنا في مواجهة أنفسنا دون أقنعة دون أعذار ودون مهرب. لجعلنا نلتقي بأشخاص لم نكن نبحث عنهم لكنهم كانوا ينتظروننا طوال الوقت عند المنعطف الأخير. تجعلنا نلتقي بالماضي وجهًا لوجه في اللحظة التي كنا نظن أننا قد تجاوزناه أخيراً . وسيلة لأيهام أنفسنا بأننا نمضي الى الأمام بينما نحن ندور في ذات الدائرة التي رسمها لنا القدر منذ البداية . كم مرة وقفنا على مفترق الطرق نعتقد أن لنا حرية الاختيار بينما الحقيقة أننا كنا نسير في طريقٍ واحد منذ اللحظة التي اتخذنا فيها أول قرار أو ربما قبل ذلك بكثير ....

حين جلست أيلين في زاوية المقهى المزدحم كانت عيناها تحدقان في فنجان القهوة الذي لم تلمسه بعد تراقب الدوامات الصغيرة على سطح السائل الداكن كأنه يقرأ فيها أسرار الماضي . في الخارج كان المطر يتساقط برفق يشبه همسات الذكريات التي ترفض أن تتركه وشأنه . .....

مرت أصابعها برفق فوق حافة الفنجان كما لو كانت تحاول استعادة ملمس شيء ضاع منها منذ زمن . في أعماقها كانت تعلم أن هذا المساء ليس عادياً و أن هذه الطاولة ليست مجرد مكان تجلس فيه هرباً من ضجيج الشارع . كانت تنتظر شيئاً أو ربما شخصًا حتى و أن لم تعترف بذلك لنفسها بعد . فهي تعلم من من تنتظر لم و لن يعد لكنها تستمر بمارسة هذه العادة كل يوم تهرب من عملها لساعة أو ربما ساعتين لتحتسي فنجان من القهوة بذات الطاولة و ذات المكان و ذات نوع القهوة المرة ...

فهي تعلم من من تنتظر لم و لن يعد لكنها تستمر بمارسة هذه العادة كل يوم تهرب من عملها لساعة أو ربما ساعتين لتحتسي فنجان من القهوة بذات الطاولة و ذات المكان و ذات نوع القهوة المرة

ارتشفت أخيراً رشفة من قهوتها الباردة فابتسمت بسخرية يبدو أن بعض الأشياء تماماُ كالماضي لا يمكن أن تعود دافئة مرة أخرى . وضعت الفنجان برفق على الطاولة متأملة انعكاس الضوء الخافت على سطحه كأنها تبحث عن أجابة لم تسألها بصوت عال يوماً في الخارج كان المطر قد بدأ يشتد يطرق زجاج النوافذ بإيقاع ثابت يذكرها بتلك الأمسية الأخيرة حين جلست هنا معه قبل أن يتلاشى كما يتلاشى الضباب مع أول خيوط الفجر.

أغمضت عينيها للحظة مستسلمة لذلك الشعور الغريب الذي لا يزال يطاردها مزيج من الحنين والندم ومن أسئلة لم تجد لها إجابة . لماذا تعود إلى هنا كل يوم ؟ هل كانت تنتظر معجزة ؟ أم أنها ببساطة لم تتعلم كيف تودع الأشياء جيداً ؟ على الرغم من أنها ودعت الكثير من الأشياء حولها فما بال تلك الذكريات لا تستطيع توديعها ؟ .....

فتحت عينيها وحدقت في انعكاسها على زجاج النافذة لكن كل ما رأته كان وجهها الشاحب ونظرة عينيها التي تتحول الى البرود كانت نظراتها قاسية على الرغم بما تخفيه ورائها . فمع مرور الوقت بدأت تتحول نظراتها الى شيء أبرد من الجليد و أخطر من الرماد بعد الحريق ....

فمع مرور الوقت بدأت تتحول نظراتها الى شيء أبرد من الجليد و أخطر من الرماد بعد الحريق

تنهدت بصمت سحبت معطفها ببطء ووقفت . الوقت قد تأخر وهي تعلم أن الوقت الذي سرقته سيأتي بنتائج سلبية لكنها لم تكن مستعدة للرحيل بعد . ألقت نظرة أخيرة على الطاولة على الفنجان الذي لم تكمله وهي تتمنى أن لا تعود له مرة أخرى لكن هذه الأمنية التي لا تتحقق و لا يستطيع أحد تحقيقها لها فهي تعلم أنها ستعود لسرقة وقت و ستعود الى هنا يد ....

ابتسمت بمرارة ثم خطت نحو المجهول تاركة وراءها فنجانًا باردًا ... وذكرى لم تعد تعلم إن كانت تخصها أم تخص شخصاً آخر كان يشبهها ذات يوم .

خرجت من المقهى فاستقبلتني نسمة باردة رغم أشعة الشمس الخافتة التي تناثرت على الأرصفة المبتلة. كانت الطرقات لا تزال محتفظة بآثار المطر الذي تساقط فأنعكست السماء على البرك الصغيرة المتناثرة هنا وهناك بينما أمتزجت رائحة الأرض الرطبة برائحة القهوة العالقة في أنفاسي . الشوارع مزدحمة كعادتها أصوات السيارات وقع الخطوات الأحاديث العابرة كل شيء بدا مألوفاً ... لكنه في الوقت ذاته كان غريباً كأنني أنظر إلى العالم من وراء زجاج شفاف أراه بوضوح لكنني لا أشعر بأنني جزء منه ...

شددت معطفي حولي أكثر رغم أن البرد لم يكن شديدًا ربما لأنني كنت أحاول التمسك بشيء مألوف وسط كل هذا الصخب . نظرت إلى السماء كانت غائمة تحمل آثار العاصفة التي مرت تماماً كروحي التي هدأت ظاهرياً لكنها لا تزال تحتفظ ببقايا ما جرفه الزمن .

نفضت معطفي برفق كما لو كنت أنفض عنه بقايا الذكريات التي تلتصق بي في كل مرة أخرج فيها من هذا المقهى . رفعت عيني فرأيت أدريان حارسي الشخصي يقف بجانب السيارة السوداء يفتح الباب بانتظاري كعادته ملامحه ثابتة لا تتغير وكأن المطر الذي غسل الشوارع لم يستطع أن يلامس وجهه الصارم .


دخلت السيارة دون أن ألقي نظرة أخيرة على المقهى من وراء الزجاج فعبء العادة أثقل من حاجة الوداع . سنوات وأنا أكرر هذه الطقوس ببراعة الآلة نفس الكرسي المهترئ عند النافذة نفس القهوة المرة التي تذوب فيها أصوات العالم نفس الطريق الذي صار جزءاً من ذاكرتي الجسدية....

أغلق أدريان باب السيارة خلفي بصمت دون حاجة إلى كلمات لم يسألني إلى أين نذهب ولم أحتج إلى إخباره ، تلتمع في عينيه معرفة صامتة بكل محطاتي .... بينما انهمرت أمطار خفيفة على الزجاج الأمامي من جديد ، كأنها تحاول محو أنعكاس المقهى الذي بقي عالقاً في المرآة الجانبية . أعلم أن رائحة البن المحروق ستعود لتلاحقني في ثنايا الملابس و أن صوت الطاحونة القديمة سيطرق أذني كلما أغمضت عيني . المقهى ليس مكاناً بل ندبة زمنية أحميها من النسيان بزياراتي اليومية ربما لأنني أخشى أن يختفي هو فأفقد ذريعة لوجودي أنا .

أسندت رأسي إلى المقعد أغمضت عيني للحظة تنفست ببطء ثم فتحت عيني أثر رنين الهاتف الخاص بي نظرت الى المتصل كان ميشيل لم أتردد في الرد عليه ليأتني صوته الهادء :-

_ أيلين أين أنتي ؟ لما أنتي لستي في الشركة ؟

نظرت الى الطريق و المطر بعد أن توقفنا عند أشرة مرور كانت حمراء :-

_ كان لدي شيء مهم هل حدث شيء جديد ؟

سمعت تنهيدة طويلة من الطرف الآخر تلاها صوت أغلاق ملف بعنف . كان يعرف كيف يعبر عن غضبه دون كلمات :-

_ لقد أمرنا عمي بأن نجتمع في قاعة الاجتماعات بعد نصف ساعة . أنت تعرفين كيف يكون غاضب إذا تأخرنا .

تنهدت و أنا أنظر الى أدريان :-

_ لا تقلق ميشيل ساكون هناك بالوقت المحدد .

ليقول آخر جمله قبل أن يغلق الهاتف :-

_ حسناً كوني حذرة في الطريق فهي تمطر بغزارة قولي لآدريان أن ينتبه على الطريق .

أومأت برأسي في صمت ، لكن الهاتف كان قد انقطع بالفعل وضعت الهاتف جانباً :-

_ أدريان علينا أن نكون في الشركة بأسرع وقت .


كانت أجابته مختصرة هزة رأس صغيرة منحنية بإحترافية كعادته في تنفيذ الأوامر دون جدال لم يطل الأمر حتى أصبحنا أمام مبنى الشركة الشاهق أوقف أدريان السيارة السوداء عند باب المدخل الرئيسي ليخرج بسرعة وينحني قليلاً وهو يفتح المظلة نحوي ثم فتح باب السيارة من جانبي بهدوء انحدر صوته الحاد كشفرة مصقولة :-

_ تفضلي سيدتي .

_ شكراً أدريان .


خرجت من السيارة مسقطة نظرة على شاشة هاتفي: 5:25 مساءً الاجتماع المهم يبدأ بعد خمس دقائق تقدمت بخطوات سريعة و لكنها ثابتة نحو المصعد الزجاجي المخصص للمدراء ضاغطة على زر الطابق العشرين انعكست ملامحي الباردة على جدران المصعد اللامعة عينان رماديتان بلا وميض النظرات الباردة التي في ملامحي تعطيني ملامح جدية و قوية و هذا ما أريد أن يراه الناس صممت ملامحي لتخفي أية بصمة ضعف هذا ما أريده هالة من الجليد تحيط بي تردع الفضوليين وتجعل حتى أنفاسهم تتجمّد أمامي


بعد ثوان انفتح الباب بخفة تقدمت في الممر الطويل و صدى خطواتي الحادة يقطع صمت المبنى المهيب من بعيد لمع ضوء خافت من تحت باب قاعة الاجتماعات اقتربت واضعة يدي على المقبض الفضي... لحظة واحدة أخذت فيها نفساً عميقاً كتمته في صدري كرصاصة جاهزة للانطلاق ....

دفعت الباب بقوة مدروسة فانفتح على صالة واسعة يغمرها ضوء ذهبي خافت حول الطاولة الزجاجية الطويلة نظرت الى الأشخاص الموجودين حول الطاولة و الذين كانو ينتظرون قدومي لتتجه عيني الى أبي الذي يرأس طاولة الأجتماعات لم يكن في المكان سوى أبي و أبن عمي ميشيل علمت أن الشيء الذي يريدون الأجتماع به بهذه السرية أمر مهم و معقد في ذات الوقت :-

_جلسي

أمر أبي أطعته متوجهة إلى المقعد المقابل مبتعدة عن ميشيل الذي احتل مكاناً بجانب أبي على اليسار بينما يبقي المقعد الأيمن شاغراً كرسالة صامتة عن هرمية لا أستطيع تجاوزها ليبدأ ميشيل بمد لي مجموعة من الملفات ألقيت نظرة عليها كانت تحتوي على مبنى أو الأصح كانت خرائط و مشاريع لعمل فندق في بقعة معينة كنت أتصفح الأوراق ليبدأ أبي بالحديث عن المشروع و عن ما أهميته لدينا بصوته البارد و الجدي و لا يستطيع أخفاء أنزعاجه من بين نبرة صوته و كلماته :-

_ المشروع جاهز بطريقة مثالية لكن هناك مشكلة واحدة و هي أهم المشاكل و أكثرهن تعقيداً .

أغلقت الملف لأنظر ببطء الى أبي و نظراتي تنتظر منه أنهاء كلماته لأعلم مدى عمق المشكلة ليتنهد و هو يضرب بالقلم على طاولة الأجتماعات بغضب مكبوت :-

_ لقد ذهبنا أنا و ميشيل الى نيكولاس غارسيا عارضين عليه صفقة بمشاركته معنا المشورع لأن الأرض أرضه و نحن نريد أن نبني الفندق في تلك البقعة و لكن اللعنة هو لا يوافق دون تقديم أي سبب و لا يوافق فقط .

نظراتي كانت متوجهة على القلم الذي كان بيد أبي و هو كان ينقر على الطاولة بتوتر و سخط لثواني معدودة تأملت القلم لكن تفكيري لم يكن معه كان عند نيكولاس غارسيا

نيكولاس غارسيا .... نيكولاس غارسيا .... تردد أسمه على مسامعي .... تقطع اسمه في الهواء كإبرة جليدية تدق على زجاج الرجل الذي حول اسمه إلى أسطورة ملياردير إسباني يسحر أمريكا من شرقها إلى غربها صاحب سلسلة الفنادق الشهيرة في ( لاس فيغاس – نيويورك – لوس أنجلس – شيكاغو – ميامي – أورلاندو(ديزني ) – المكسيك ) لكن نفوذه لا يقتصر على الفنادق فحسب بل يمتد إلى الموانئ أيضاً حيث يملك تأثيرًا قوياً في ( ميناء لوس أنجلس الذي يقع في خليج سان بيدرو – و ميناء لونغ بيتش وهو قريب من ميناء لوس أنجلس – ميناء سافانا في جورجيا – ميناء هيوستن في تكساس – ميناء نورفولك في فيرجينيا – ميناء أوكلاند في كاليفورنيا ) و غيرها من الموانئ ألا أنني قد علمت أنه يهتم بميناء ( ميناء نيويورك و نيوجيرسي و ميناء سياتل تاكوما في واشنطن و كيناء ميامي في فلوريدا ) و لحسن الحظ نحن من نملكها أي نحن لدينا النفوذ الأكبر في هذه الموانئ مما يعني أن أعماله هناك لا يمكن أن تتم دون موافقتنا ....

التفت الى أبي محاولة اختراق صمته الحجري محاولة فهم دوافعه الحقيقية ثم سألته بنبرة تحمل شيئاً من الاستنكار :-

_ لماذا أنت مهتم بتلك الأرض نحن لا أضن أننا بحاجة لنفوذ و سلطات و أموال أكثر من التي لدينا لماذا لا تقيم الفندق ببقعة أفضل من تلك .

أوقف نقر القلم على الطاولة لينظر لي ببرود و رفع حاجبه نحوي :-

_ ومنذ متى أبرر ما أريد فعله أيلين ؟

اصطدمت نظراتنا كسيفين الغرفة تكثفت بحرارة صراع صامت ... حتى تدخل ميشيل بتهكمه المعتاد وكأنه يذكرني بضرورة ضبط نفسي أخذت نفساً عميقاً ثم قلت محاولة كبح غضبي :-

_ أسفة سيد آليسون .

قلتها وهو يعلم أن كلماتي لم تكن آسفة و لا تحمل معنى للأسف لكنه تجاهل الأمر ولم يبعد عينه عني لينقر بالقلم من جيد و كانت رنين كلماته مع رنين القلم يخترق عقلي كأنها ضربات على أوتار مشدودة و أنا في صمت تام :-

_ أنا يجب أن أحصل على تلك الأرض أريد ذلك الفندق في تلك البقعى لا غريها و سأحصل عليها "مهما كان الثمن " يجب أن أحصل على تلك الأرض لبناء الفندق بها .

كانت كلماته تحتد عند " مهما كان الثمن " نظرت أليه بعدم أهتمام لأهمهم له و أعدل جلستي :-

_ سأجعله يوافق .

ميشيل الذي ألتزم الصمت طوال الوقت تدخل أخيراً قائلاً بتحذير واضح :-

_ أيلين هل أنتي متأكدة أن نيكولاس غارسيا شخص ليس بالسهل و أيضاً هو شخص مختل عقلياً و متكبر أضافة الى كونه مستفز و أنتي لا تستطيعين تحمل المستفزين .

التفت إليه بابتسامة خفيفة :-

_ لا تقلق ميشيل ... في النهاية هو ليس سوى رجل آخر مثل غيره .

أخذت الملفات ونهضت من مقعدي وأنا أضيف بثقة :-

_ سأدرس كل التفاصيل ثم سأرتب موعداً شخصياً مع سكرتيرته .

نظرت الى والدي وهو ينظر ألي دون أن يقول أي كلمة واحدة كالعادة و لم يعد يهمني هذا الأمر شيء فقد أعتدت على جفافه العاطفي و بروده و هذا شيء لا أهتم له و لن يغير شيء لكن نظرات ميشيل القلقة لم تترك عيناه ...

تركت صالة الأجتماعات و أنا أحمل الملفات في يدي و أسير بثبات و ثقة نحو المصعد متجهة الى الطابق ال18 هو القسم الخاص بالموارد البشرية و الذي كنت أنا المسؤلة عنه و أنا مديرة هذا القسم توجهت الى مكتبي لتأتي من خلفي سكرتيرتي الخاصة لأجلس على المقعد الخاص بمكتبي و أقوم بتشغيل الحاسوب الخاص بي لتبدأ السكرتيرة ميرا بعملها المعتاد :-

_ سيدتي لقد رتبت جدول أعمالك خلال هذا الأسبوع ليس لديك الكثير من الجول المزدحم لكن لديك مقابلات هامة خلال هذا الأسبوع منها لموضفون مهمون تقدمين الى الشركة بكونهم من النخب الكبيرة و ...

قاطعتها و أنا لا أنظر لها :-

_ اتصلي بسكرتيرة السيد نيكولاس غارسيا وحددي لي موعداً معه في أقرب وقت ممكن هناك أمر ضروري يجب مناقشته معه شخصياً .

توقفت للحظة وكأنها لم تصدق ما سمعته ثم تمتمت بتردد :-

_ أتقصدين نيكولاس غارسيا صاحب أضخم سلاسل الفنادق في أميريكا .

نظرت أليها بأنحنائة صغيرة من رأسي إليها بنظرة حازمة :-

_ وهل علي تكرار ذلك حتى تتجاوزي صدمتك ؟ .. همم .

أرتبكت ميرا وهزت رأسها سريعاً قبل أن تعتذر :-

_ آسفة سيدتي ... سأقوم بترتيب الموعد فوراً هل هناك أي شيء آخر تريدينه؟

أغلقت البريد الإلكتروني بعد مراجعة آخر الرسائل الواردة ثم نهضت من مكاني قائلة بجدية :-

_ لا فقط تأكدي من سحب نسختين من آخر بريدين صادرين عن الشركة ضعي إحداهما في الأرشيف والأخرى ضمن التقارير الجانبية للرئيس التنفيذي ... لكن الأهم من ذلك تأكدي من تحديد موعد مع السيد غارسيا فهذا على رأس أولوياتي .

هزت ميرا رأسها تكتب الملاحظات :-

_ حاضر سيدتي .

أخذت الملفات التي يجب أن أنهيها بالإضافة إلى ملفات المشروع الخاص بالفندق والصفقة التي كانت محور هذا النزاع ...

في الخارج كان أدريان ينتظرني بجانب السيارة كما يفعل دائماً بدقة لا تخطئها عين لم أتوقف للحظة وبمجرد اقترابي فتح لي الباب بسلاسة. صعدت الى الداخل وأغلقت الباب بهدوء وفي تلك اللحظة فقط أدركت أن المطر قد توقف . أنطلق أدريان و هو متجه نحو منزلي أخذت الأيباد الخاص بي لأتصفح الأخبار كان اهتمامي منصباً على نيكولاس غارسيا ....

رجل أسباني في منتصف الثلاثينات من عمره استطاع أن يحفر اسمه في عالم الأعمال بوقت قياسي لقبوه بـ "أمبراطور الفنادق" بفضل سلاسل الفنادق الناجحة التي أسسها في مدن أمريكية رئيسية .

لم يكن مجرد رجل أعمال عادي بدأ جمع ثروته في سن مبكرة وبسرعة كبيرة لدرجة أن السلطات العليا في أميريكا بدأت تشكك في مصادر أمواله وتحاول متابعة تحركاته لكن على الرغم من محاولاتهم لم يجدوا ما يعيب عليه وكان سجله نظيفاً تماماً . ما أثار تساؤلاتهم أكثر هو أنه بالرغم من ثروته الضخمة وصعوده المذهل اختار نيكولاس أن يترك أسبانيا بل ويتنقل للعيش في أميركا تاركاً وراءه كل شيء . على الرغم من أنه ولد وترعرع في أسبانيا وقضى فيها جزءاً كبيراً من حياته إلا أنه لم يحقق لنفسه أي سمعة هناك لم يكن له فندق واحد أو ميناء يبرز اسمه في وطنه هذا الموقف الغريب جعل البعض يشكك في نواياه ويطرح العديد من الأسئلة حول الأسباب الحقيقية التي دفعته للانتقال إلى أميركا والابتعاد عن وطنه الأم حتى اليوم يبقى نيكولاس غارسيا لغزاً في عالم الأعمال. سلاسل الفنادق التي أسسها في أميركا جعلته من أشهر رجال الأعمال في العالم ولكن لا يزال هناك سر غامض حول أسباب اختياره الابتعاد عن أسبانيا وعدم استثمار أمواله هناك هل هو هروب من ضغوطات كانت تهدد مستقبله في وطنه؟ أم أن هناك أسرار أكبر من مجرد تجارة الفنادق وراء قراره الغامض؟

كانت الشائعات حول نيكولاس غارسيا كثيرة بل وكأنها لا تعد ولا تحصى من التهرب الضريبي وغسيل الأموال إلى علاقاته غير المشروعة والفضائح الجنسية التي لم يتم التأكد من صحتها هناك أيضاً اتهامات تتعلق بممارسات غير أخلاقية في العمل و ادعاءات بأنه يتحكم في الحكومات ويؤثر على الاقتصاد العالمي بعض الشائعات تذهب إلى أبعد من ذلك حيث يقال أنه قد يكون رجل مافيا أو من أتباع أحدى العصابات وهناك حتى مزاعم بأن شركته كانت تتلاعب بالأرقام المالية لتضليل المستثمرين وكلما تعمقت في هذه الشائعات كلما زادت الحيرة حول شخصيته الغامضة ...

وما يثير تساؤلاتي هو لماذا لا يتخذ أي خطوة لوقف هذه الشائعات رغم أن الحكومة كانت تدرك تماماً كيف وصل إلى القمة بهذه السرعة ومع ذلك لم تتمكن من اكتشاف أي دليل يربطه بأي من هذه الاتهامات العديد من الصحف والشركات الأعلامية حاولت مقابلة نيكولاس وعقد لقاء صحفي معه لتوضيح الحقيقة لكنه دائماً ما يرفض وهو لا يبدو أنه يبالي أو يهتم بردود الفعل التي تثيرها هذه المواقف لا توجد أي معلومات جديدة عنه ولا هو قد صرح بأي شيء يتعلق بحياته أو عمله مما يزيد من غموضه.....

تكلمت الى أدريان و أنا لا أزال أنظر للأخبار بالآيباد :-

_ أدريان هل تعرف شيء عن رجل الأعمال نيكولاس غارسيا .

أتى لي صوته الرسمي و الهادئ :-

_ كل ما أعلم عنه مذكور في الأخبار هو شخص غامض لا يجعل أي أحد يتدخل في حياته لذلك لا أحد يعلم عنه شيء أبداً ما أعلم عنه هو رجل أستفزازي و لا يعرف الرحمة في العمل و لا يهتم لأي شيء و لو كان صغير و لأسباب مجهولة فهو لن يذهب الى أسبانيا و لم يعد ألى مسقط رأسه أبداً

تنهدت لأضع الأيباد جانباً و أنظر الى أنوار المدينة أن السماء توشك على المغيب تمتمت بهدوء :-

_ إذاً يبدو أنني سأحتاج للبحث في المواقع المظلمة .

كان الأمر يبدو صعباً لكنه كان الخيار الوحيد للحصول على معلومات قد تكون حقيقية وسط كل هذا الغموض ....

الإرهاق كان يتسلل إلى جسدي كظل ثقيل فأنا لم أتوقف عن العمل منذ الصباح الباكر سوى لساعة في المقهى كان رأسي ينبض بألم خفيف وكنت بحاجة إلى بعض الراحة قبل أن أفقد تركيزي تماماً . لم تمضي سوى نصف ساعة حتى وصلنا إلى المنزل توقفت السيارة أمام المدخل الرئيسي وسرعان ما نزل أدريان وفتح لي الباب خرجت حاملة معي الملفات وبعض الأغراض التي أحضرتها من المكتب ، نظرت الى أدريان :-

_ أذهب و أرتح أدريان عندما أريدك سأتصل بك .

أحنى رأسه أنحنائة خفيفة :-

_ أمرك .

دخلت إلى المنزل بخطوات مستقرة، متجهة مباشرة إلى غرفتي، لكن صوتًا مألوفًا أوقفني عند عتبة غرفة الجلوس. التفت لأجد مارينا، زوجة أبي، تقف بجوار الباب بملامح هادئة ولكن قلقة نوعاً ما :-

_ أيلين أتيتي مبكراً اليوم هل حدث شيء ما .

أجبتها دون إبداء الكثير من الاهتمام :-
_ لا ... لقد أنهيت عملي في المكتب وسأكمل باقي الأمور هنا .

همهمت مارينا بصمت وكأنها تفكر في شيء ما كانت تدرك جيداً أن الحديث معي عن العمل لن يجدي نفعاً فأنا لا أضع حدوداً بيني وبينه بل أعتبره جزءاً من حياتي وربما هوايتي الوحيدة :-

_ حسناً عزيزتي اذهبي لترتاحي قليلاً هل تريدين أن أناديك للعشاء أم أطلب من الخدم أن يتركوا لك بعض الطعام لتأكليه لاحقاً ؟

نظرت إلى ساعتي لا يزال أمامي ساعتان ونصف حتى يحين موعد العشاء عدت بنظري إليها وأجبت بهدوء :-

_ سأنام قليلًا حتى موعد العشاء، وسأتناول الطعام معكم .

ابتسمت ابتسامة خفيفة وأومأت برأسها :-

_ حسناً كما تشائين .

صعدت إلى غرفتي في الطابق الثاني مستمتعة للحظة بالسكون الذي يلف المنزل كان منزلنا واسعاً مكوناً من ثلاثة طوابق لكل منها طابعه الخاص الطابق الأرضي يضم غرفة الجلوس الفخمة غرفة الضيوف المطبخ مكتب والدي بالإضافة إلى جناح والدي وزوجته مارينا و التي هي والدة نيفين و ماثيو واللذين يضمان غرفة نومهما الخاصة.

أما الطابق الأول فهو مخصص لميشيل و زوجته سيرينا وماثيو حيث يحتوي كل منهما على جناحه الخاص أما الطابق الثاني فهو مملكتي الخاصة التي أشاركها فقط مع نيفين أختي غير الشقيقة كان لكل طابق غرف ضيوف عدة وكل غرفة مجهزة بحمامها الخاص وجميع وسائل الراحة

ما أن دخلت إلى غرفتي حتى شعرت بثقل الإرهاق يتلاشى قليلاً رميت الملفات على المكتب ثم توجهت الحمام مباشراً لأني أشعر بأني أحتاج الى أخذ حمام ساخن سريع خلعت ملابسي لألقيها في سلة الثياب المتسخة و أبعدت ربطة شعري ليتناثر بطوله الناري على ظهري لأفتح صنبور الدوش ليتساقط قطرات الماء الساخنة المنهمرة على جسدي يجعلني أسترخي بصورة رائعة إلى خزانتي وسحبت قميص منزلي قطني مريح بعد أن بدلت ملابسي ألقيت بجسدي على السرير و استسلمت أخيراً لراحة قصيرة كنت بأمس الحاجة إليها ....

صوت طرقات الباب جعلني أفتح عيني بملل أشعر أنني ما زلت بحاجة إلى النوم رنين صوت صغير من خارج الغرفة يستمر في الطرق بشكل مزعج أعلم من الذي يوقظني بهذه الطريقة الطفولية. من غيره؟ ماثيو الصغير. تنهدت وأصغيت إلى صوته وهو يبدأ بالتذمر:-

_ أيلين .... أيلين هياااا أنا أموت جوع هيااااا أستيقضي يا كسولة .... هل تأخذين الوسادة عن حب أم ماذا أيلين ....

زفرت بخنق لأستلقي على ظهري و أتحدث بصوت مرتفع يصل لمسامع الصغير :-

_ أدخل أيها القزم .

وكأنه كان ينتظر إشارة واحدة للدخول إلى غرفتي اقتحمها وأتى إلى السرير ثم ألقى بنفسه بجانبي نظرت إلى وجهه الصغير الملائكي وابتسمت له بشكل عفوي آثار النوم لا تزال بادية على ملامحي التقطت خصلة من شعره ووضعتها خلف أذنه : -

_ ألم أخبرك أن لا توقظني بهذه الطريقة أيها القزم الصغير .

تقوست شفتاه بحزن مزيف :-

_ أنتي لا تستيقظين ألا بهذه الطريقة .

رفعت له حاجبي :-

_ هل جربت معي غير الطرق لتقول هذا .

نظر إلى كل شيء إلا وجهي يحاول إيجاد كذبة مناسبة لكنه لا يعرف كيف يكذب أبداً ضحكت على ملامحه الطفولية :-

_ ماثيو أنا لا أستيقظ سوى بالطريقة اللطيفة أن أردتني أن أستيقظ دون أن أنزعج فالتوقضني بهدوء أتفقنى .

أبتسم لي بمرح :-

_ أتفقنا .

نهضت من فراشي و هو ينظر لي :-

_ أبقى هنا سأذهب لأغسل وجهي و آتي لننزل معاً .

_ حسناً أنا أنتظر .

غسلت وجهي بسرعة وربطت شعري بمشبك ثم خرجت من الحمام وجدته ينظر عبر النافذة هو دائماً يفعل هذا عندما ينتظرني يحب أن يرى السماء كثيراً توجهت للخزانة لأرتدي سترتي الصوفية الدافئة بينما كان ماثيو لا يزال يحدق في الأفق السماء كانت صافية النجوم تلوح في الأفق بخجل نظر إلي وهو يبتسم :-

_ أيلين هل تعلمين أن السماء تبدو كأنها ترسم لنا قصة؟

ضحكت وأومأت برأسي فنيفين قد أثرت بعقله كثيراً :-

_ قصة عن ماذا؟

_ عنا... عن المغامرات التي سنخوضها معاً .

كان ماثيو دائماً ما ينسج الحكايات من خياله الواسع ربما لأنه كان الأصغر بيننا أو ربما لأنه كان يحمل قلباً طفولياً لم يتلوث بعد بصراعات الحياة .... اقتربت منه ووضعت يدي على كتفه :-

_ حسناً أيها الفارس الصغير يجب أن تنتظر مغامراتك غداً لأننا يجب أن ننزل لنتناول وجبة العشاء العائلة ربما في انتظارنا حسناً .

طرب وجهه و كأنه تذكر شيء للتو :-

_ أوه صحيح طعام أمي سيبرد العشاء لا هم سيبردون لا ... يجب أن نذهب العشاء جاهز قالت أمي .

ضحكت على كلماته الغير وزونة لأقدم له يدي :-

_ هيا يا صغير دعنا ننزل للأسفل لتناول العشاء قبل أن يبرد ..

ضحك بعفوية وبراءة ضحكة نقية كنسمات الصباح تحمل في طياتها دفئاً يجعل القلب يخفق بفرح أمسكت بأصابعه الصغيرة بين يدي فهي صغيرة جداً لدرجة أنها تكاد تنزلق من بين أصابعي ومع ذلك كان هناك شعور عميق بالمسؤولية والألفة في تلك اللحظة بدأت خطواتنا البسيطة خارج الغرفة بينما استمر في الثرثرة عن ما يمكن أن يقدمه العشاء الليلة.

_ ربما هناك كعكة

قال بنبرة مفعمة بالأمل وعيناه الواسعتان تتلألآن كالنجوم. ابتسمت له وأجبته :-

_ إذا كانت هناك كعكة فمن المؤكد أنك ستكون أول من يحصل عليها .

بينما كنا نسير عبر الممر الضيق المؤدي إلى السلالم لفت انتباهي صوت ضحكات الآخرين القادمة من الطابق السفلي الجو كان مشبعًا برائحة الأطباق الشهية حيث اختلطت روائح الخبز الطازج مع التوابل الدافئة. حسناً كنت أشعر بالجوع حقاً لأنني فوت طعام الغداء لأنهاء بعض الأمور المتعلقة بالعمل و أشعر بالجوع الكبير ....

عندما دخلنا إلى غرفة الطعام الفسيحة هرول ماثيو نحو والدته التي كانت منهمكة في إعطاء التعليمات للخادمات حول ترتيب الأطباق وتنظيمها بدقة على الطاولة عندما رفعت عينيها ورأتنا، ابتسمت لي وقالت بنبرة هادئة :-

_أوه، أيلين آمل أن ماثيو لم يوقظك بطريقة مزعجة كالعادة ؟

نظرت نحو ماثيو الذي كان يقف بجوارها بابتسامة خجولة فقلت بابتسامة مطمئنة :-

_ وكأنه سيتخلى عن عاداته القديمة! لا بأس لقد اعتدت عليه .

صفعت مارينا جبينها بلطف وهي تردف بتنهيدة محبطة :-

_ أوه هذا الولد لا يتعلم أبداً .

نظرت حولي لأجد أن والدي وميشيل لم يكونا قد انضما بعد يبدو أنهما في الطريق، لكن هناك شخصان آخران ما زالا غائبين سألت زوجة أبي بفضول :-

_ أين نيفين و سيرينا ؟

أجابتني مارينا وهي تواصل تنظيم الأطباق بإتقان :-

_ سيرينا ستأتي بعد قليل و نيفين يبدو أنها لا تريد .

عقدت حاجبي باستغراب ليس من عادة نيفين أن تتغيب عن أي وجبة رئيسية إلا إذا كان هناك أمر ما قد أزعجها سألت بقلق :-

_ هل حدث شيء ؟

تنهدت مارينا وقد أعادت نظرها نحوي بقلق :-

_ لا أعلم ماذا يحدث مع هذه الفتاة. إنها تجعلني أفقد صوابي يوماً بعد يوم حتى أنها لم تذهب اليوم إلى الجامعة رغم أن هذه السنة هي الأولى لها هناك .

شعرت بثقل كلماتها وأدركت أن الأمر يستحق التحقق قلت بحزم :-

_ سأذهب لأراها ريثما يأتي والدي و ميشيل .

صعدت السلالم مجدداً نحو الطابق الذي يحتوي على جناحي وجناح نيفين وصلت إلى غرفتها وطرقت الباب أول مرة لم أسمع أي استجابة فقررت الطرق ثلاث مرات إضافية جاءني صوتها المبحوح من الداخل :-

_ أتركوني لوحدي لا أريد رأية أي أحد .

لم أستطع أن أتركها في هذا الوضع قلت بصوت هادئ ولكن حازم :-

_ سأدخل نيفين .

لم أنتظر إذنها دخلت الغرفة لتجدني أمام مشهد مظلم وثقيل كانت الغرفة شبه مظلمة والجو داخلها مفعم بالحزن والكآبة نظرت حولي بحثاً عن نيفين عاجزة عن رؤيتها في البداية حاجباي التقيا بقلق بينما كنت أحاول تحديد مكانها ثم قلت :-

_ ألكسا أضيئي الأنوار .

في ثانية واحدة فقط، استجاب النظام الذكي الذي زرعه والدي في القصر، وأضاءت الغرفة بنور خافت ولكنه كافٍ لتكشف لي المشهد. رأيت جسدًا ملفوفًا بغطاء عند زاوية رفوف الكتب الضخمة. اقتربت ببطء، ثم جلست على الأرض بجانبها، وأبعدت الغطاء بلطف عنها قلت بقلق :-

_ نيفين ؟

نظرت إلي بعيون حمراء ومنفحة صغيرة محمرة اللون عندما رأيت وجهها المنكسر شعرت وكأن قلبي يعتصر من الألم :-

_ نيفين ما الأمر لماذا أنتي بهذه الحالة... هياا أخبريني ...

وكأن كلماتي كانت المفتاح الذي فتح صمام دموعها بدأت تبكي بشدة وكلماتها كانت متقطعة بالكاد يمكن فهمها :-

_ لقد مات لقد ... لقد مات .

شعرت بالارتباك والقلق يتزايدان سألتها بسرعة :-

_ من الذي مات نيفين اللعنة أخبريني ...

أخيراً وبينما كانت الدموع تنهمر من عينيها قالت بصوت مكسور :-

_ بطل روايتي حبيبي ... لقد مات .... لقد قتلته الكاتبة الحقيرة ..... لقد مات .

للحظة تجمدت في مكاني غير قادرة على استيعاب ما قالته هل هي تتحدث عن شخص حقيقي أم مجرد شخصية خيالية؟ لكن الألم في عينيها كان حقيقياً أكثر مما يمكن تصوره. جلست بجانبها بصمت لحظة أحاول استيعاب كلماتها كنت أعرف مدى شغف نيفين بالأدب والروايات وكيف كانت دائماً تنغمس في عوالم الشخصيات التي تحبها وكأنها جزء منها بالنسبة لها، لم يكن الأمر مجرد خيال كانت الشخصيات تعني لها الكثير وكأنها أصدقاء مقربون أو ربما أكثر. وضعت يدي على كتفها بلطف، محاولة تهدئتها اللعنة أحاول الآن أن أنزل عقلي ليفهم عقلها لتهدئتها قدر الإمكان :-

_ نيفين أعلم أنكي تشعرين بالألم حقاً لكن تذكري أن هذا ليس حقيقياً هو شخصية خيالية وربما يكون موته جزءاًمن القصة التي تحمل رسالة أعمق الكاتبة لم تقتل شخص حقيقي

رفعت رأسها ببطء ونظرت إلي بعينين مليئتين بالدموع والغضب :-
_ لكنها فعلت لقد قتلته دون أي سبب مقنع لقد كان بإمكانها أن تمنحه نهاية أخرى نهاية سعيدة ... لكنها اختارت أن تكسر قلبي .

شعرت بثقل كلماتها كنت أعلم أن الأمر أكبر من مجرد قصة نيفين كانت تعيش في عالم مواز حيث الأدب هو متنفسها الوحيد خاصة في الأيام الصعبة كان عليها أن تجد طريقة للتعامل مع هذا الألم قلت لها بهدوء :-
_ أفهم أنكي تشعرين وكأنكي فقدت جزءاً من نفسك لكن اسمعي ربما عليكي أن تكتبي نهايتك الخاصة له إذا كانت الكاتبة لم تعطه النهاية التي يستحقها فلماذا لا تمنحيه أنتي الحياة مرة أخرى ؟

نظرت إلي بعيناها و أنفها المحمر و كأنها قطعة مارشملو للحظة كدت أضحك على شكلها لكني تصنعت الجدية ... كأن كلماتي قد أشعلت شعلة صغيرة في داخلها ثم همست بصوت خافت و طفولي :-
_ هل يمكنني ذلك؟

ابتسمت لها وقلت بثقة :-
_ بالطبع يمكنك أنتي من عائلة آليسون .... أنتي تملكين القوة لتغيير العالم الذي تؤمنين به لن تتركيه يموت هنا في قلبك .

بدأت تفكر في الأمر وشعرت بأنها بدأت تستعيد بعض من قوتها في تلك اللحظة قررت أن أساعدها على الخروج من ظلمة غرفتها وإعادة الحياة إليها خطوة بخطوة ..... . جلست نيفين صامتة لبعض الوقت تنظر إلى الأرض وكأنها تحاول استيعاب كلماتي كان هناك خليط من المشاعر في عينيها الحزن العميق... الغضب.... والآن... بريق ضئيل من الأمل..... أدركت أنها بدأت تفكر في الأمر بجدية.

قلت لها بلطف محاولة دعم هذا البريق الصغير :-
_ نيفين الشخصيات التي نحبها تعيش دائماً داخلنا الكاتبة قد تكون كتبت نهاية لروايتها لكن ذلك لا يعني أن القصة انتهت بالنسبة لكي يمكنكي إعادة كتابة الفصل الأخير بطريقتك الخاصة أعطيه النهاية التي يستحقها النهاية التي ترضيكي .

رفعت رأسها قليلاً وبدا أن كلماتي بدأت تأخذ طريقها إلى قلبها سألت بصوت هادئ ولكنه يحمل شوقاً واضحاً :-
_ هل يمكنني حقاً أن أفعل ذلك؟ أن أعيد له الحياة ؟

ابتسمت لها ووضعت يدي على يدها بحنان :-
_ بالطبع يمكنكِ القصص ليست مجرد كلمات على الورق إنها انعكاس لأرواحنا وأحلامنا إذا كنتي تؤمنين به فسيظل حياً في قلبك اكتبي له قصة جديدة قصة تجعلك تشعرين بالسلام والسعادة هذه هي قوتك يا نيفين .

بدأت تتنفس بعمق وكأنها تستجمع شتات أفكارها ثم همست بتردد :-
_ لكن... ماذا لو لم أستطع؟ ماذا لو لم تكن الكلمات كافية؟

وقلت بثقة و دون تردد :-
_ كلماتك كافية دائماً أنت تملكين الموهبة والإحساس العميق ربما لن تكون النهاية كما كانت في ذهنك من البداية لكنها ستكون نهايتك أنت وهذا يجعلها خاصة ومميزة و بذات الوقت ستتعلمين لأنك دخلتي مجال مشابه لمجال الكتابة .

نظرت إلي للحظة ثم ابتسمت ابتسامة صغيرة ولكنها صادقة كان ذلك أول علامة على التحسن منذ دخلت الغرفة قالت بصوت أكثر ثباتاً :-


_ سأحاول... سأكتب له نهاية جديدة نهاية يكون فيها بطلاً حقيقياً ولا ينتهي حياته بهذه الطريقة .

وقفت ببطء وساعدتها على النهوض أيضاً كانت غرفتها ما زالت تحمل أجواء الكآبة لكن بدا أن الضوء بدأ يعود إلى عينيها قالت وهي تمسح دموعها الأخيرة :-
_ شكراً لكي أيلين أعتقد أنني كنت بحاجة إلى سماع هذا .

ابتسمت لها وقلت :-
_ نحن جميعاً نحتاج أحياناً إلى شخص يذكرنا بقوتنا عندما ننساها .

أبتسمت نحوي بصدق كانت ترتدي قميص و بيجامة نوم أكبر من حجمها الصغير لذا تبدو كالقطة الصغيرة اللطيفة فقالت :-

_ أنتي الوحيدة التي تعطي أهمية لعالمي الصغير .

وضعت يدي على شعرها بلطف وأخذت أعبث به بأصابعي :-

_ و كأنني أملك مجنونة خيالية غيرك أنا سأتحمل خيالك الصغير لا تقلقي .

ضحكت نيفين بصوت ناعم ضحكة مليئة بالبراءة والنقاء كانت نيفين فتاة لا يمكن وصفها إلا بكلمة واحدة نقية ... بريئة إلى حد بعيد لم تلمسها قسوة الحياة بعد كنت دائماً أحاول حمايتها من هذه القسوة وأفعل كل ما بوسعي لضمان أن تبقى كما هي ناعمة وهادئة كزهور الربيع. حتى صوتها كان يحمل رقة خاصة وكأنه همسة تمر بين أغصان الأشجار في صباح مشمس ....

داخل قلبي كنت أقسم لنفسي أنني سأكون الشوك الذي يحيط بها من كل الاتجاهات حتى لو اضطررت لأن أدفع ثمن هذا الألم بنفسي لن أدع أحداً يقترب منها بما يكفي لإلحاق الأذى بها أو كسر تلك الروح النقية قلت لها بابتسامة مطمئنة :-

_ حسناً يبدو أن الجميع ينتظرنا على مائدة الطعام لا يمكن أن نجعلهم ينتظرون .

هزت رأسها بحركة طفولية وكأنها طفلة صغيرة تبلغ من العمر ست سنوات بدلاً من تسعة عشر عاماً هل حقاً هذه الفتاة في هذا العمر؟ أحياناً أشك في الأمر تنهدت على تصرفاتها البريئة ثم نزلنا معاً إلى الطابق السفلي ....

عندما دخلنا إلى صالة الطعام وجدنا الجميع مجتمعاً حول المائدة نظرت مارينا نحو نيفين بنظرة ممتلئة بالراحة والامتنان ثم ابتسمت بحنان اقتربت نيفين من والدي وقبلته بحب وهي تقول :-

_ بابا حبيبي مرحباً بعودتك .

أبتسم لها والدي بينما تجلس بجانبي قال بصوت دافئ :-

_ صغيرتي الجميلة .

للحظة شعرت بشيء غريب في صدري اعتدت على هذا الشعور .... هذا الألم الخفيف الذي لم يعد يؤلمني كما كان في السابق اعتدت على رؤية التفاوت الواضح في التعامل الحب والمودة الذي يظهره والدي تجاه نيفين مقابل البرود وعدم الاهتمام بي في البداية كان يؤلمني لكن الآن ... لم أعد أشعر به كما كنت ربما اعتدت عليه أو ربما فقدت قدرتي على الشعور به تماماً ....

بدأت أتساءل هل هذا حقيقي؟ أم أنني أتوهم هذا الشعور؟ لا أعلم كل ما أعرفه هو أنني أصبحت فارغة من الداخل بلا مشاعر لأي أحد ربما كان ذلك نتيجة سنوات طويلة من العيش في ظل البرود واللامبالاة ....

بينما بدأت العائلة في تناول الطعام حاولت أن أخفي مشاعري تحت قناع الهدوء والابتسامات البسيطة كنت أتحدث مع الآخرين بشكل طبيعي لكن عقلي كان يدور في دوامة من الأفكار ... في العمل الذي لا ينتهي ... في نيكولاس و الصفقة ... في الكثير من التفاصيل ....

نظرت إلى نيفين وهي تضحك مع ميشيل شعرت بالفخر والسعادة لأنني تمكنت من حمايتها حتى الآن كانت تلك اللحظات كافية لي أن أراها سعيدة وآمنة أما أنا ... فلم أعد أحتاج إلى الكثير ....

بعد انتهاء العشاء، وما تلاه من أحاديث جانبية وحلوى لذيذة بدأ الجميع بالتفرق والعودة إلى غرفهم للراحة والاستعداد ليوم جديد لكنني كالعادة لم أستطع أن أجد لنفسي مكاناً بين تلك اللحظات الهادئة كنت جالسة في غرفة الجلوس الهاتف الآخر بين يدي أتنقل عبر عوالم المواقع المظلمة بحثاً عن أي تفصيل قد يقودني إلى الحقيقة التي أبحث عنها ..... نيكولاس.

ماثيو كان بجانبي، ملفوف في حضني الصغير يشاهد فيلم على شاشة التلفاز لكنه سرعان ما استسلم للنعاس فسقط رأسه بهدوء على قدمي، بينما تنفساته أصبحت أكثر عمقًا وهدوء . نظرت إليه بحنان ملامحه البريئة تجعلني أشعر بالدفء رغم برودة ما أقوم به ولكن هذا الشعور لم يستمر طويلًا عدت سريعاً إلى هاتفي محاولة التركيز على مهمتي ....

بحثت طويلاً في أعماق الإنترنت المظلمة حيث لا قوانين ولا ضوء كل ما كنت أعرفه عن نيكولاس هو أنه بنى إمبراطورية ضخمة وغير قابلة للتفسير بطريقة قانونية إنها كبيرة جداً ومعقدة لدرجة أنني بدأت أشكك حتى في الأسس التي قامت عليها ولكن كما هو الحال دائماً لم أجد شيء لا خيوط لا أدلة لا تفاصيل تذكر كل شيء كان محكم الإغلاق أمامي ...

حتى في مواقع الفضائح والتسريبات التي تفضح رجال الأعمال البارزين لم يكن هناك أي ذكر لاسم نيكولاس لا صور له مع أسرته ولا أي معلومات عن حياته الشخصية الشيء الوحيد الذي تمكنت من العثور عليه في الأخبار الرسمية والصحف الاقتصادية هو أنه يمتلك أخت ولكنها غير موجودة على الإطلاق في أي مجلة أو صحيفة وكأنها شخصية خيالية أو ربما متعمد إخفاؤها عن الأنظار ...

بالإضافة إلى ذلك لديه شريك مقرب جداً وصديق شخصي، وهو رجل إسباني يدعى "لويس رامون. حتى هذا الرجل كان لغزاً محكم لا معلومات عنه تقريباً وكأنه يعيش في ظلال نيكولاس تماماً فقط القليل من الأخبار تشير إلى أن الاثنين يعملان معاً في مجال التجارة الضخمة عبر الموانئ بالإضافة إلى سلسلة من الفنادق الفاخرة ...

كل هذه المعلومات كانت كافية لإشعال فضولي أكثر فأكثر كيف يمكن لإمبراطورية بهذا الحجم أن تعمل دون أن تترك أي أثر؟ كيف يمكن لشخصين بهذه القوة أن يظلا بعيداً عن الأضواء؟ هل هم حقاً مجرد رجال أعمال أم أن هناك شيء أكبر بكثير يجري خلف الكواليس؟

بينما كنت أفكر في كل هذا، لفت انتباهي اسم "لويس رامون" مرة أخرى بدأت أركز عليه بشكل أكبر ربما لو تمكنت من تتبع خطواته سأتمكن من الوصول إلى نيكولاس بعد كل شيء إذا كانا قريبين لهذه الدرجة فلا بد أن هناك نقطة ضعف مشتركة بينهما ....

قررت أن أغير استراتيجيتي بدلاً من البحث المباشر عن نيكولاس سأبدأ بالتركيز على لويس ربما سيكون أسهل في الوصول إليه خاصة إذا كان أقل حذراً بدأت أجمع كل ما يمكنني العثور عليه عنه حتى وإن كانت مجرد شائعات أو تلميحات صغيرة كنت أعلم أن الطريق لن يكون سهلاً لكنني كنت مصممة على المضي قدماً ....

بينما كنت أتصفح البيانات المشفرة والمواقع الغامضة لفت انتباهي خيط جديد هناك شركة صغيرة مرتبطة باسم لويس رامون لكنها ليست ضمن الإمبراطورية الرئيسية كانت شركة صغيرة نسبيًا في أسبانيا و كانت قديمة جداً و يبدو أنها لم تعد ضمن المخططات العملية لهذا لا أضن أنها ستفيدني بشيء و كأنها كانت هذه الشركة مجرد غطاء قانوني في البداية... أم أنها وضعت بعناية كجزء من استراتيجية أكبر لضمان عدم إثارة أي شكوك حولهم؟

تنهدت لا جدوى من مواصلة البحث حالياً وضعت الهاتف في تلك اللحظة دخلت مارينا إلى غرفة الجلوس بنظرة ممتزجة بالتعب قالت وهي تنظر إلي :-

_ أيلين أنتي لم تذهبي للغرفة ...

اقتربت مارينا خطوة نحونا ونظرت إلى ماثيو قالت بصوت هادئ :-

_ أوه هل نام دعيني أحمله لغرفته و أنتي أذهبي و أرتاحي يبدو الأرهاق على ملامحك .

نظرت لماثيو و حملته :-

_ لا بأس مارينا أذهب أنتي سأعيد ماثيو لغرفته و بعد ذلك سأخلد للنوم .

_ حسناً .

حملت ماثيو بحذر متجنبة أي حركة قد توقظه كان جسده الصغير دافئ وتنفساته المنتظمة تعكس حالة من السلام التي نادراً ما نجدها في عالم البالغين مشيت به عبر الممر الطويل المؤدي إلى غرفته .... وضعته برفق على سريره الصغير وغطيته بالبطانية نظرت إليه لحظة قبل أن أغادر الغرفة أغلقت المصابيح لأنير المصباح الذي يحبه كان المصباح و كأنه عرض للنجوم و الفضاء في غرفته بالكامل هو يحب هذا كثيراً أغلقت الباب و ذهبت الى غرفتي و توجهت مباشرة إلى مكتبي في الزاوية فتحت بعض الأوراق التي كنت قد جلبتها معي وأخذت أراجع التفاصيل الأخيرة للصفقة التي خططت لتقديمها إلى نيكولاس غارسيا . كان كل شيء يبدو منظم ومدروس بدقة لكنني كنت أعلم أن التعامل مع رجل مثله لن يكون أمراً سهلاً بعد الانتهاء من المراجعة شعرت بالإرهاق يتسلل إلى جسدي لم أقاوم النعاس وانهمرت على سريري نائمة فوراً .....

في صباح اليوم التالي أنهيت للتو ارتداء ملابسي الرسمية استعداد ليوم عمل جديد اختارت لإطلالتي هذه المرة هاينك أسود أنيق مع سترة و بنطال باللون البيج مما أعطاني مظهر رسمي ولكنه يحمل لمسة من البساطة والثقة جمعت شعري في كعكة مرتبة رغم أن بعض الخصل المتمردة قررت الهروب لتستقر بلطف على جانبي وجهي رششت عطري المفضل ثم نزلت إلى الطابق السفلي حيث كان الجميع مجتمعاً حول طاولة الفطور قلت بصوت هادئ بينما دخلت الغرفة :-

_ صباح الخير .

رد الجميع لكن قبل أن أجلس، رن هاتفي. كانت المتصلة هي ميرا سكرتيرتي أجبت على الفور :-

_ ميرا .

جاءني صوتها الواضح والمباشر عبر الهاتف :-

_ صباح الخير سيدتي أتصلت بك لأخبرك أن لديك بعد ساعة مقابلة مع السيد نيكولاس غارسيا لقد كان من الصعب تحديد موعد هذا الوقت الوحيد الذي يمكنه مقابلتك به .

ابتسمت بخفوت مدركة مدى تعقيد التعامل مع رجل مشغول مثله قلت لها :-

_ لا بأس ميرا شكراً لمجهودك .

أنهيت المكالمة ونظرت نحو ميشيل ووالدي اللذين كانا يراقبانني بفضول قلت لهم ببرود وهدوء :-

_ سأقابل نيكولاس غارسيا بعد ساعة .

تغيرت ملامح ميشيل على الفور وبدا عليه القلق قال بصوت حذر :-

_ حسناً أيلين كوني حذرة هذا الرجل ليس من النوع الذي يمكن التنبؤ بتصرفاته .

_ لا بأس ميشيل أنا أعرف ما أفعله.

تناولت فطوري بسرعة، وشربت قهوتي بنهم، ثم توجهت إلى الخارج. كان أدريان قد جهز السيارة مسبقاً عندما رأيت السيارة السوداء اللامعة تقف عند بوابة المنزل شعرت بأنني على وشك الدخول في واحدة من أهم المواجهات في حياتي المهنية ...

أتجهت بثقة نحو السيارة وجلست في المقعد الخلفي لأقول بهدوء لأدريان :-

_ أتجه نحو شركة نيكولاس غارسيا .

قال بثبات :-

_ حاضر .

أثناء الطريق بدأت أراجع في ذهني النقاط الرئيسية للصفقة التي سأعرضها على نيكولاس كنت أعلم أنني لا أملك سوى فرصة واحدة لإثارة اهتمامه ولذلك يجب أن تكون كلماتي دقيقة ومقنعة ...

بعد حوالي نصف ساعة وصلنا إلى مبنى الشركة الضخم الذي يديره نيكولاس كان المبنى يعكس قوة وهيبة الرجل تصميمه الحديث وزجاجه العاكس للضوء كانا يعبران عن الإمبراطورية التي يديرها بكل براعة وغموض توقفت السيارة عند المدخل ونزلت منها بثقة بينما كانت عيناي تبحثان عن أي تفصيل قد يساعدني في فهم المزيد عن هذا الرجل ....

دخلت إلى المبنى حيث استقبلني أحد الموظفين بإشارة احترام واقترب مني قائلاً :-
_ الآنسة آليسون ؟ السيد غارسيا ينتظرك في مكتبه .

أومأت له برأسى ثم تبعته عبر الممرات الواسعة حتى وصلنا إلى المصعد أثناء صعودي إلى الطابق العلوي شعرت بأن قلبي ينبض بقوة كنت أعلم أنني على وشك الدخول إلى عرين الشيطان وأن كل كلمة سأقولها ستكون تحت المجهر ...

عندما فتحت أبواب المصعد وجدت نفسي أمام مكتب زجاجي ضخم حيث كان نيكولاس غارسيا جالساً خلف مكتبه الضخم محاطاً بكومة من المستندات والملفات التي تبدو وكأنها تمثل جزء صغير من الإمبراطورية التي يديرها بدا أكثر فرضاً وحضوراً مما كنت أتخيله في الصور التي رأيتها كانت ملامحه حادة كالصخرة ونظراته باردة كجليد الشتاء تحمل في طياتها ثقة مطلقة وهالة من السلطة التي لا يمكن إنكارها.

شعرت للحظة بأنني صغيرة أمام هذا الرجل لكنني سرعان ما استجمعت قواي كنت أعلم أنني هنا لهدف واضح ولا يمكنني السماح لنفسي بالانجراف وراء مشاعر التوتر ....

بخطوات ثابتة وواثقة توجهت نحو مكتبه حافظت على نظراتي باردة ومباشرة وكأنها درع يحميني من تلك الهالة القوية التي يفرضها وجوده عندما اقتربت شعرت بأنه لاحظ ذلك رفع رأسه ببطء ونظر إلي بنظرة متفحصة عيناه حادتان كالسيف وباردتان كجليد الشتاء لم يكن في تلك العيون أي دفء بل كان هناك نوع من التحدي الصامت وكأنه يختبرني منذ اللحظة الأولى ...

وقفت أمام مكتبه بهدوء ولم أترك أي تفاصيل تفلت مني نظرت إليه مباشرة في عينيه وقلت بصوت هادئ ولكنه مفعم بالثقة :-
_ صباح الخير سيد غارسيا شكراً لاستقبالك لي .

لم ينبس ببنت شفة فوراً بل واصل النظر إلي بتلك النظرة الثاقبة التي تجعلك تشعر وكأنه يقرأ أفكارك دون أن ينبس بكلمة ثم بعد لحظات من الصمت المطبق قال بصوت عميق ورزين :-
_ وقتي ضيق جداً سنيورا آليسون أبدئي .....

.

.

.

ما رأيكم في البارت الأول ؟

أيلين ؟

نيكولاس ؟

نيفين ؟

ماثيو ؟

ميشيل ؟

مارينا ؟

ديفيد والد أيلين ؟

شنو أكثر مقطع حبيتو ؟

شنو أكثر شي ما حبيتو ؟

رأيكم يهمني ؟

و أخرررررر شي لا تنسون التصويت و التعليق بين الفقرات أحبكم هواااااااي ❤❤❤❤❤❤


 

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

أكتب التعليق على هذا المدونة و البارتات لأستمرارنا بكتابة الروايات و جعل الأمر ممتع و مهم ....